مصرف “سيليكون فالي”: أسباب الانهيار.. وهل هذه بداية أزمة مصرفية؟

ترجمة هنا لبنان 15 آذار, 2023

ترجمة “هنا لبنان”

قبل أربعة عقود، أبصر مصرف “سيليكون فالي” النور في كاليفورنيا المعروفة ببراعتها التكنولوجية، ونمت المؤسسة لتصبح البنك السادس عشر في الولايات المتحدة والتي بلغت قيمتها أكثر من 200 مليار دولار، حيث تلبي الاحتياجات المالية لشركات التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، قبل أن تؤدي سلسلة من قرارات الاستثمار المشؤومة إلى انهيارها.

– ماذا حدث للمصرف؟

كان مصرف “سيليكون فالي” المفضل لقطاع التكنولوجيا، إذ كانت خدماته مطلوبة بشدّة طيلة فترة جائحة كورونا. وسرعان ما أفسحت صدمة السوق الأولية للوباء في أوائل عام 2020 الطريق لفترة ذهبية للشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا الراسخة، حيث أنفق المستهلكون مبالغ كبيرة على الأدوات والخدمات الرقمية.

واستخدمت العديد من شركات التكنولوجيا مصرف “سيليكون فالي” للاحتفاظ بالمال المستخدم في كشوف المرتبات ونفقات الأعمال الأخرى، مما أدى إلى تدفق الودائع. واستثمر المصرف جزءًا كبيرًا منها، كما تفعل المصارف عادة.

وبدأ الانهيار عندما استثمرت الودائع بكثافة في السندات الحكومية الأمريكية طويلة الأمد، بما في ذلك تلك المدعومة بالرهون العقارية.

ولكن السندات لها علاقة عكسية مع أسعار الفائدة، فعندما ترتفع الفائدة تنخفض أسعار السندات، وعندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بسرعة لمكافحة التضخم، بدأت محفظة سندات المصرف تفقد قيمة كبيرة.

وإذا تمكن المصرف من الاحتفاظ بهذه السندات لعدد من السنوات حتى تنضج، فسيستعيد رأس ماله. ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية خلال العام الماضي، وتأثر شركات التكنولوجيا بشكل خاص، بدأ الكثير من عملاء المصرف بسحب ودائعهم.

ولم يكن لدى المصرف ما يكفي من السيولة النقدية، ولذلك بدأ ببيع بعض سنداته بخسائر فادحة، مما أثار مخاوف المستثمرين والعملاء. واستغرق الأمر 48 ساعة فقط بين الوقت الذي كشف فيه عن بيع الأصول وانهيارها.

– ما الذي أثار التهافت على المصرف؟

نظرًا لأن المصارف تحتفظ فقط بجزء من أصولها نقدًا، فإنها تكون عرضة للطلب من العملاء، وفي حين أن مشاكل المصرف تنبع من قراراته الاستثمارية السابقة، فقد بدأ التشغيل في 8 آذار وذلك عندما أعلن عن زيادة رأس المال بقيمة 1.75 مليار دولار، وقال للمستثمرين إنه بحاجة إلى سد فجوة ناجمة عن بيع محفظته من السندات التي تتكبد الخسائر.

وقال فاريبورز موشيريان البروفيسور في جامعة “نيو ساوث ويلز” ومدير معهد التمويل العالمي بأن الجميع أصبح قلقًا لأن المصرف كان يعاني من نقص في رأس المال.

وأصبح العملاء الآن على علم بالمشاكل المالية المتعلقة بالمصرف، وبدأوا بسحب الأموال بشكل جماعي. وعلى عكس بنك التجزئة والذي يلبي احتياجات رجال الأعمال والأسر، فعملاء مصرف “سيليكون فالي” يمتلكون حسابات أكبر بكثير، وهذا يعني أن تدفقات المصارف كانت سريعة.

وبعد يومين من إعلان مصرف “سيليكون فالي” بأنه سيزيد رأس المال، انهار المصرف الذي تبلغ قيمته 200 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل فشلاً ذريعاً في الولايات المتحدة وذلك منذ الأزمة المالية العالمية.

– هل هذه بداية أزمة مصرفية؟

تم احتواء المخاوف الفورية من انتشار العدوى المصرفية وذلك من خلال استجابة الحكومة الأمريكية السريعة بضمان جميع ودائع العملاء، وارتفعت العقود الآجلة المالية التي تسمح للمستثمرين بالمضاربة على تحركات الأسعار المستقبلية لقطاع التكنولوجيا الأمريكي استجابة للضمانات.

وكانت هنالك مخاوف من أنه إذا لم يتم تنفيذ هذا الضمان، فلن يتمكن أصحاب حسابات مصرف “سيليكون فالي” من دفع رواتب الموظفين، ما سيؤدي إلى حدوث مشاكل اقتصادية.

وتقوم الحكومات والهيئات التنظيمية في جميع أنحاء العالم، وبما في ذلك في المملكة المتحدة وأستراليا، بالتحقق من تعرض المصرف في قطاعي الشركات والقطاع المصرفي. وكانت الأسئلة المتكررة هي إذا كان ضعف المصرف أمام ارتفاع أسعار الفائدة يتوازى مع المصارف الأخرى من خلال التعرض المفرط لانخفاض أسعار السندات، ويقول موشيريان إنه لا يعتقد أن النظام المصرفي على وشك الانهيار، فإنه يشير إلى أن الناس قد شعروا في البداية أيضًا أنه تم احتواء أزمة الرهن العقاري الثانوي، مما أدى إلى اندلاع الأزمة المالية العالمية.

ولمواجهة المخاطر، كشف الاحتياطي الفيدرالي عن برنامج جديد يسمح للبنوك باقتراض الأموال المدعومة بالأوراق المالية الحكومية لتلبية طلبات عملاء الودائع، وتم تصميم هذا لمنع المصارف من إجبارها على بيع السندات الحكومية، وعلى سبيل المثال تلك التي فقدت قيمتها بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.

وكان مصرف “سيليكون فالي” يلبي احتياجات المنطقة، ويدعم الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا الأخرى التي لا تقدر المصارف التقليدية على التعامل معها .

وفي الأشهر الأخيرة ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية عمد قطاع التكنولوجيا إلى تقليص عدد الموظفين. وفي الوقت الذي يحتاجون فيه إلى دعم مالي، انهار أحد أكبر مؤيديها.

هل من خطة للإنقاذ؟

الحكومة لا تريد أن تنقذ المصرف، وسيبقى منهاراً أو سينتهي به الأمر مع الأصول المتبقية الموزّعة على الدائنين، ما لم يتمكن المشتري من إعادتها إلى الحياة.

ومع ذلك مددت الوكالات الأميركية مساء الأحد ضماناً لتغطية جميع الودائع في البنك، وكذلك للعملاء في مؤسسة “Signature Bank ” والتي انهارت خلال عطلة نهاية الأسبوع. وهذا يعني أن العملاء في مصرف “سيليكون فالي” سيكونون قادرين على الوصول إلى جميع أموالهم صباح يوم الاثنين.

وبالنسبة للمساهمين في المصرف وبعض الدائنين غير المضمونين فهم ليسوا محميين بالضمانات.

هل سيؤثر ذلك على أسعار الفائدة؟

عمدت البنوك المركزية حول العالم إلى رفع أسعار الفائدة خلال العام الماضي لكبح التضخم المرتفع، ومع تحرك الولايات المتحدة من الصفر القريب إلى أكثر من 4.5٪ بوتيرة سريعة.

يتوقع معظم المتنبئين ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا قبل أن تستقر.

وسيتم الآن اختبار الرغبة في الاستمرار في رفع أسعار الفائدة إذ أصبحت البنوك المركزية قلقة من أن مشاكل مصرف “سيليكون فالي” تشير إلى ضعف أوسع في الميزانيات العمومية للشركات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.

المصدر: The Guardian

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar