سنة 2022 ليست سنة 1988!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
لا تزال الجهود المبذولة على المستوى المحلي للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يشكل مخرجاً للأزمة الراهنة على المستويات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والماليّة دون المستوى المطلوب وأغلب الظن أن ذلك يحصل عن سابق تصوّر وتصميم.
معظم البنود التي يطلبها الصندوق لتوقيع الاتفاقيّة مع لبنان باتت معروفة ومن أهمها إقرار قانون “كابيتال كونترول”، إقرار خطة التعافي الاقتصادي، إقرار مشروع الموازنة العامة ومشاريع أخرى ذات صلة. عمليّاً، لم يحصل أي تقدّم في أي من هذه الملفات الحيويّة. حتى خطة الكهرباء التي كان من المفترض أن يشكل إقرارها رسالة إيجابيّة بأن ثمّة نوايا سياسيّة حقيقيّة بإطلاق عجلة الإصلاحات، تحتاج بذاتها إلى الكثير من الإصلاح!
لم يقتنع العهد يوماً بالإصلاح إلا من باب إطلاق الشعارات الاستهلاكيّة الشعبويّة التي لا تقدّم ولا تؤخر، وهو لا يتوانى عن التحالف الانتخابي مع القوى التي يتهمها بالفساد فقط بهدف النجاح بتأليف كتلة نيابيّة وازنة حتى ولو عاد وتفرّق عن هؤلاء بعد يومٍ واحد من إتمام الاستحقاق الانتخابي.
المهم أن البلاد دخلت عمليّاً في مناخ الانتخابات النيابيّة التي سوف تطغى على كلّ ما عداها من الآن وحتى موعد إجرائها ما لم يتم “تطييرها” من قبل محور الممانعة سواء عبر الحزب القائد أو حلفائه الصغار والكبار منهم. وعمليّاً، توقع الكثير من الحكومة في أسابيعها الأخيرة يبدو ضرباً من الخيال وهي التي حالت سياسات العهد دون أن تحقق ما كان مطلوباً منها تحقيقه في أسابيعها الأولى.
المشكلة الحقيقيّة ليست في ما تبقى من الوقت المستقطع قبل الانتخابات، فبعض القيادات السياسيّة قلّما اكترثت للوقت وأهميته في العلاجات الاقتصاديّة. المشكلة أنه ليس هناك ما يُبشّر حقاً بأن تكون مرحلة ما بعد الانتخابات أفضل مما قبلها، وألا يكون التغيير المنتظر على المستوى المطلوب.
الكلام السياسي الهام الذي يتحدّث به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وفتحه المبكر لملف الانتخابات الرئاسيّة له دلالاته وإشاراته المبطنة وخيبة أمله من العهد الحالي. ولكن الأهم من اليأس من العهد هو البناء لانتخاب رئيس جديد يحظى بثقة اللبنانيين أولاً والعرب والمجتمع الدولي ثانياً، وبالتالي قطع الطريق على أي تفكير جهنمي جدي بالتمديد أو البقاء عنوةً في قصر بعبدا، وهذا بالضبط ما يقوم به البطريرك الماروني.
إذا كانت بكركي قد وضعت خطاً أحمر في السابق على إسقاط رئيس الجمهوريّة في الشارع، وهذا موقف يحتمل نقاشاً عميقاً لا سيّما أن ثمّة سوابق سجلها التاريخ في هذا المجال ولم يؤثر ذلك على الموقع الماروني الأول في الجمهوريّة؛ ولكن على الأقل هي تنادي اليوم باحترام الدستور والإقلاع سلفاً عن أية مقاربات لا تعدو كونها هرطقة سياسيّة لتمديد إقامة رئيس الجمهوريّة في بعبدا. سنة 2022 ليست كسنة 1988!
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |