صيغة ميقاتي بين تبديل وتغييب وتجاوز لتفاهمات… وإصرار رئاسي على شراكة التأليف


أخبار بارزة, خاص 30 حزيران, 2022

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان” :

بعد الأخذ والرد حول من سرّب الصيغة الحكومية التي تسلمها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، يُنتظر ما سيخرج به اللقاء بينهما بعد أن وضع رئيس الجمهورية ملاحظات عليها، وما ستؤول إليه الأمور إن لجهة إجراء تعديلات عليها أو طرح صيغة أخرى تراعي مسألة الشراكة في التأليف، ومن غير المستبعد أن تطرح أكثر من مسوّدة حكومية قبل الاتفاق النهائي.
وفي هذا الإطار لفتت مصادر مطلعة لموقع “هنا لبنان” إلى أنه في قراءةٍ لهذه الصيغة يمكن تسجيل سلسلة من الملاحظات أبرزها:
أولاً- هناك تبديل في مذهبية بعض الوزارات وقد شمل هذا التبديل وزارات الطاقة والمهجرين والاقتصاد والصناعة فيما لم يشمل أي تبديل في مذهبية الحقائب الأخرى باستثناء تبديل وزير المال بآخر من المذهب نفسه وبالتالي لا بد من استيضاح الرئيس المكلف عن الأسباب التي دفعته إلى إجراء هذا التبديل واقتصاره على هذه الوزارات، علماً أن إحدى الوزارات الأساسية أي وزارة الطاقة تدخل ضمن توزيع متساوٍ للوزارات التي تعتبر أساسية على كل الطوائف ولا سيما الطوائف الكبرى منها.
صحيح أن الرئيس المكلف لم يبدل بمذهبية الحقائب المعروفة سيادية لكنه بدّل بحقيبة متعارف عليها أساسية

ثانياً- بدا وكأن الصيغة المقدمة قد تجاوزت بعض المواقف التي صدرت لا سيما من رئيس الجمهورية وعدد من الكتل النيابية حول وجوب تأليف حكومة سياسية إلا أن ما تبيّن أن الحكومة قد بقيت نوعاً ما “تقنية” علماً أن الرئيس عون أو بعض الكتل قد أكدت أهمية قيام حكومة بمشاركة سياسية نظراً لحساسية المرحلة.

ثالثاً- كان هناك تفاهم قبل التكليف على عدم توزير نواب أو مرشحين خسروا الانتخابات حتى لا تكون الحقائب الوزارية نوعًا من ترضية للخاسرين إلا أنه في هذه الصيغة حصل خرقان الأول بقاء الوزير جورج بوشكيان في الحكومة وهو نائب وإن تبدلت الحقيبة من الصناعة إلى الاقتصاد، والثاني النائب سجيع عطية في وزارة المهجرين. ما طرح تساؤلاً عن أسباب حصول هذين الخرقين.

رابعاً- تغيير وزراء الطاقة والإقتصاد والمهجرين الذين ينتمون إلى حصة رئيس الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال في حين لم يُصار إلى المساس بأي وزير من ضمن حصص الأفرقاء الآخرين، وبقي وزراء الثنائي أنفسهم وغالبية السّنة أيضاً، ما يحدث خللاً في التوازن الطائفي داخل الحكومة، وقد تم إعطاء كتلتين تمثيلاً مباشراً كالطاشناق والإعتدال الوطني وحُجبت عن الكتل الأخرى، وفي الخلاصة أرضى الثنائي والإشتراكي والمردة والأرمن وتجاهل الفريق الرئاسي والتيار الوطني الحر.

خامساً- غاب تمثيل بعض المناطق عن الصيغة المقترحة أبرزها صيدا ما يطرح التساؤل عن سبب هذا التغييب علماً أنه تمت مراعاة غياب عكار في الحكومة المستقيلة وتعويضه في الحكومة المقترحة.

المصادر تشير لـ “هنا لبنان” إلى ما يُعتبر مساساً بالحصة الرئاسية من دون التشاور مع رئيس الجمهورية، ولعل التسريب الذي حصل أول من أمس قد أضر بالمناخ واستوجب ردود فعل متبادلة إلا أن هذه المسألة لن تؤثر على المنحى الديمقراطي لمعالجة ملف الحكومة على أن يتم البحث في هذه النقاط وما يمكن وصفه بالخلل في التركيبة وصولاً إلى التفاهم حولها لا سيما أن المعلومات كانت قد أفادت أن لرئيس الجمهورية بعض الملاحظات على أداء وزراء لم يطلهم التعديل واقتصر على الوزراء حصة رئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق تقول المصادر إنه ليس من المقبول أن يُعامل رئيس الجمهورية بالشكل الذي عومل فيه لا سيما أن علاقته مع الرئيس ميقاتي كانت جيدة والتعاون كان قائماً بينهما. وقد ترافق هذا التطور مع كلام عن رغبة لدى البعض في تعطيل تأثير رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة علماً أن رئيس الجمهورية هو الشريك الدستوري في عملية التأليف وهو الذي يملك في النهاية التوقيع الأخير.
وكانت مصادر في التيار الوطني الحر قد حذّرت من التعاطي بهذه الطريقة مع رئيس الجمهورية الذي يتصرف بواقع أن الأشهر الأربعة الأخيرة من ولايته مماثلة للأشهر الأربعة من بداية الولاية، وبالتالي ليس في وارد الرئيس عون التنازل عن حقه الدستوري في أن يمارس الشراكة في تشكيل الحكومة وفقاً لما فعل طوال السنوات الست الماضية من عهده.

المصادر تتجاوز كل ما صدر من مواقف في الفترة الأخيرة التي تلت تقديم الرئيس ميقاتي صيغته الحكومية وأقفلت باب الجدل حول التسريبات وما رافقها من مواقف لأن ما يهم هو الإتفاق على تشكيل الحكومة لأنها الأساس في المرحلة المقبلة سواء في العلاقة مع صندوق النقد أو في ما خص خطة الإصلاح أو متابعة مشاريع القوانين المحالة إلى مجلس النواب وغيرها. وفي هذا الإطار لاحظت بعض المراجع أنه من غير الجائز أن يؤدي تعطيل تشكيل الحكومة إلى خلل في دور المؤسسات الدستورية بحيث أن البلاد أمام مشهد سلطة تشريعية كاملة الأوصاف وتمارس مهامها كاملة في حين أن السلطة التنفيذية “عرجاء” لأنها في مرحلة تصريف الأعمال وبالتالي غير مكتملة الأوصاف، وهذا الخلل يُناقض الدستور الذي ينص على التوازن بين السلطات والتعاون في ما بينها.
في حين لا تريد مصادر مطلعة على موقف بعبدا الأخذ بما روّجته بعض المصادر السياسية والإعلامية عن أن الرئيس ميقاتي قدّم هذه الصيغة كي تُرفض لأنه ليس راغباً في تشكيل الحكومة، وتعتبر أن مثل هذه المقاربة لا تأتلف مع ما كان يعلنه الرئيس ميقاتي وما كان قد توافق عليه مع رئيس الجمهورية وأعلنه في أكثر من مناسبة.
ويبقى أنه إذا وجدت النوايا لتأليف الحكومة يتم التوافق اليوم قبل الغد، وتُذلل كل هذه العقبات والملاحظات .

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us