رسالةٌ لبنانية سريعة الى واشنطن… من سيتحوّل الى “ديبو”؟

أخبار بارزة, لبنان 23 تشرين الثانى, 2020

كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:

بعيداً من الكلام العاطفي الجميل، لا بدّ من الاعتراف بأننا لسنا مستقلّين بالفعل، وبأننا شعب يتحضّر حالياً للدّخول الى مشرحة، هي طاولة مفاوضات أميركية – إيرانية، ستُعقَد مهما طال الزّمن.

صحيح أن ليس جديداً بحدّ ذاته، ما صدر قبل أيام عن القائد العام لـ “الحرس الثوري” الإيراني اللّواء حسين سلامي، الذي أعلن عن أن من يريد تهديد مصالح إيران، لن يجد نقطة آمنة لنفسه على وجه الكرة الأرضية، إلا أن هذا الكلام يركّز الأنظار على لبنان تحديداً، لكونه إحدى أكثر المناطق التي تتحرّك فيها طهران بسهولة، مستفيدة من عوامل عدّة باتت معروفة.

مفرقعات نارية!
فمن هذا المنطلق، وبما أن الإيرانيين يرفضون أن “يفهموا عربي”، ويصرّون على التلاعُب في مصيرنا الصحي والمعيشي، نسمح لأنفسنا بتوجيه نصيحة لأي رئيس أميركي، قد يرغب بالتفاوُض مع إيران مستقبلاً.
بما أن الإيرانيين يفاوضونكم على قاعدة أنّكم أنذال، ونواب “الشيطان الأكبر”، والأنفُس الخالدة في النّار، مهما استفادوا منكم، فـ “لشو التّعَب”. ولمَ لا تستثمرون في أمر واقع، يدركه الكلّ تماماً.
فالجميع يعلمون أن التهديدات الإيرانية بردود مُزلزِلَة وصاعقة ومُرعِبَة… وما يُشبه ذلك من كلام غير نافع، ليست أكثر من خطابات لا تُصرَف حتى في الدّاخل الإيراني، لِكَون الجنين في بطن أمّه يُدرِك جيّداً أنه رغم أن الصّواريخ الإيرانية ليست لعبة، إلا أنها ليست أكثر من مفرقعات نارية في ما لو أرادت واشنطن أو حلف “شمال الأطلسي” أن يضعوا رأسهم برأس طهران، “عن حقّ وحقيق”.

“مسْخَرَة”
وبالتالي، لمَ “تطحيم القلب”، والتفاوُض على عمل الأذرُع هنا أو هناك، وتدمير لبنان وغيره، معيشياً ومالياً واقتصادياً… بدلاً من الاستثمار في قاعدة ذهبية معروفة، تقوم على أن لا شيء يؤلِم أي كيان في نهاية المطاف أو يخيفه، إلا “جلدو”، وذلك مثل الإنسان تماماً. فطبّقوا هذه القاعدة على إيران أيضاً.
الجسد ليس الأذرُع وحدها، بل هو كلٌّ متكامل، فاستثمروا بذلك حتى النّهاية، واجعلوا قادة طهران يشعرون بـ “سُخْن” أن الأراضي الإيرانية بذاتها يُمكنها أن تكون مسرحاً لمختلف أنواع الأسلحة، في ما لو استمرّوا بلعب ورقة أنهم قوّة خارج الحدود، لا يمتلكون أدواتها اللّازمة، إذ إنهم يفتقدون الى القدرة على التأثير داخل المؤسّسات الدولية، المالية والصحية… وهذا ما يجعل من مقارنة إيران بالقوى العظمى، مجرّد “مسخَرَة”.
وبالتالي، تهديد الأراضي الإيرانية، أي الجسد الإيراني كلّه، ومن ضمنه صواريخ وأسلحة الأذرُع، هو الذي يُمكنه أن ينتزع أفضل الإلتزامات من الإيرانيين، وليس التفاوُض على النفوذ السياسي للأذرع في البلدان التي تنشط فيها.

“ديبو”
نذكر بعض الأمثلة التي تبيّن كيف أن الإنسان “ما بيتربّى” إلا من خلال جسده. وهو واقع يُمكن تطبيقه على الدّول أيضاً، بأراضيها التي تُعتبَر جسدها الأساسي الخاصّ.
فمثلاً، لا فائدة من مطالبة شخص مفتول العضلات، ومتكبّر بها، باحترام الآخرين، طالما أنه يسيطر على بيته (هذا يُشبه البُعد المحلي) والزاروب والحيّ والضّيعة أو المدينة والمنطقة المحيطة بها (هذا يُشبه البُعد الإقليمي)، وذلك الى أن يأتيه من هو مفتول العضلات أكثر منه، فيحجّمه، ويُلغي مفاعيل ما يُمكن أن يكون فرضه على الآخرين، ويحوّله من “ديب” الى “ديبو”.

أبواب الجحيم
مثل آخر، وهو أن شخصاً طويل القامة جدّاً (ليس طولاً اعتيادياً بل في شكل مُلفِت للإنتباه) يتباهى بطوله، ويتغنّى به متكبّراً على الآخرين، قد نجده “يُهَرْهِر” خلال ثوانٍ قليلة، إذا صادف في أحد الأماكن، أو إذا دخل الى إحدى جلساته من هو أكثر طولاً منه، ولو ببعض سنتمترات قليلة. عندها يُمكن ملاحظة انخفاض منسوب كبريائه، خصوصاً إذا كان يعتقد أن لا أطول منه في الوجود، نظراً الى قلّة الذين يُصادفهم على تلك الحالة في حياته.
مثل آخر أيضاً، وهو أن شاباً يتباهى بأنه يُمسِك بعلاقاته العاطفية، وبأنه هو الذي يفرض على الفتيات ما يريده وليس العكس، قد نجده مذلولاً في ما لو سقط في غفلة ليلة ضعف ساخنة مع إحداهنّ، ومن خارج أي ضوابط يرسمها هو في العادة.
باختصار، ركّزوا على الجسد الإيراني الذاتي، وحيّدوا بلدان الأذرُع. فمن هنا ينطلق العمل، والى هنا يعود. فإما ترتدع طهران، أو تفتح على نفسها أبواب الجحيم، وهي حرّة في الذّهاب إليها، وحدها!
mtv

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us