“لغة القلوب” من طهران إلى بيروت!


أخبار بارزة, خاص 29 تشرين الثانى, 2022

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

إذا كانت تركيبة المجلس النيابي الحالي معروفة بتوازناتها وتوزّع القوى فيها، وإذا كانت الأجواء الواردة من الخارج لا توحي بأن ثمّة تفاهمات أو تقاطعات إقليميّة أو دوليّة يمكن “إسقاطها” على الواقع اللبناني، فهذا يعني أن أمام اللبنانيين حقبة مديدة من الشغور الرئاسي التي لا تتوفر مخارجها حتى اللحظة.

ما يؤكد هذا الاتجاه الكلام الأخير للمرشد الأعلى للثورة الإيرانيّة الذي اعتبر فيه أن “الثورة الإسلاميّة غيّرت قلوب الدول المجاورة لإيران (…)، فلغة قلبنا وقلبهم واحدة وتوجهاتهم هي نفس توجهاتنا”. وطبعاً، خص بالذكر سوريا والعراق ولبنان وليبيا والسودان وصولاً إلى الصومال.

مهلاً، منذ متى تُدار سياسات الدول ومصالحها بلغة “القلوب”؟ وهل تنتهج طهران فعلاً سياسات “عاطفيّة” تجاه الشعوب الأخرى التي تمت الإشارة إليها؟ أليست سياساتها هي سياسة الحديد والنار؟ ثم، من قال أن الشعوب برمتها في الدول المذكورة تميل “قلوبها” إلى طهران؟ ألا يختزل هذا الموقف حقيقة الواقع الشعبي لا بل يتجاوزه ليلبسه ثوباً لا يريده؟

ولكن، بعيداً عن الشعارات التي، لو صيغت بعبارات من اللطف الفائق، إلا أنها تعكس عمق المشروع السياسي التوسعي الذي تسعى إليه تلك الأطراف؛ لا بد من قراءة كيفيّة ترجمة هذه المواقف على الداخل اللبناني الذي أيضاً بات متصلاً بهذا “الفلك” ويدور فيه بفعل فائض القوة للأطراف اللبنانيّة المتماهية معه.

عمليّاً، هذا يعني أنه لن يكون هناك من مجال لـ “تمرير” الإستحقاق الرئاسي اللبناني دون مراعاة “مصالح” هذا المحور، بمعزل عمّا يعانيه الشعب اللبناني جرّاء الأزمات الإقتصاديّة والإجتماعيّة والمعيشيّة المستفحلة والتي قلّما يكترث لها أرباب ذاك المحور وأعوانهم في الدول التي توسع فيها النفوذ السياسي وغير السياسي.

ليس هناك ما يدّل في السلوكيّات السياسيّة التقليديّة لمحور الممانعة أنه يكترث حقاً لمطالب الشعوب أو لحقوقها. وممارسات رموز المحور إيّاه في لبنان على مدى سنوات قدّمت العشرات من الدلائل والبراهين على ذلك، وفي مقدّمها سياسات التعطيل المؤسساتي والتنكيل بالدستور في مختلف المحطات والمنعطفات الأساسيّة. فلماذا يتشكل هذا الإستثناء في الإستحقاق الرئاسي الآن؟

إذا كان المطلوب فعلاً ألا يتم إختيار شخصيّة “استفزازيّة” لجماعة المحور المذكور، فلماذا لا يقترح هؤلاء من جانبهم شخصيّات معتدلة لا تُشكّل استفزازاً بدورها للأطراف الأخرى لعل ذلك يساهم في الخروج من عنق الزجاجة بدل مواصلة الأداء الفولكلوري المقيت بالاقتراع بالورقة البيضاء؟

الاشتراطات الخارجيّة تعكس نفسها كل يوم خميس بالمسرحيّة المملة المتمثلة بتطيير النصاب القانوني التي تمارسه جهارة ودون أي خجل بعض الكتل النيابيّة. المهم أن يدرك الرأي العام اللبناني التفاصيل البشعة لهذا المشهد كي لا يقع مرة جديدة أسير ذاك الشعار الشهير الذي ينطوي على الكثير من التبسيط: “كلن يعني كلن”. هذا غير صحيح والدليل متوفر كل يوم خميس من الأسبوع في مسلسل تعطيل انتخاب الرئيس. “أبطال” المسلسل الممل والتافه، إنما الخطير، معروفون!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us