طاولات الحوار منذ عامِ 2006.. “حبر على ورق” و”نكثٌ بالاتفاقات”


أخبار بارزة, خاص 15 كانون الأول, 2022

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

“حبر على ورق” وصولاً إلى “ضرب التزامات الحوارات الوطنية عرض الحائط”. خلاصة يخرج منها كل من يتتبع طاولات الحوار التي انعقدت في لبنان منذ العام 2006.

كانت أشبه بحوارات “عقيمة” حتى لو كان الهدف منها في الظاهر تقريب وجهات النظر وفي الباطن تمرير الوقت في انتظار تغيّر المناخات المحلية والإقليمية والدولية. وما الفائدة منها إذا لم تلتزم القوى المتحاورة بالتفاهمات التي يتفق عليها على طاولة الحوار؟

وقد أتت الدعوة إلى الحوار اليوم وسط هواجس من تمديد لا أفق له لواقع الشغور الرئاسي بدل دعوة مجلس النواب إلى عقد جلسات مفتوحة لا تنتهي إلّا بانتخاب رئيس للجمهورية، وأن يلقى الحوار المصير نفسه لطاولات الحوار بتجاربها منذ عام 2006.

إذ شهد اللبنانيون على انعقاد طاولات حوار عديدة في ظل الأزمات المتتالية التي عصفت بلبنان.

في آذار عام 2006 عقدت أول طاولة حوار بناءً على دعوة أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري لجمع الأقطاب السياسيين لحوار موسع في ساحة النجمة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والانقسام بين 8 و14 آذار. وحدّد حينها الرئيس بري عناوين الحوار بكشف الحقيقة في اغتيال الحريري والاغتيالات الأخرى، القرار 1559، ترسيم الحدود، سلاح حزب الله والعلاقة مع سوريا.

انقطع الحوار بسبب حرب تموز 2006 ليعود الرئيس بري ويستأنفه في العام ذاته لكسر الجليد بين القوى السياسية ومناقشة المواضيع الخلافية للتوصل إلى حل بغياب الأمين العام لحزب الله لأسباب أمنية. وتم التوافق على ميثاق شرف لتخفيف الاحتقان السياسي وعلى نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات خلال ستة أشهر، فيما وافق الفرقاء على انتخاب رئيس جديد يحظى بالتوافق، وتم تأجيل البحث في الاستراتيجية الدفاعية.

وبسبب الخلاف على ملف المحكمة الدولية واستمرار الاغتيالات، كانت مبادرة وزارة الخارجية الفرنسية بإقناع السياسيين اللبنانيين بعقد جلسة حوار في تموز 2007 في سان – كلو في باريس شارك فيها 14 ممثلاً من قيادات الصف الثاني ولكن من دون التوصل إلى نتيجة.

ثم كان اتفاق الدوحة في العام 2008 وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية الذي دعا في العام نفسه إلى الحوار في قصر بعبدا حدد أهدافه بالاستراتيجية الدفاعية والسلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات والأوضاع الأمنية في البلاد، إلّا أنّ تصاعد الانقسام حول المحكمة الدولية وتمويلها وشهود الزور أدى إلى انقطاع الحوار ليعود الرئيس سليمان ويجدد الدعوة إلى جولة جديدة من الحوار في العام 2012 أفضت إلى إقرار إعلان بعبدا الذي شدد على النأي بالنفس وتحييد لبنان وكان واضحاً الانقسام السياسي حوله، وعوضاً عن تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، تخلّى حزب الله عنه بعد أيام قليلة على التوافق عليه، وانغمس في الحرب السورية وفي صراعات المنطقة لاحقاً.

وعلى رغم ذلك استمر الحوار والجلسة الأخيرة التي عقدت برئاسة سليمان كانت في أيار 2014 بغياب عدد من الأقطاب.

في العام 2015 وكبديل عن الفراغ في رئاسة الجمهورية وشل عمل المؤسستين التشريعية والتنفيذية عاد الرئيس بري ليدعو إلى جلسات حوار وكانت الانتخابات الرئاسية في سلم جدول الأعمال وسبل استئناف عمل المجلس النيابي والحكومة وقانون الانتخاب إلّا أنّه لم يتمّ تحقيق أيّ اتفاق في هذه الاجتماعات.

أمّا الرئيس ميشال عون فاستعاض عن طاولات الحوار بلقاءات وطنية في قصر بعبدا فرضتها التطورات من بينها اللقاء الحواري في آب 2017 حول قانوني سلسلة الرتب والرواتب واستحداث بعض الضرائب ولقاءات ثنائية على أثر الأزمة التي مرّ بها الرئيس سعد الحريري في الرياض وآخر هذه اللقاءات كانت تحت عنوان اللقاء الوطني المالي.

ولقد سعى في خلال ولايته الرئاسية إلى دعوة القوى السياسية إلى حوار وطني في بعبدا “للتباحث والتداول في الأوضاع السياسية العامة والسعي للتهدئة على الصعد كافة بغية حماية الاستقرار والسلم الأهلي، وتفادياً لأيّ انفلات قد تكون عواقبه وخيمة ومدمرة للوطن، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي لم يشهد لبنان مثيلاً لها”، إلّا أنّ مساعيه لم تتكلّل بالنجاح.

هي حوارات وصفت في كل مراحلها بـ “الوطنية”. مسيحيون ومسلمون يجتمعون حول طاولة واحدة للتأكيد، مبدئياً، على وحدة الموقف تماشياً مع “فولكلور” الميثاق الوطني الذي لا غنى عنه في لبنان. طاولات يتمخّض عنها اتفاقات ينكث بها أفرقاء بعد أحداث سياسية أو أمنية. وبالتالي عن أي حوار يُحكى اليوم في ظلّ أسس لم تفضِ إلى أيّ حل؟ والنتيجة واحدة: الحوار في الأحاديث بين الجدران الأربعة شيء وعلى أرض الواقع شيء آخر.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us