ما سيعقب العاقبية


أخبار بارزة, خاص 16 كانون الأول, 2022

كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان”:

قتيل و٤ جرحى في صفوف القوات الدولية في منطقة العاقبية بعد مهاجمة “الأهالي” إحدى سيارات اليونيفيل بحجة أنها اعتمدت مساراً، شمال نهر الليطاني، غير مسموح لها، من دويلة “حزب الله”، بسلوكه. و”الأهالي” هي صنو لتسمية “البيئة الحاضنة” الشهيرة التي تلطى خلفها أمين عام الحزب ومسلحوه، في حربهم على لجنة التحقيق التابعة للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان (عام 2006) والمكلفة بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
المفارقة أن السنة الراهنة، التي تتحضر للانصرام، بدأت بهجوم مماثل، لكن مجهول المنفذين، اقتصر على تخريب سيارات وسرقة مواد رسمية، ولم تعطِ، أي جدوى دعوات الأمم المتحدة السلطات اللبنانية إلى التحقيق السريع والشامل في الحادث ومحاكمة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم، فيما روجت وسائل إعلام، من محيط الحزب”، أن الأهالي استفزهم أن جنود حفظ السلام كانوا يلتقطون الصور في ممتلكات خاصة، بينما قال، يومها، ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة إن الجنود الدوليين كانوا في طريقهم لملاقاة زملائهم في الجيش اللبناني للقيام بدورية روتينية. مذكراً بأن قرار مجلس الأمن 1701، يقضي بأن تتمتع اليونيفيل بوصول كامل ومن دون عوائق إلى جميع أنحاء منطقة عملياتها. وقبل أسبوع من ذلك في 22 كانون الأول الفائت، تعرضت دورية لقوات “اليونيفيل” في بلدة شقرا الجنوبية للاعتداء بحجة التقاط صور داخل البلدة وذلك بالتزامن مع مغادرة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لبنان بعد زيارة استمرت أربعة أيام، طالب خلالها بتحول “حزب الله” إلى حزب سياسي كبقية الأحزاب. فكان الرد ميدانياً باعتداء نسب، كالعادة، إلى “الأهالي” المجهولين/المعروفين.
مما يستحق الملاحظة أن تجهيل الفاعل في الإعتداءات على القوات الدولية ولجنة التحقيق الدولية أمر معتمد أياً يكن حجم الضرر، وفي روايتها، يومها، للإعتداء على المحققين الدوليين، ذكرت قناة “المنار” التابعة لحزب الله أن “وجود المحققين الأجنبيين في العيادة النسائية، أثار انزعاج النسوة اللواتي كن ينتظرن أدوارهن للمعاينة، ما أدى إلى وقوع الاشكال، علماً بأن الطبيبة، التي كانت ستُستجوب، ذكرت لوسائل الإعلام أنها ألغت مواعيدها لصباح يوم المقابلة، وأنها لا تعرف أحداً من النسوة اللواتي كن في العيادة.
يعرف الحزب أن “مسرحيات البيئة الحاضنة” و”الأهالي” لا تنطلي على أحد، لكن التوازن الدقيق للعلاقات الدولية في المنطقة ومعها، وحسابات المصالح، تتطلب أحيانًا غض الطرف برغم الوضوح الفج للحقائق، ولعل استخدام بشار الأسد للسلاح الكيماوي نموذج لغياب العقاب، والتواطؤات بين الخصوم، فلقد ندد الرئيس الأميركي باراك أوباما في بداية الثورة السورية بلجوء النظام السوري إلى استخدام الكيماوي ضد السوريين العزل، وهدد بالإطاحة بالنظام، وحين تدخل الإتحاد الروسي نسيت واشنطن ضحايا السلاح الكيماوي، كأنهم لم يكونوا، وكأن كل الإدانات كانت حبراً على ورق، وموّهت واشنطن المشهد بتصعيد لفظي ضد نقل الكيماوي إلى أطراف أخرى، قُصد بها “حزب الله”، ثم بينت مصادر المعارضة السورية أن لقاءاتها مع القيادات الأميركية والروسية فضحت لها أن الجهتين لا تريدان إسقاط النظام، وأن مصلحتهما في إنقاذه وترميمه، برغم أن المعارضة لم تطرح سبباً لثورتها سوى حرية السوريين في اختيار طريقة عيشهم والنظام الذي يحكمهم.
لم يهتم الحزب يوماً بتجنب ربط “صورته” بأحداث من نمط الإعتداء على “اليونيفيل” في العاقبية الجنوبية، وكان يبادر إلى تحميل المسؤولية للقوات الدولية، ويتهمها باستفزاز “الأهالي”، على عكس الحادث الحالي الذي يبدي الحزب مربكاً يتخبط في التبرؤ من المسؤولية، أو من العلاقة مع “الأهالي”، فهل أن المعتدين على الدوليين هم متمردون على البيئة الحاضنة، وهذا مدعاة للشك، أم أن الإعتداء لم يكن مخططاً له أن يغرق في دماء الجنود الإيرلنديين، بين قتيل وجرحى؟
الجواب يتأتى من رد فعل الثنائي الشيعي، وحجم الإظهار الإعلامي لأسفه على وقوع الإعتداء.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us