اليوم العالمي للغة العربية: نحتفل بلغتنا يوماً ونهملها لاحقاً


أخبار بارزة, خاص 18 كانون الأول, 2022

كتبت ريتا بريدي لـ”هنا لبنان”:

يحتفل العالم كلّه في الثامن عشر من كانون الأوّل/ ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية، ويُعدّ هذا اليوم مناسبة لإظهار الإرث الثقافي للغة العربية ومساهمتها الكبيرة والتي وُصفت بالعظيمة في الحضارة الإنسانية على مرّ السنوات، بالإضافة إلى إذكاء الوعي بتاريخ اللغة وثقافتها وتطورها.

وقد احتفلت الأمم المتحدة واليونيسكو للمرّة الأولى باليوم العالمي للغة العربية في 18 كانون الأوّل عام 2012، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا الموعد السنوي محطة أساسية لإقامة الندوات، المحاضرت، ورشات العمل والنشاطات المنوّعة التي ترتكز على لغة الضّاد.

“مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية”، هو العنوان الذي تم اختياره لاحتفالية هذا العام، ومنه انطلقت التحضيرات لإحياء المناسبة في مختلف البلدان العربية ودول العالم أيضاً.

وأمام هذه المشهدية الرائعة عن اللغة العربية، لا يُخفى على أحد أنّ لبنان يشهد على تراجعٍ ملحوظ في ما يخص كل ما يتعلّق بهذه اللغة تحديداً، في حين أنّ المجتمعات من حولنا تسعى بشكلٍ يومي على دعم مكانتها في المجتمعات.

ومع الأسف كم من مرّة استغربنا انحدار مستوى النطق، القراءة، الكتابة والتعبير باللغة العربية في هذه الأيّام! فهذه الحقيقة، ونَعم يا سادة بِتنا في زمنٍ يعجز الكثير من الأشخاص عن كتابة النصوص العربية، وهناك نسبة قليلة تهتم بها.

وفي حديث لموقع “هنا لبنان” مع أستاذ اللّغة العربيّة مارون البارد، يُشير إلى أنّ اليوم العالميّ للّغة العربيّة هُو مناسبة لُغويّة لافتة وضعتها الجمعيّة العامّة للأُمم المتّحدة، نحتفل من خلالها بهذا اليوم العالميّ، ونتذكّر لغتنا المتميّزة عن باقي اللّغات الأخرى بحروفها وتشكيلها.

إِلّا أنّنا لا نريد أن تتحوّل هذه المناسبة لنتذكّر اللغة في هذا النّهار فحسب، وبعد الثامن عشر من كانون الأوّل تنتهي الاحتفالات ونُهمل اللغة العربية ولا نتذكرها، لذا لا نُريد أن تكون ضمن إطار اليوم العالمي فقط، بل علينا أيضًا أن نبقيها خالدة في حياتنا اليوميّة. تجدر الإشارة إلى أنّها سادس لغة رسميّة اعتمدتها الأمم المتحدة، وهذا ما يجعلنا نُعزز مكانتها وأهميّتها في المجتمعات.

يتراجع لبنان في كل ما يخصّ اللغة العربية في مختلف المجالات. ما أسباب ذلك؟

يُجيبنا أستاذ اللّغة العربيّة مارون البارد عن هذا السّؤال، الّذي في الكثير من الأوقات طُرحت علامات الاستفهام حياله، أنّ هناك الكثير من الأسباب أدّت إلى هذا الأمر في لبنان؛ ولنتكلم بشكلٍ صريح فإنّ اللّغة العربيّة لا تُستخدم إلّا في أماكن محدودة، ووصلنا إلى مرحلة تخلّت فيها بعض المحطات التلفزيونية والإخبارية عن الفصحى، مستعينةً باللهجة العامية لكتابة تقاريرها وتسجيلها.

أمّا من الناحية الدراسية، فهناك أيضًا الكثير من العوامل التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه، من بينها صعوبة تقبّل اللغة العربية في ظل التّحدّث باللهجة اللبنانية في المنزل والمحيط الّذي نعيش فيه – وهذا أمر طبيعيّ – وفي المدرسة، على التلاميذ أن يدرسوا اللغة الفرنسية واللّغة الإنكليزية إلى جانب اللّغة العربية، وفي الكثير من الأوقات يجِدون أن لا مكان لها في حياتهم ما يؤدّي إلى وقوعهم في حيرة إزاء سبب تعلّمهم إيّاها، إلّا أنّه على العكس تمامًا يجب الحفاظ على اللّغة العربية واستخدامها، وتعزيزها في المدارس عبر تشجيع استعمالها نطقًا في المسرح مثالًا أو في النّقاشات.

كما تُتّهم اللّغة العربيّة بأنّها “صعبة”، وهذه الصورة النمطية أتت نتيجة عدم ممارسة اللغة العربية بالطريقة الصحيحة، حتى أننا أصبحنا نفتقد للبرامج التلفزيونية التي تُبثّ بهذه اللغة.

ونتيجة التطوّر الهائل الذي تشهده المجتمعات، نجد صعوبة في كتابة النصوص باللغة العربية بسبب التكنولوجيا أيضًا، ما أفقدها كلمات تستخدم في هذا المجال، رغم أنّ فيها الجذر ومنه يمكن تأليف الكلمات.

وسأل الأستاذ مارون البارد: ضعف اللغة العربية سببه اللّغة بذاتها أم الأمّة؟ لذا ذكّرنا بقولٍ للكاتب واللّغويّ إبراهيم اليازجي: ” فإن كان ثمّة هرم (ضعف) فإنّما هو في الأمّة وليس في اللّغة”، ومن هنا يمكن الاستنتاج أنّه إذا كان الشعب لا يريد هذه اللغة، فالنتيجة طبعًا ستكون سلبيّةً.

وللأسف هناك عدد كبير من الأشخاص يرفض أن يحسّن لغته العربية متحجّجًا بصعوبتها، مع العلِم أنّ هناك بعض الغرباء عنها يأتون إلى الأوطان العربية لتعلّم اللغة، مُسْتمتعين بجمالها ورقيّها.

لذا يمكننا القول إنّ لغة الضّاد أصبحت منبوذة لدى فئات كثيرة من المجتمع في لبنان، ونجد نسبة قليلة جدًّا من الأفراد المتمكنين منها.

ما هي الرسالة التي توجهها بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية؟

تعقيبًا عمّا سبق، وجّه البارد رسالة في الثامن عشر من كانون الأوّل بمناسبة هذا اليوم العالمي، قال فيها إنّه يجب علينا تبسيط اللغة العربية وتسهيلها ومنحها الصّورة المحبّبة عند مختلف الأشخاص والأهمّ التلاميذ لأنّ المشكلة تبدأ منذ الصّغر، وما يُحفر في ذهن المتعلّمين في الصّغر يصعب محوُه في الكبر.

ومن بين الحلول التي يقترحها في حديثه لموقع “هنا لبنان”، أنّه لا بد من تحقيق خطوة تجديد مناهج اللّغة العربيّة في المدارس وتطويرها بما يتناسب مع مشكالها المستجدّة.

وعلى الشعب أيضاً أن يهتمّ بهذه اللغة العربية ويستخدمها مثالًا في كتابة الأحرف والكلمات عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، التي قد تغيب عنها لغة الضّاد بشكلٍ لافتٍ.

ويختم قائِلًا إنّها لغة رائعة بديعة، لغة شِعر، لغة الضادّ الّتي تمتلك عناصر تجعلها مهمّة وثابتة مهما توالت الأجيال.

في اليوم العالمي للغة العربية تحية لها، ونحن علينا أن نفتخر ونعتز بأنَّنا ننتمي لهذه اللغة العظيمة، نعم نحن أبناء هذه اللغة!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us