الرصاص السياسي الطائش!


أخبار بارزة, خاص 3 كانون الثاني, 2023

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

تكاد لا تُحصى الأحداث الفرديّة التي قضى فيها مواطنون أو تعرّضت ممتلكات للضرر بفعل الرصاص الطائش، وهي عادة لبنانيّة سيئة وقديمة تُمارس في الأفراح كما في الأحزان وتعكس جانباً من التخلف المجتمعي الذي يتلطى خلف مظاهر زائفة من “التحضّر” و”التمدّن” التي تتلاشى في لحظات من الحماسة والاندفاع وتؤدّي إلى المجازفة بحياة الآخرين فقط لإشباع الرغبات الخاصة.
إذا كانت هذه هي المفاعيل السلبيّة للمظاهر السيئة التي تُمارس بشكل متواصل من قبل بعض الأفراد في المجتمع وتعكس حالة مرضيّة عامة، فتخيّلوا النتائج المدمرة لتلك السلوكيّات إذا كانت تُمارس في السياسة على المستوى الوطني العام!
نعم، أن تذهب قوى سياسيّة، بكامل إرادتها الواعية، لتطلق الرصاص السياسي الطائش في جميع الاتجاهات دون أن تقيم أي اعتبار حقيقي لمفاعيل ذلك ونتائجه الكارثيّة على الصعيد الوطني، فإن ذلك يعكس قلة مسؤوليّة وانعدام الحد الأدنى من الأخلاق السياسيّة وهي مطلوبة الآن وأكثر من أي وقت مضى.
ثمة أطراف سياسيّة تمارس العمل السياسي في لبنان من منطلقات مصلحتها الفئويّة الضيّقة حصراً ولا تكترث إطلاقاً لمعاناة المواطنين المعيشيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة. المهم أن تتحقق حساباتها الخاصة حتى ولو انهارت أعمدة الهيكل.
لقد مضى على إنفجار الأزمة الماليّة والنقديّة والإجتماعيّة في لبنان أكثر من ثلاث سنوات شهد فيها اللبنانيون كل أنواع القهر من الإذلال أمام محطات الوقود إلى تدهور غير مسبوق لسعر العملة الوطنيّة اللبنانيّة إلى الإرتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائيّة دون حسيب أو رقيب إلى فقدان أدوية الأمراض المزمنة وغير ذلك العديد من مظاهر التدهور الكبير بفعل التضخم المتزايد.
ليست الأزمة اللبنانيّة مستحيلة العلاج رغم ضراوتها وفداحتها. ولكنها تبدأ حتماً بقرار سياسي بضرورة المباشرة بالإصلاحات المطلوبة والتي صارت معروفة للقاصي والداني وقد ولد تأخيرها المتمادي المزيد من المشاكل المتراكمة على مختلف المستويات وأدّى، فيما أدّى إليه، إلى انهيار الطبقة الوسطى وانقسام المجتمع بين جماعة الثراء الفاحش والفقر المدقع!
إن الاستمرار في حالة المراوحة في الملف الرئاسي اللبناني لا يصبّ إلّا في إتجاه وقوع المزيد من الانهيارات الكبرى وتنامي حالة الهجرة والفقدان المنهجي للموارد البشريّة اللبنانيّة التي لطالما كانت من الميزات الأساسيّة للبنان منذ عقود، وها هي قصص نجاح اللبنانيين في الخارج تتوالى وتحقق اختراقات هامة في العديد من الحقول والميادين.
إن الحالة الانتظاريّة التي وضعت بعض القوى السياسيّة نفسها فيها في إطار ترقب حراك خارجي يفضي إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة هي سلوك معيب بحق اللبنانيين. فإذا كانت طبيعة التركيبة اللبنانيّة تتيح، تاريخيّاً، مجالاً للتدخل الخارجي بشكل أو بآخر، إلا أن هذا لا يعفي اللبنانيين من مسؤوليتهم لإنقاذ بلادهم في المقام الأول.
إنه “الرصاص السياسي الطائش”!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us