العام الدراسي يدخل نفقاً مظلماً: “الترقيع ما بقى ينفع”


أخبار بارزة, خاص 5 كانون الثاني, 2023

كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:

لا يغيب مشهد المعاناة المتعددة الأوجه التي عاشها كل من الأساتذة والطلاب والأهالي العام الماضي، عن أذهان الأقطاب الثلاثة الرئيسية المعنية بالعام الدراسي بالإضافة طبعاً إلى المدرسة والثانوية، والتي تمثلت في بعض أوجهها بالإضرابات المفتوحة والمتكررة، أما اليوم فيطل سعر صيرفة البالغ 38000 والذي تسبب بتآكل الرواتب أكثر فأكثر، فمن كان يسحب راتبه على أساس 31000 كان يساوي 300 دولار تقريباً أصبح اليوم لا يتخطى الـ 230 دولار، ما ينبئ بسيناريوهات عدة تفرضها الأزمة المستجدة، إن بالإضراب المفتوح أو الفوضى في التعليم، وفي كلتا الحالتين الفاتورة باهظة وسيدفعها المعلم والتلميذ معاً.

ويؤكد أحمد (ناظر عام في إحدى الثانويات الرسمية في بيروت) في حديث لـ “هنا لبنان” أن الحلول المؤقتة لم تعد تنفع، نحن منحازون للطالب الرسمي بشكل كبير، فكنا له السند الأول والداعم الأبرز، وحققنا معه أسمى المراتب وأعلى النتائج في الامتحانات الرسمية والمدرسية، ابتكرنا الحلول في ظل الأزمات وضمن شح الموارد اللوجستية والإمكانات المادية”، مستدركاً بالقول: “لكن الأزمة الاقتصادية اليوم صارت فوق طاقتنا، وفرضت نفسها علينا، فمن الصعب تجاهلها ومن المستحيل تجاوزها”.

ويتابع أنه في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات، فإن بدل النقل لم يعد كافياً للأستاذ للوصول إلى مركز عمله، كما أن المساعدة التي أقرت وهي زيادة ما قيمته راتبين على الراتب الأساسي لا تدخل في صلب الراتب، ولا تحتسب ضمن تعويضات نهاية الخدمة والتقاعد.

ويبدو أن الواقع الاقتصادي والمالي المرير يفرض نفسه على الأساتذة بمختلف مسمياتهم وفي كل المدارس الرسمية، ووصل إلى حد يشكل تهديداً صريحاً لإمكانية استمراية العام الدراسي الحالي، هكذا يعلق محمد (أستاذ مادة الرياضيات في إحدى الثانويات) مذكراً أنه بعد ربط النزاع الذي عقدناه مع الدولة، وبناءً على الوعود، ولأن هدفنا الأول والأخير هو مصلحة الطلاب وحماية النظام التعليمي من الإنهيار، “ولأننا لسنا هواة إضراب بذلنا كل جهدنا وطاقاتنا لتستعيد المدارس نشاطها، لكن هذه الاستمرارية بحاجة إلى مقومات الصمود والاستمرار والتي أصبحت مفقودة بشكل شبه كلي”.

بالعودة إلى أحمد، نجد أن قائمة المشاكل التي يعانيها القطاع التعليمي لا تنتهي، بدءاً من الطبابة والاستشفاء مروراً بالتأمين الصحي “لا زلنا دون المستوى المطلوب ولا زلنا بحاجة إلى تعزيز إمكانات الصناديق الضامنة ذات العلاقة”، لافتاً إلى أنه لم يعد المعلم قادِراً على مواجهة المعوقات خصوصاً بعد ارتفاع مؤشر الغلاء، والذي بحسب “الدولية للمعلومات” وصل منذ بداية العام 2020 حتى آب 2022 إلى 272%، فيما الخبراء وعامة الناس لاحظوا إرتفاعاً في الأسعار تعدى الـ 500 %.

أما فادي (عضو في رابطة أساتذة التعليم الثانوي) فيتحدث بدوره عن المصاريف التشغيلية للمدارس والثانويات من كهرباء وإنترنت وطباعة وقرطاسية، مروراً بمصاريف التدفئة في المناطق الباردة، وصولاً إلى رواتب أو أجور عمال المكننة والنظافة والخدمة، وحتى عقود بعض الأساتذة على حساب صندوق الأهل، كلها بحاجة إلى إيرادات لتأمينها بالشكل المطلوب. مبدياً أسفه على ما آلت إليه وعود وزير التربية حيال الحوافز التي تحددت بـ 130 دولار من الجهات المانحة، “قبلنا بها على مضض، ولكن حتى اليوم لم نقبض منها أي شهر عن هذا العام، وتبين أنها طارت مع الريح، وأن الدول المانحة عدلت في شروطها للدفع، وبالتالي المبالغ التي كانت مرصودة تحولت إلى صناديق أخرى”.

وانتقالاً إلى الحلول المطروحة، يكشف أحمد أن ما يتم الحديث به اليوم هو بدل إنتاجية أو حوافز مخفضة، لكنها غير معلومة المصدر، والتمويل والقيمة والمدة الزمنية التي ستغطيها، وبالتالي ننتظر التأكيد حيالها من الوزير، ليبنى على الشيء مقتضاه.

وفي نظرة سريعة على الرواتب نلاحظ أن الرواتب تآكلت قيمتها، فبلغة الأرقام بات الراتب يساوي 4 % من قيمته في العام 2019، وبعد ارتفاع الدولار إلى 45000 أصبحت قيمة الراتب 66 دولار، ومع إقرار الموازنة وإعطائنا 3 رواتب لم يتجاوز الراتب سقف الـ 190 دولار، وبالتالي لا زلنا بعيدين أشواطاً عن تأمين الحياة الكريمة للأستاذ وفق محمد.

وفي الختام وإزاء هذا الواقع، هناك خوف من تكرار العام الدراسي الماضي، خاصة أن هناك أكثر من 2400 أستاذ باتوا خارج البلاد، ومن أجل المحافظة على الكادر التعليمي وضمان استمرارية المدرسة والثانوية، يجمع الأساتذة الثلاثة على جملة من المطالب يجب تأمينها أهمها: تصحيح حقيقي للرواتب والأجور يتماهى مع ارتفاع سعر صرف الدولار والتضخم، وارتفاع مؤشر الغلاء وعدم المس بالنظام التقاعدي، وإعادة الحقوق المكتسبة للمتقاعدين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us