القطاع الصحّي ينهار.. استيراد الدواء تراجع بنسبة 64%!


أخبار بارزة, خاص 16 كانون الثاني, 2023

أزمة الدواء “عودٌ على بدء”، وتساؤلات حول تراجع نسب الاستيراد، وحول منافذ التهريب المشرّعة إلى الخارج!


كتبت نايلة المصري لـ “هنا لبنان”:

لم تأتِ تسمية لبنان بـ “مستشفى الشرق” عبثاً، فلطالما كان القطاع الصحي في لبنان رائداً ليس فقط في المنطقة، إنما في الشرق الأوسط ككل. إلّا أنّ هذا القطاع كما غيره الكثير لم يسلم من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد وقوّضت أساساتها، فبدأ ينهار تباعاً مع انهيار العملة، وترافق ذلك مع هجرة واسعة للأطباء والممرضين.
ولم يقتصر الأمر على المستشفيات فحسب، بل تعدّاه إلى قطاع الدواء واستيراد المواد الطبية، وما عزّز هذه الأزمة مشكلة الدولار، والدواء المهرّب الذي يدخل لبنان دون حسيب أو رقيب، ما أثّر بشكل مباشر على صحّة المواطنين.
وبحسب “الدولية للمعلومات” فإنّ الأزمة الاقتصاديّة التي يعيشها لبنان قد أدّت إلى التراجع في استيراد العديد من السلع والبضائع بعدما تراجع استهلاكها، غير أنّ الكارثة الكبرى تكمن في تراجع استيراد الدّواء وهو ما يطال بشكل مباشر صحّة اللّبنانيّين وسلامتهم.

وعلى الرغم من أنّ نسبة الاستيراد في العام 2022، لم تتراجع إلاّ بشكل طفيف عن الأعوام التي سبقت الأزمة في العديد من السلع، إلاّ أنّ قطاع الدواء كانت له صحّة الأسد من التراجع، إذ وصلت قيمة الاستيراد فيه إلى 343.2 مليون دولار في العام 2022 بعدما سجّلت 964.6 مليون دولار في العام 2018، وتقدّر نسبة التراجع الذي بلغت قيمته 621.4 مليون دولار بـ 64.4%.
أمّا لجهة الكميّات، فقد تراجعت في الفترة الزمنية نفسها، من 10,129 طناً إلى 6,171 طناً، أي 4,048 طناً أو ما نسبته 39.6%.

أما في ما يتعلّق بتصدير المواد الطبية، فقد تراجعت وفق الدولية للمعلومات من 53.8 مليون دولار إلى 38.6 مليون دولار، أي بمقدار 15.2 مليون دولار أو ما نسبته 28.2%.

أما بالنسبة للاستشفاء، فإنّ العديد من المواطنين لم يعد بمقدورهم تحمّل تكلفته، سواء على نفقتهم الخاصّة أو على نفقة وزارة الصحّة العامّة أو الجهّات الضامنة، حيث أنّ فاتورة المستشفيات باتت مرتفعة جداً وتتخطى في بعض الحالات مئات الملايين من اللّيرات.
في هذا السياق توضح “الدولية للمعلومات” أنّه قبل الأزمة كان هناك نحو 10 ألاف سرير، فيما تراوحت نسبة الإشغال بين 60% و70%، أي نحو 6 آلاف و7 آلاف مريض.
أمّا اليوم، فقد أغلقت العديد من الأقسام في المستشفيات، وانخفض عدد الأسرّة إلى 6 آلاف سرير، أما نسبة الإشغال فأصبحت تتراوح ما بين 50% و60%، أي ما بين 3 آلاف إلى 3,600 مريض، ما يعني انخفاض عدد المرضى الذين يدخلون المستشفيات إلى النصف عمّا قبل الأزمة.

وفي تعليق على هذه المعطيات، أوضح وزير الصحة السابق، النائب غسان حاصباني لـ “هنا لبنان” أنّ “هذا القطاع قد شهد سوءاً في الإدارة من قبل الدولة في السنوات الثلاث الماضية، وذلك من نواحٍ عديدة، أبرزها: عدم تنظيم استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، الدعم العشوائي للدواء الذي أوصلنا إلى هذا الهدر الكبير في الأموال، يضاف إلى كل ما سبق عدم وجود خطّة واضحة للتغطية الاستشفائية”.
وشدّد حاصباني على أنّه “من الضروري اليوم إعادة النظر بشكل كامل وشامل بما يحتاجه هذا القطاع فعمليات الترقيع لم تعد تنفع”.

وأشار حاصباني إلى أنّ “الخطّة يجب أن تقوم على دراسة الحاجة للمستشفيات، والتركيز على الرعاية الصحية الأوّلية”، موضحاً: “عندما كنت وزيراً للصحّة، أي في العام 2018، وضعت خارطة عمل لتأمين الرعاية الشاملة لجميع اللبنانيين، وبسبب الأزمة لم نستطع المضيّ بها، واليوم لا بد من حلول جذرية ودقيقة”.
ووفق حاصباني فإنّ “الحلول يجب أن تقوم أولاً على التركيز على عمل المستشفيات المتخصصة، وتوزيع أدوارها على المناطق بهدف التخفيف من الكلفة والتركيز على الدعم، ومن ثمّ العمل على إقرار قانون البطاقة الصحيّة أو ما يعرف بالتغطية الصحية الشاملة لتنظيم الرعاية الصحية الأوّلية وتخفيف كلفة الاستشفاء”.
وتابع: “كما يجب العمل أيضاً على تمويل القطاع الاستشفائي، وعليه فإنّ أيّ خطة تعافٍ للحكومة يجب أن يكون أساس تمويلها دعم القطاع الصحي، مع تشديد الرقابة على الأدوية وتصنيعها منعاً للهدر والتهريب، مع ضرورة المحافظة على دعم الأدوية الملحّة كأدوية السرطان وحليب الأطفال”.

وبينما انتقد حاصباني الدعم العشوائي الذي اعتمدته الحكومات في فترة الأزمة، أوضح بالتالي أنّه “كان يجب اعتماد الدعم المباشر من خلال خطة واضحة”.

وحول تراجع نسبة الاستيراد، اعتبر حاصباني أنّ “لبنان كان يعاني من فائض في الاستيراد والتهريب، واليوم ومع الأزمة، تحوّل الاستيراد على قدر حاجة السوق، خصوصاً وأنّ الضوابط باتت أكبر في عملية وصف الأدوية”، مشيراً إلى أنّ “30% من الأدوية المستوردة كانت تذهب هدراً أو من خلال التخزين في المنازل أو المستودعات أو عبر في التهريب”.
ودعا حاصباني ختاماً إلى “اعتماد سياسة تتبّع الأدوية، ما يحدّ من الإفراط في الشراء والتهريب”، مؤكداً أنّ “هذا الأمر يحتاج إلى تعاون بين الصيدليات والأطباء

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us