اللبنانيون يموتون بؤساً في أروقة المستشفيات.. “لا وزارة ولا ضمان والتأمين بالفريش دولار”!


أخبار بارزة, خاص 16 كانون الثاني, 2023

رسم التأمين الصحّي فاق قدرة العديد من اللبنانيين، فدولرة هذا القطاع أطاحت بالأمان الصحّي ما دفع غالبية العائلات المحدودة الدخل إلى اللجوء للوقاية ولكن ليس تحت مبدأ “خير من ألف علاج”!


كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:

في لبنان لم تعدّ “الصحة بالدني”، بل باتت فقط لمن يملك الدولار، إذ لا ضمان يغطّي ولا مستشفيات ترحم، فالخاص منها يفوتر بالدولار والحكومي قدرته استيعابية محدودة بعدما ضربته الأزمة الاقتصادية مثله مثل كلّ القطاعات اللبنانية.
في وسط كل هذا الجنون، لم يبقَ إلّا بوابة التأمين، غير أنّها ليست بوّابة “افتح يا سمسم”، فالتأمين الصحّي في هذه الأيام بات ثقلاً على كاهل اللبنانيين، فالتسعيرة الباهظة التي حدّدتها الشركات ليست بمتناول الجميع، توازي ذلك تكاليف مخيفة تتراكم على المريض الذي يدخل المستشفى خالي الوفاض، أي دون ضمان ولا تأمين ولا أموال في الجيب!

إيلي، الذي يبحث عن حلّ لتسجيل تأمين صحّي لوالدته المريضة التي تبلغ من العمر 61 عاماً، ووالده السبعيني، يسرد لـ “هنا لبنان”، معاناته، قائلاً: “شركة التأمين تطلب سنوياً مبلغاً وقدره 2500$”، مضيفاً: “هذا المبلغ يفوق قدرتي بكثير فراتبي لا يتجاوز الـ 450$ في الشهر”.
وفيما يجتهد إيلي لتأمين المبلغ، فإنّ مشكلة ميرا أكبر، إذ لا قدرة لديها للاشتراك بتأمين صحّي لوالديها، علماً أنّ والدتها مريضة وتحتاج أحياناً لدخول متكرّر للمستشفى.
“نحاول قدر المستطاع الحفاظ على صحّة والدتي كي لا نضطر إلى إدخالها للمستشفى”، تقول ميرا لـ “هنا لبنان”، مضيفة: “ما أجنيه أنا وإخوتي بالكاد يكفي لسداد فواتير الطعام والشراب والأدوية”.
إلى ذلك فإنّ دخول المستشفى في زمن “الدولرة”، بات “يكسر الظهر”، هذا ما يؤكده نجيب الذي يوضح لـ “هنا لبنان”، أنّ فاتورة والده في المستشفى وصلت إلى 40 مليون ليرة، مع العلم أنّ والدته اضطرت للدخول للقيام ببعض الصور الشعاعية فقط.

هل يمكن الاستغناء عن التأمين الصحّي؟
في هذا السياق، يقول مدير إحدى شركات التأمين المعروفة لـ “هنا لبنان”، إنّ “التأمين الصحّي بات ضرورياً اليوم في ظلّ انخفاض نسبة تغطية الضمان الاجتماعي للكلفة الاستشفائية، فالمريض المضمون، يتحمّل حالياً 90% من الفاتورة الاستشفائية، في حين يغطي الضمان فقط 10% منها”، مضيفاً: “في المقابل أصبحت تكلفة المستشفيات الخاصة مرتفعة جداً، وبالتالي هناك حاجة أكبر للتأمين الصحي الخاص الذي يغطي حوالي 100.000$ سنوياً”.
وعن تكلفة التأمين، أوضح أنّ “المبلغ السنوي يزداد مع تقدّم المضمون بالعمر فيبدأ مثلاً من 200$ سنوياً وقد يصل إلى 2000$”.
وعند سؤاله عن الدفع بالـ “فريش دولار”، يؤكّد أنّ “بعض شركات التأمين تقدّم خيارات متعدّدة للدفع ومن بينها، تسديد جزء من المبلغ على سعر منصّة صيرفة. ولكن بالإجمال، من الضروري أن يكون الدفع نقداً وليس عبر شيكات أو حوالات مصرفيّة”.

دولار الضمان بـ “15 ألف ليرة”.. هل سينعم اللبنانيون بالاستشفاء؟
بعدما تراجع الضمان عن تأدية دوره بسبب “فرق الدولار”، أوضح المدير العام للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي في تصريحات جديدة، أنّ “نسب التغطية ستزيد إلى 5 أو 6 أضعاف حتى الوصول إلى 90% كما كانت عليه تقديمات الصندوق في السابق، وذلك بالتزامن مع زيادة التعرفة الطبية والاستشفائية”.
علماً أنّ هذه التغطية ستستثني الأدوية والمستلزمات الطبية التي تسعّر وتدفع بالعملة الصعبة، ما يعني أنّ نسبة التغطية الفعلية للضمان مع زيادة الـ 6 أضعاف التي تحدث عنها كركي ستتراوح بين 40%- 50% من كلفة الاستشفاء.

ممّا لا شكّ فيه، أنّ الصحّة “خط أحمر”، لكنّنا أمام واقع يضع اللبنانيين في مواجهة خيارين أحلاهما مرّ: أو دفع مبالغ باهظة لعقود تأمين مدولرة… أو تجنّب دخول المستشفيات إلى حين نهوض الدولة بضمانها الصحّي ووزارتها المعنية!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us