هرولة وزارية


أخبار بارزة, خاص 9 شباط, 2023

حيال الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وخلّف آلاف الضحايا بين قتلى وجرحى ومفقودين ومشرّدين، تسقط كل الاعتبارات، وتسقط كل الحواجز والعداوات، وتتضافر جهود الحكومات والمنظمات الدولية والجمعيات لتأمين المساعدات على أنواعها وإنقاذ من وما يمكن إنقاذه.


كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:

ألم تجد الحكومة السورية، من هو أرفع منصباً من سفير سوريا السابق في لبنان علي عبد الكريم علي لاستقبال 4 وزراء لبنانيين وأربعة من كبار الموظفين أرسلتهم حكومة الرئيس ميقاتي للتضامن الإنساني والأخلاقي مع الشقيقة المنكوبة وتقديم واجب العزاء؟

وما الذي حال دون توجّه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، لاستقبال الوفد اللبناني الذي كان على رأسه وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب؟ أو على الأقل إيفاد وزير الأشغال السوري أو وزير الزراعة أو من يوازي هيكتورنا العظيم حجماً؟

حيال الزلزال المدمّر الذي ضرب مدناً وقرى آهلة في شمال سوريا (بعضها خارج سلطة الدكتور بشّار الأسد) وخلّف آلاف الضحايا بين قتلى وجرحى ومفقودين ومشرّدين، تسقط كل الاعتبارات، وتسقط كل الحواجز والعداوات، وتتضافر جهود الحكومات والمنظمات الدولية والجمعيات لتأمين المساعدات على أنواعها وإنقاذ من وما يمكن إنقاذه. ولعلّ أبلغ وصف للوضع الإغاثي ما صرّح به المتحدث باسم لجنة الإنقاذ الدولية مارك كاي إلى “نيويورك تايمز”: “في أيّ مكان آخر في العالم، ستكون حالة طارئة.. ولكن ما لدينا في سوريا هو حالة طوارئ داخل حالة طوارئ”.

لم يتحفّظ أي سياسي أو مسؤول لبناني ـ من أعتى المعارضين للنظام السوري إلى أكثر الجهات الحزبية التصاقاً بالديكتاتور وما بين الفئتين من متزلّفين ـ على أيّ خطوة أو أيّ تدبير أو أيّ مساعدة تصب في مصلحة الشعب المنكوب. لكن ما حصل في الساعات الأخيرة هو هرولة نحو التطبيع بتشجيع من “الثنائي الوطني” (أي “الثنائي الشيعي”) ترافق مع مناشدات لفك الحصار المفروض على نظام الأسد، علماً أن الخارجية الأميركية أوضحت أن “ليس هنالك في قانون قيصر والعقوبات الأميركية ما يمنع المساعدات الإنسانية الطارئة والأدوية عن الشعب السوري”.

بدا الوزراء الأربعة الممثلون، للتيار الوطني الحر وللثنائي الممانع، كالمهرولين إلى التطبيع، على وقع عذابات الناس. ولو انتعل هكتور حذاءين رياضيين لحقّق رقماً للبنان في الهرولة. حتماً تبارى الوزراء في مجلس سيادة الرئيس، في مسابقة امتداح العلاقات اللبنانية السورية واستحضار المحطات التاريخية المشرقة. الوقت المحدد لإنهاء المسابقة 45 دقيقة. قيل أنّ هكتور أبدع في ذاك اللقاء وقد اختير مكانه بعناية: أصغر غرفة جلوس في قصر المهاجرين. قعدة “كوزي”، وأنّ الرئيس الأسد أخذ أرقامه وإيميلاته لمزيد من التواصل والتشاور وأرسل معه ثلاث قبلات إلى الجنرال وعد هيكتور بتسليمها.

حتماً لم يكن من اللائق أمام المصاب الجلل، وبسبب ضيق الوقت المخصص للوفد، أن يفتح أيّ من الوزراء “باجوقه” لإثارة مسألة وجود مليوني مواطن سوري في لبنان ونحو الـ 600 مفقود لبناني في أقبية النظام. القيادة السورية غير مهتمة حالياً سوى بأمر واحد: الاستثمار السياسي في الزلزال، لبنانياً وعربياً ودولياً، والحؤول دون “تسرّب” مساعدات إلى السوريين الخارجين على حكم سيادة الرئيس.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us