هل أفلتت مطرقة المجلس من يد الرئيس بري؟


أخبار بارزة, خاص 4 آذار, 2023

منذ فترةٍ تراجعت مَلَكَة الظَّرْف والطُرفْة لدى “الأستاذ”، وانقلب إلى شخصية تلامس الانفعالية سواء في الأداء أو في المواقف..


كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

ثلاث ميزات يتمتَّع بها (أو كان يتمتع بها) رئيس مجلس النواب نبيه بري: الظّرْف والطُرفَة والذاكرة الثاقبة. يروي مَن زامله في كلية الحقوق أنه كان يحفظ عن ظهر قلب مادة “قانون الموجِبات والعقود” مادةً مادةً، وبقيت ذاكرته متوقدة لأنه كان يحفظ أسماء جميع مَن أدخلهم إلى إدارات الدولة من موظفين ومياومين ومدراء عامين وحتى الذين كانوا يتطوعون في كل مرة تفتح دورة في قوى الأمن الداخلي أو غيرها من الأسلاك.

الظَّرْف والطُرفة لا يفارقانه، سواء في مجالسه الخاصة في عين التينة، أو في الجلسات النيابية العامة حيث أن الإعلاميين ينتظرون قفشاته لاستخدامها في عناوينهم.

حتى كلماته في المناسبات، الحركية منها والمجلسية، كانت في استهلالاتها من “عيون الأدب” وإنْ كانت لمسات الراحل بلال شرارة واضحة فيها.

منذ فترةٍ تراجعت مَلَكَة الظَّرْف والطُرفْة لدى “الأستاذ”، وانقلب إلى شخصية تلامس الانفعالية سواء في الأداء أو في المواقف، فهل لهذا التحوُّل علاقة بشعورٍ لديه أنه لم يعد يقف على أرضٍ صلبة في ساحة النجمة وأن هذه الأرض تميد تحته؟

يحتاج الأمر إلى تدقيق لاستكشاف الأسباب المباشرة وغير المباشرة، أو على الأقل المعلنة وغير المعلنة.

في الأسباب غير المباشرة، يعرف الرئيس بري أن حلفاءه وخصومه يعرفون أنه لم يعد هناك ثنائي شيعي، بل “أوّلٌ” شيعي و”ثانٍ” شيعي، والرئيس بري هو “الثاني” وليس الضلع الآخر

“للثنائي”، هذا ما تظهره الأرقام ولا سيما منها الأصوات التفضيلية لكل من حزب الله وحركة أمل في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وهذا ما جعل أحد الظرفاء، الخبثاء، يصف الرئيس بري بأنه “المعاون السياسي” للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

في الأسباب غير المباشرة أيضًا أن الرئيس بري يعيش هاجس “الاستمرارية” داخل حركة أمل، فإذا توفرت هذه الاستمرارية من داخل العائلة، سواء عبر نجله عبدالله أو غيره، فإن “وصمة” التوريث ستلاحقه، وهو ابن حركة المحرومين التي أسّسها الإمام المغيَّب موسى الصدر ضد الإقطاع والتوريث.

في الأسباب المباشرة، يعيش الرئيس بري هاجس “عدم الفاعلية”، وهو الذي اعتاد “الأستذة” في قاعة مجلس النواب، ويشعر بأنه فقَد الهالة والهيبة، ومن علامات التراجع والأفول:

انتخابه مجددًا رئيسًا لمجلس النواب بأكثرية هزيلة جدًا.

الفشل في “سلَّة” التوافق على رؤساء اللجان ومقرريها، وفرض النواب عليه إجراء انتخابات اللجان.

عجزه عن تأمين عقد جلسة تشريعية.

انفراط عقد اللجان النيابية المشتركة من بين يديه.

الاعتصام داخل مجلس النواب، وقد بذل كل المحاولات لعرقلته.

وبين الأسباب المباشرة والأسباب غير المباشرة، تبدو علامات التقهقر واضحة، ولعل أبرزها عدم تمكنه من إعادة علاقته بالنظام السوري إلى ما كانت عليها قبل 2011.

انطلاقًا من كل هذه المعطيات، لم يعد الرئيس بري “أستاذ اللعبة”، وبدأ هذا التحوَّل يظهر في ملامح مواقفه، فمَن كان يتوقع أن يصف الرئيس بري النائب ميشال معوض ما وصفه به، وهو زميله في مجلس النواب، وقد نال في إحدى جلسات الإنتخاب 49 صوتًا، فهل يستخف رئيس المجلس بهؤلاء؟

ثمّة مَن يذكِّر بأنه في موضوع الانتخابات الرئاسية لم يكن الرئيس بري يومَا “أستاذ اللعبة”: الرئيس إميل لحود لم يكن خياره، لكنه انتُخِب. الرئيس ميشال سليمان لم يكن خياره، لكنه انتُخِب، الرئيس ميشال عون لم يكن خياره، لا بل أكّد أنه لن ينتخبه لأنّه لا يريد أن ينتخب رئيسين في آنٍ واحد، والمقصود أنّه لا يريد أن ينتخب جبران باسيل مع العماد عون، أما الذين كانوا خياره منذ 1998 إلى اليوم، فلم يُنتخبوا، وهذا سببٌ ثابت لخروجه عن هدوئه.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us