ارتدادات زلزال تركيا في لبنان… مبانٍ سكنية مهددة بالانهيار في أي لحظة


أخبار بارزة, خاص 7 آذار, 2023

مباني الإيجارات القديمة مهدّدة بالسقوط، لكنّ قيمة الإيجارات الّتي تُدفع لمالكيها تقف عائقاً أمام ترميمها.. والمباني الجديدة التي يفترض أن تكون مقاومة للزلازل، فعدم الالتزام بالقانون واللجوء إلى المواد الأوليّة الرخيصة، يضعها أيضاً في دائرة الخطر..


كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:

زلزال تركيا لم يكن مجرّد مأساة نتفرّج عليها عبر الإعلام ونحزن على ضحاياها، بل كان بمثابة ناقوس خطر يقرع في لبنان، ويهزّ المباني المهترئة فيه، ويضعضع ضمير كلّ مقاول ومهندس وعامل في مجال البناء. فقد أعاد الزلزال الذي حصل على الحدود التركيّة والسوريّة في أوائل شهر شباط الماضي، ملفّ الأبنية المتصدّعة إلى الواجهة من جديد. فمن المعلوم أنّ عدداً كبيراً من المباني في بيروت مهدّد بالانهيار وما زاد من تفاقم هذه المشكلة هو انفجار مرفأ بيروت عام 2020 الذي تسبّب بخراب كبير في المناطق المحيطة بالمرفأ. ومن بيروت نتّجه شمالاً نحو مدينة طرابلس، حيث تقريباً 10% من مبانيها مهدّدة بالانهيار أيضاً. الخوف نفسه يشعر به سكّان صيدا الذين يقطنون في مبانٍ قديمة ومتصدّعة في مختلف أرجاء المدينة الساحليّة. إذاً فالخطر جدّي ومن الضروري معالجته قبل فوات الأوان!

الإيجارات القديمة ومن فيها عُرضة لخطر الانهيار!
أعلن نقيب المالكين باتريك رزق الله، في تصاريح سابقة، أنّ عمليّات ترميم مباني الإيجارات القديمة أمر “طارئ” لا مجال لتأجيله. في المقابل، يعجز المالكون عن القيام بهذه المهمّة نظراً لانعدام قيمة الإيجارات القديمة التي يقبضونها من المستأجرين. إلى ذلك، ناشد رزق لله وزارة الداخليّة والمعنيين، لتفعيل دور اللّجان القضائيّة عبر مجلس القضاء الأعلى، بهدف تمكين المالكين لترميم المباني، بموجب قانون الايجارات، تجنّباً لأي كارثة قد تحدث في أي لحظة.

هل تستوفي المباني الجديدة في لبنان شروط السلامة العامة؟
الخبير في مجال البناء والتعهّدات إيلي معلوف، يشرح في مقابلة خاصة لـ “هنا لبنان” أنّ القانون سابقاً كان يفرض على الأبنية التي يبلغ ارتفاعها أكثر من 4 طوابق إجراء دراسة هندسيّة قبل البدء بالبناء. لكن منذ 4 سنوات، تمّ تعديل هذا القانون لتشمل الدراسة الهندسيّة كلّ الأبنية مهما كان ارتفاعها. وأضاف: “للأسف لا التزام تام بهذا القانون، وهناك تقصير من التنظيم المدني في متابعة ملفّ البناء، من دون أن ننسى إمكانيّة تقديم رشوة لتمرير خرائط غير مؤهّلة لأن تُنفّذ. وعن الدراسات الهندسيّة يشرح معلوف أنّها عبارة عن تصاميم تتمّ على الكمبيوتر حيث يتمّ رسم خريطة البناء وإدخال درجات قويّة من الزلازل عليه لتحليل مدى قوّة تحمّل البناء ومتانته، وبالتالي في حال حدوث كارثة طبيعيّة، فإنّ البناء لن يتأثر ولن ينهار وقد لا يتصدّع بل قد يتمايل بشكل طفيف جداً.
وشدّد معلوف على موضوع التوفير في المواد الأوّليّة كالحديد والباطون بهدف تقليل الكلفة، وعدم اكتراث المتعهّدين لحياة السكّان، وقلّة خبرة تجّار البناء، وبالتالي من غير المستبعد أن تتعرَّض الأبنية للتصدّع حتى من دون حصول زلزال. ولفت إلى أنّ اللجوء للمواد الأوليّة “الرخيصة” سيؤثّر على عمر البناء وعلى متانته وبالطبع سيكون عرضة للسقوط عند حدوث أي زلزال. ونظراً إلى الربح الخيالي الذي يجنيه تجّار البناء من المشاريع، ازدهر هذا المجال بشكل كبير بالتزامن مع توفّر قروض الإسكان قبل بدء أزمة لبنان الاقتصاديّة.

اللبنانيون خائفون على سلامة أبنيتهم بعد زلزال تركيا!
في السياق نفسه، يؤكّد المهندس المدني الاستشاري طوني بولس في حديث لـ “هنا لبنان”، أنّه منذ عام 1994 كلّ مهندس مجبر على تقديم خرائط مشروعه لنقابة المهندسين قبل تنفيذ المشروع، كذلك يتمّ طلب دراسة مفصّلة للمشروع خلال الزلازل، وبما أنّ لبنان يقع في منطقة تسمّى بـ zone Moyenne ، فإنّ الدراسات تُبنى على زلزال بقوّة 7 درجات على مقياس ريختر. وعلى هذا الأساس، يضاف إلى الأبنية حيطان من باطون لمقاومة أي زلزال وهزّة، ما يحمي البناء من الهبوط، لكن قد تظهر بعض التشققات، بعد حصول الكارثة الطبيعيّة وفي هذه الحالة على السكان أن يغادروا منازلهم في أقرب وقت.
بالعودة إلى نقابة المهندسين وبعد الموافقة على المشاريع المطروحة والمستوفية شروط سلامة البناء، تبدأ مرحلة التنفيذ، وهنا تكمن المشكلة إذ أنّ بعض المهندسين لا يتقيّدون بالخرائط المقدّمة إلى النقابة، ويعمدون إلى التقليل من المواد الأوّلية بالاتفاق مع تجّار البناء (كتخفيف كميّة الحديد والباطون…) ومن دون أي رقابة!
أخيراً، لفت بولس إلى أنّه بعد حدوث زلزال تركيا، ووصول الهزات الارتداديّة إلى لبنان، تواصل معه عدد كبير من المواطنين القاطنين في أبنية سكنيّة في محيط بيروت للكشف عن المباني والتأكّد من سلامتها، وأكّد أن حتى الآن لا خطر ظاهر وأنّ تلك الأبنية ما زالت سليمة وقابلة للسكن.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us