الاتفاق السعودي – الإيراني: نهضَت الصين… فاهتزَّ العالم


أخبار بارزة, خاص 18 آذار, 2023

التقت اهتمامات ومصالح الصين والسعودية وإيران على الخوض في المفاوضات: الصين تريد تعزيز واقعها كدولة عظمى عضو في مجلس الأمن الدولي وصاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والسعودية تتطلع إلى أن تكون “أوروبا الشرق الأوسط” وعلى أن تكون السعودية “صفر مشاكل” ولا يتحقق ذلك في منطقة حروب واضطرابات، بل في منطقة استقرار..


كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

منذ نصف قرن، صدر كتاب لديبلوماسي فرنسي هو “آلان بيريفيت”، ALAIN PEYREFITTE عنوانه: “يوم تنهض الصين يهتز العالم” Quand la Chine s’éveillera… le monde tremblera
الكتاب يمكن إدراجه في خانة “أدب الاستقصاء”، وهو يحاول أن يفكك شيفرة الثورة الثقافية الصينية، وتأثيرها على العالم.
تعيش الصين على ثورة ماوتسي تونغ وفلسفة كونفوشيوس، وبهذه الخلطة العجيبة تحاول تقديم معالجات لأزمات العالم ومعضلاته، معتمدةً في بعض الأحيان على عِلم “الطب الصيني”، والوخز بالأبر.
انطلاقًا من ثلاثية “الثورة والفلسفة والطب”، تحاول الصين الدخول على خط أزمات العالَم، دخلت في مغامرة طرح مبادرة سلامٍ لوقف الحرب في أوكرانيا. فهل هي مفارقة أن الذي تولى طرح مبادرة وقف الحرب في أوكرانيا هو “وانغ يي”، الديبلوماسي الصيني الذي تولى التفاوض مع السعودية وإيران؟
التقت اهتمامات ومصالح الصين والسعودية وإيران على الخوض في المفاوضات: الصين تريد تعزيز واقعها كدولة عظمى عضو في مجلس الأمن الدولي وصاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم. السعودية، مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تتطلع إلى أن تكون “أوروبا الشرق الأوسط” كما قال في أحد المؤتمرات، ويعمل على أن تكون السعودية “صفر مشاكل” ليُسرِّع إنجاز مشاريع 2030، من العُلا إلى “نيوم”، ولا يتحقق ذلك في منطقة حروب واضطرابات، بل في منطقة استقرار. كيف يمكن ذلك وإيران تعلن على الملأ أنها تسيطر على أربع عواصم ومدن عربية: بغداد، دمشق، بيروت، وغزة، بالإضافة إلى دعمها المطلق للحوثيين في اليمن؟ انطلاقًا من هذا الواقع، تحركت الدبلوماسية الصينية في لحظة بالغة الدلالات: الحرب أرهقت طهران، الرياض اختارت الاستثمار والازدهار، والشرط هو الاستقرار.
لو لم تكن الأرضية مهيَّأة، لَما انتهت المفاوضات في أربعة أيام، مطلع هذا الشهر. لنتذكَّر أن مفاوضات تُقاس بالسنوات وليس بالأيام، ولا تنتهي، كمفاوضات النووي الإيراني في فيينا.
الإتفاق السعودي الإيراني تحت الاختبار، ولو لم يكن كذلك، لَما أعطي شهران لتتبلور عدة خطوات أبرزها: استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارتين، واختبار احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
في التقارب السعودي الإيراني، النيات تتقدم على البنود، أو تسير في موازاتها على الأقل، في البراهين على ذلك أن حسن النيات يلامس الغزل: وزير المال السعودي محمد الجدعان ذهب أبعد من إعادة العلاقات فتحدث عن أن إيران دولة مجاورة، ولا يرى أي معوقات تمنع تطبيع العلاقات والاستثمارات بين البلدين، إن الاستثمار السعودي في إيران يمكن أن يحدث بسرعة كبيرة “ما دمنا ملتزمين مبادئ الاتفاقية واحترام الحقوق السيادية لكل دولة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام مواثيق الأمم المتحدة”.
في المقابل، أشاد المفاوض الإيراني علي شمخاني بالدور السعودي.
عميد الديبلوماسيين الأميركيين، هنري كيسنجر، وفي مقابلة أجريت معه الثلاثاء الفائت في “واشنطن بوست”، يعلق على المصالحة فيعتبر أنها “تغيير جوهري في الوضع الاستراتيجي للشرق الأوسط”، ويشبه ما حدث بتدخل واشنطن أثناء إدارة نيكسون للتوسط بين الصين و روسيا ونزع الخلاف بينهما. المهم في كلام كيسنجر اعتباره أن السعوديين يوازنون أمنهم من طريق تنافس الولايات المتحدة مع الصين.
من خلال تقييم كيسنجر للأداء السعودي، يظهر جليًا أن المملكة أصبحت لاعبًا دوليًا يعرف كيف يقيم التوازنات بين الجبَّارين: الولايات المتحدة والصين.
هل يجدر التفاؤل؟ الإجابة الدقيقة هي: الترقب، وتحديدًا لشهرين، فإذا كان فريقا التفاوض أخذا شهرين، فما على العالم سوى الانتظار حتى الثلث الأول من أيار، موعد انتهاء مهلة الشهرين. هل على لبنان أن ينتظر ايضًا؟ مَن يجرؤ على تقديم جواب؟ وهل يملك غير الإنتظار؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us