سرقة المازوت في منشآت طرابلس: إخلاء سبيل غمرواي واستئناف التحقيقات


أخبار بارزة, خاص 24 آذار, 2023

السرقة مستمرة على مرأى الدولة، وعشرات المحاضر لدى مخافر قوى الأمن الداخلي في المنطقة المحيطة بالمنشآت وضعت في الأدراج، وأُطلق سراح عشرات الموقوفين بجرائم سرقة وكسر وخلع. كل ذلك، سمح للسارقين بالتمادي بأفعالهم الشنيعة في غياب المحاسبة، فتكرار العمليات وبيع المخزون المسروق، يوحي بأن القضية مرتبطة بنافذين يحمون الاعتداء على الأنابيب ويغطّون بيع المازوت في السوق.

كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:

هو الفساد ينخر مؤسسات الدولة التي تتآكلها المحسوبيات والزبائنية، وحوّلتها الأحزاب الحاكمة إلى أملاك خاصة، عيّنت ووظّفت فيها أزلامها بعيداً عن الكفاءة والنزاهة.

قصّة منشآت طرابلس وعملية سرقة نحو 600 ألف ليتر من المازوت والنفط الخام في خطوطها الممتدة من البداوي لغاية الحدود الشمالية، من مئات قصص السرقات والفساد في لبنان وتشبه ملفات الفساد في هيئة إدارة السير والدوائر العقارية. وفي كلّ مرّة، يُقبَضُ على صغار المتّهمين، ويُفرج عن المدعومين منهم. فيما كبار المسؤولين يبقون خلف الكواليس.

رغم قرار قاضي التحقيق الأول في الشمال القاضية سمرندا نصار بإزالة الشمع الأحمر عن المنشآت، إلّا أنّ العمل لا يزال متوقّفاً، بعد مصادرة جميع الأجهزة والكومبيوترات من داخلها، ما يعيق استئناف العمل، وتحويل كل البواخر إلى منشأة الزهراني لتفريغها.

أواخر تشرين الثاني الماضي، أصدرت القاضية نصار قراراً بتوقيف المدير العام المعاون لمنشآت النفط في طرابلس هادي الحسامي وشقيقين من آل غمراوي يعمل أحدهما رئيساً لدائرة الحرس والثاني رئيساً لدائرة التخزين بتهمة السرقة والإهمال الوظيفي، وذلك بعد الكشف على مبنى المنشآت وخزاناتها، وسحب كل الداتا التي تحتاجها التحقيقات.

إلّا أنّ الهيئة الاتِّهامِيّة في الشمال أصدرت قراراً بإخلاء سبيل الحسامي، ومسؤول دائرة التخزين محمد غمراوي، بكفالة 20 مليون ليرة لكلّ منهما، فيما أبقت الهيئة الاتهامية على الموقوف الثالث راشد غمراوي. وتؤكد مصادر قضائية لـ “هنا لبنان” أنّ من أخلي سبيله أو تمّ استدعاؤه قضائياً لم يعد إلى عمله من جديد، إذْ صدر قرار قضائي أرسل إلى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض يقضي بألّا يعود أيّ منهم إلى مكتبه للعمل من جديد إلى حين انتهاء التحقيق.

وبحسب معلومات موقع “هنا لبنان” فإن نصار أصدرت الخميس قراراً بإخلاء سبيل الموقوف الثالث راشد غمراوي مقابل كفالة بقيمة مليارَي ليرة، وهي كفالة مرتفعة جدًا وتشكل سابقة قضائية.

تؤكد مصادر قضائية لـ “هنا لبنان” أن التحقيقات مستمرة، وستُستأنف مطلع الأسبوع القادم، حيث ستستمع القاضية نصار إلى أربعة موظفين، سبق أن ادعت عليهم بجرم الإثراء غير المشروع وهدر المال العام والإهمال الوظيفي، ولم يتم استجوابهم حتى الآن، وبناء على مجرى التحقيقات، قد تصدر نصار مذكّرة توقيف بحقهم إذا ثبت تورطهم بعمليات السرقة المزعومة.

ترفض المصادر القضائية “الحديث عن وجود أي ضغوطات سياسية أو تدخّلات لحرف مسار التحقيق، أو للإفراج عن المتّهمين، وتؤكد أنّ كلّ من يثبت تورطه بعملية السرقة سيتمّ استدعاؤه إلى التّحقيق، موضحة أنّ ما أخّر مسار التحقيقات هو اعتكاف القضاة لمدة أشهر.

وعليه، فإنّ مطلع الأسبوع المقبل سيشهد إعادة تحريك الملف بعد التوسع بالتحقيقات، وتعيين جلسة جديدة للاستماع إلى الموظفين المُدّعى عليهم.

في المقابل، يقول عدد من الموظفين في المنشآت الذين يرفضون وضعهم في دائرة الشبهة والاتّهام، لـ “هنا لبنان” أن عمليات السرقة ليست بجديدة، وسبق أن تم القبض على عصابات مؤلفة من لبنانيين وسوريين قاموا بسرقة المازوت من خطّ الأنابيب الظاهر وبطريقة احتيالية محترفة، وهم قاموا بإبلاغ الإدارة العامة والأجهزة الأمنية باستمرار عملية ثقب الخطوط وخصوصاً الممتدة من خزانات منشآت النفط فوق الطريق العام إلى دائرة التعبئة، ووجدوا في منطقة الخزانات والتي لا يوجد فيها أيّ جدار ولا كاميرات مراقبة غالونات ومستوعبات ممتدة على مسافات طويلة إضافة إلى كميات من المازوت المهدورة على الأرض، مطالبين الجهات الأمنية والقضائية التحرك للبحث عن السارقين الذين لا يمتون إلى المنشآت بصلة.

رئيس الاتحاد العمالي في الشمال شادي السيد يقول لـ “هنا لبنان” إن سرقة المازوت تتم من خارج المنشآت وليس من داخلها، وأن الهدف من كل ذلك تدمير مؤسسة المنشآت النفطية، متهماً القاضية نصار بتسييس الملف والتهديد بالتنحي.

ويتوقف السيد عند قرار نصار بتوقيف كل من “بسام عيسى، ومحمد المصري عن العمل لحين انتهاء التحقيقات، في حين أنها سمحت للمدير بالتكليف زاهر سليمان في المديرية العامة للنفط بمزاولة عمله، وقبض راتبه بسبب قربه من التيار الوطني الحر”، ويسأل السيد “لماذا لم تستمع نصار إلى المديرة العامة السابقة لمنشآت النفط في لبنان في وزارة الطاقة أورور فغالي، التي لم تأخذ الكتب التي أرسلها مراراً الحسامي إلى وزارة الطاقة والتي يشير فيها إلى عمليات السرقة بعين الاعتبار. ولماذا لم توجّه نصّار الأسئلة إلى وزراء الطاقة السابقين وعلى رأسهم الوزيرة ندى البستاني، التي لم تقم بأي إجراء لمنع السرقات رغم كل الكتب التي وُجّهت إليها؟”

في محاولة لمنع تكرار محاولات السرقة، أطلقت المديرية العامة للنفط مناقصة لتلزيم شركة خاصة لتأمين الحماية الأمنية للمنشآت عبر هيئة الشراء العام. وبعد فشل المناقصة لمرتين، لُزّمت لشركة خاصة بقيمة 213 ألف دولار أميركي. مبلغٌ كان كفيلاً ببناء سياج حدودي للمنشآت ولخط النفط حتى الحدود السورية ووقف مسلسل السرقات.

إذاً، السرقة مستمرة على عينك يا قضاء وعلى مرأى الدولة، وعشرات المحاضر لدى مخافر قوى الأمن الداخلي في المنطقة المحيطة بالمنشآت، وضعت في الأدراج، وأُطلق سراح عشرات الموقوفين بجرائم سرقة وكسر وخلع. كل ذلك، سمح للسارقين بالتمادي بأفعالهم الشنيعة في غياب المحاسبة وتأمين الحماية لهم، فتكرار العمليات وبيع المخزون المسروق، يوحي بأن القضية مرتبطة بنافذين يحمون الاعتداء على الأنابيب ويغطّون بيع المازوت في السوق.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us