جعجع: أي مرشّح من محور الممانعة هو الفراغ بذاته

لبنان 1 نيسان, 2023
جعجع

أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن أيَّ مرشّحٍ من محور الممانعة، مهما كان اسمه او هويته هو الفراغ بحد ذاته، مشدداً على أن من يريد الدويلة والسلاح غير الشرعي، “يعمِلُنْ عندو”، فمن غير المسموح من الآن وصاعدا أن نسمع بحوادث انتحار او هجرة او “يندفن شعب هوي وعايش” بسبب القهر واليأس وكثرة الظلم والفساد.

هذه المواقف أطلقها جعجع عقب الذبيحة الإلهية لراحة أنفس شهداء زحلة الذي تحييه منسقيّة “القوّات اللبنانيّة”، في مقام سيدة زحلة والبقاع، في حضور: النائبين جورج عقيص والياس اسطفان، النائبين السابقين طوني ابو خاطر وشانت شنشنيان، رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، راعي أبرشية زحلة المارونية المطران جوزيف معوض، راعي ابرشية زحلة للروم الارثوذوكس المتروبوليت انطونيوس الصوري، راعي ابرشية زحلة والبقاع للسريان الأرثوذكس مطران مار يوستينوس بولس سفر، رئيس بلدية زحلة المعلقة وتعنايل اسعد زغيب، رئيس اقليم زحلة الكتائبي داني فياض، مفوض حزب الوطنيين الاحرار في زحلة فارس شمعون، ممثل حزب الاتحاد السرياني جوزف ملّو، ممثل تجمع الصناعيين في البقاع جان اسطفان، رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعادة. وشارك ايضا أمين عام حزب “القوات اللبنانية” اميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون المناطق جوزيف أبو جوده، معاون الأمين العام لشؤون الانتخابات جاد دميان، رئيس مصلحة الاساتذة ربيع فرنجي، رئيس مصلحة المهندسين جاك غصن، عضوا المجلس المركزي ميشال تنوري وطوني القاصوف، رئيس جهاز الشهداء والمصابين والاسرى شربل ابي عقل وحشد من رؤساء بلديات المنطقة ومخاتير ورجال اعمال وفاعليات اقتصادية وصناعية ورؤساء اندية وجمعيات.

واستهل جعجع كلمته بالقول: “ع زحلة ما بيفوتوا زحلة النَّجم الما بينطال” هذا ما حصل في نيسان 1981وهذا ما سيحصل دائما. يتغيّر اسم المعْتدي والمحتل ولكن “زحلة تبقى زحلة”، جارة قمم صنين وصانعة الأمجاد في الأزَمات والأخطار. هكذا خُلّد اسمها في سجلات التاريخ والمقاومة منذ زمن وهكذا سيبقى.”

تابع: “في زمن الهزات الجيولوجية والأراضي التي تزحَل، تبقى زحلة بمبادئها وقِيَمها واصالة اهلها كصخور صنين “لا بتهتزّ ولا بتزحَلْ”، فهي مدينة الشموخ والمقاومة، حرقها الغُزات 3 مرات، قبل ان يحرقها “جيش الأسد” المرة الرابعة في نيسان الـ1981 حين رفضت الخضوع. بعد كل حريق كانت تنفض عنها الرماد لتعود وتعمر وتزدهر أكثر من قبل، واليوم مهما اشتدّت الصعوبات على أهلها، في نهاية المطاف، ستزهّر مواسم خيرات وعِز، وستخرج التركيبة الفاشلة الفاسدة التي أوصَلتها ولبنان الى جهنّم الذي نعيشه”.

كما اعتبر أن “زحلة ليست فقط ارض الكَرَم على وِسع السهل، انما ارض الكرامة على وِسع الزمن والمدى والحريّات والمسافات، وإحدى عناوينها معركة الصمود والبقاء والمقاومة التي خاضها ابطال في نيسان 1981، كذلك ليست مدينة الشعراء والأُدَباء فقط، والتي تضم خزّانا من الكفاءات العلمية والعملية، لا بل هي مخزون اكبر واكبر من المقاومين والمقاومات وتختزن في قَلبها تاريخا طويلا من الصمود والمقاومة والعنفوان، “لنبقى، تبقى الحرية ويبقى لبنان”. واشار الى انه “على قدر ما تسخى مواسمها خيرات وغلاّت على اهلها، بقدر ما تسخى ارض زحلة شهداء وابطالا ومناضلين على مساحة كل لبنان.

واذ شدد على أن “أهل زحلة ليسوا مكسر عصا لعصابات وقطّاع طرقات يخطفون ويسْلبون مواطنين خلال تنقلاتهم اليومية”، أكد جعجع ان “المطلوب من الدولة تحمّل مسؤولياتها ووضع حدٍّ نهائي لهذه الاعتداءات، لأن “الزحالنة” لديهم الكرامة والعنفوان و”مش كِل مرة بتسلَم الجرة.

الى ذلك، رأى ان “زحلة تمتّعت بامتياز شقّ درب جمهورية “العشرين يوم ويوم”، اذ تحلّت بشجاعة تحدّت فيها عنجهية الأسد “بنص دين المنطقة” التي اعتبرها العمق الحيوي في البقاع، ولأن صُمودها وتضحياتها في “تسعين يوم ويوم” كَسرت الموازين وبدّلت قواعد اللعبة، الأمر الذي منحها مفتاح القصر الجمهوري فسَلَّمته، على طبق من اكاليل الغار، لبشير قائلة: “سيدي الرئيس نُفِّذَ الأمر”.

وأضاف: “هنيئاً لزحلة والمقاومة ولبنان بـ”التسعين يوم ويوم” من البطولة والصمود والعنفوان والمقاومة، وهنيئاً اكثر واكثر بـ”العشرين يوم ويوم” من النزاهة والدولة الحقيقية والجمهورية القوية، ولو كانت فقط “عشرين يوم ويوم”. كما أعطت زحلة هذا العهد الذي حقق كل الفرق، ولو معنويا ومبدئيا على مستوى كل العهود التي مرّت منذ الاستقلال الأول، عادت في العام 2022 ومنحت 21 الف صوت وصوت لـ”القوات اللبنانية” التي نجحت بدورها في انجاز فرق شاسع على مستوى الانتخابات، وساهَمت بتصويب بوصْلِة صِحّة التمثيل السيادي والإصلاحي، في زَمَن الاستقلال الثاني: زحلة قِصَّة كبيرة وستبقى”.

آثر “رئيس القوات” على التذكير أن “زحلة لم تقاوم في 1981 ولم تدفع التضحيات الجمّة كي يتعذّب ويعاني ويموت أهلها من جديد جرّاء تركيبة سلطوية مهترئة مستقوِية بسلاح غير شرعي، وآخرهم كان الرفيق الشهيد بيار صقر الذي نجا من الموت مرّات ومرّات في زمن النضال والمقاومة العسكرية رغم اسهاماته الكبيرة في مضمار المقاومة، ليعود في زمن السلم ويدفع ثمن حياته وتحرره وحرّيّته الأبدية من الحصار المعيشي والسياسي والصحي والدستوري والرئاسي والسيادي الخانق على خلفية ما فرضته هذه التركيبة على الشعب اللبناني وما زالت مستمرة حتى الموت او الهجرة او اليأس او الانتحار او الانفجار”.

ولفت الى ان “هذه التركيبة السلطوية تختبئ خلف شِعار “التعايش الوطني والوحدة الوطنية”، الا انها في الحقيقة لم تدع اللبناني يتعايش سوى مع الفقر والعَوَز والسلاح غير الشرعي، كما انها لم توحّد اللبنانيين مع بعضهم البعض إلّا على الذل والقهر والمُعاناة”.

وأردف: “في هذه المناسبة نطمئن كل من أوصلته هذه التركيبة الى المكان الذي وصل اليه بيار أن روحه أمانة لدينا نحن الأحياء، لذا يجب الا نسمح لهذه المنظومة ومن خلفها خطفَ أرواح جديدة، ولن نسمح بأن تفقدنا الأمل و”تْرَكِّعْ” روح المقاومة فينا لنرضخ لهذا الوضع المزري، ونرضى بالمكتوب وبمشيئة القدر. ففي قاموسنا لا ركوع ولا رجوع، ولن نرتاح الا عندما نعيد الكرامة والحرية للشعب اللبناني ونحقق لبيار ورِفاقه وكلّ شهداء زحلة، حلمهم وتطلُّعاتهم بِوَطَنْ يليق بهم”.

من جعجع رسالة الى بيار، قال فيها: “رفيقي بيار، تركتَ زحلة بالجسد ولكن روحك باقية عند الاف والاف من رفاقك الذين سيتابعون مسيرتك رغم الصُعوبات الكبيرة، وعند “القوات” حيث “ربِيِتْ وكْبِرِتْ فِيا وكِبْرِتْ هِيِّي فِيكْ”، والتي لم تقبل بدخولك على رِحاب الآب السماوي إِلّا وأنتَ مُلتحِفٌ بِعَلَمِها كي تلتحِقَ بِرِفاقك الشُهداء. “القوات” لن تكون الا “متل ما انت بِتشُوفا”، مقلع ابطال ومناضلين ومؤمنين حقيقيين سيستمرّون بالنضال حتى الوصول الى جمهورية الحق والحرية والانسان التي نحلم بها. هذا عهد ووعد منا، اليك يا بيار ولكلِّ رِفاقك الشُّهَداء”.

وجدد التأكيد أن “معركة زحلة الـ1981 هي احدى المعارك العسكرية والسياسية الكثيرة التي خاضتها المقاومة اللبنانية، منذ العام 1975 وما قَبل، ضد ايِّ إِنقلاب او اختِلال بالمفاهيم السياسية والديمقراطية المتعارَف عليها، وليس فقط ضد الاحتلال والظلم والتَّبَعية والعَبَثية”. ولفت الى ان “الصيغة السياسية او التركيبة السلطوية وُجِدَتْ في الأساس لخدمة الإِنسان وكرامته وليس لإذلاله وإِهانته وسَلبه الكرامة والحقوق، تماماً كما هو حاصل في الوقت الراهن بسبب التركيبة الحالية القائمة على الصفقات والسمسرات والفساد والمحسوبية واللاقانون واللادولة، وهمّها الوحيد حماية سلاح غير شرعي، و”تبيّض وِجّا” مع محور الممانعة لإرضاء طموحاته التوسعية، ولو على حساب لقمة عيش اللبنانيين وصحتهم وحياتهم ووجودهم وكرامتهم”.

“رئيس القوات” اعتبر ان “هذه التركيبة تشكِّل بيئة حاضنة مثالية “لتْفَقِّس” وتستشري فيها أكثر كل انواع الأزمات والتحديات، مثلما نشهد في موضوع الفراغ الرئاسي، اذ يتحدّثون عن حوار وتفاهم، فيما قرروا سلفا من يريدون، تبعاً للطريقة التي يبغون”، متوجّها الى “من يبتزّنا ككل مرة، ويخيّرنا بين المرشّح التابع له او الفراغ”، بالقول: “”روح بلّط البحر” لأن اي مرشّح من محور الممانعة، مهما كان اسمه او هويته هو الفراغ بحد ذاته، ولن يكون عهده الا تتمة للجزء الأول من العهد السابق”.

واستطرد: “لم تكن مشكلة العهد السابق فقط بهوية الرئيس واسمه، بِقَدَرْ ما كانت في نهج دويلة محور الممانعة المُناقِض تماماً لمفهوم الدولة ما أوصل لبنان الى الإِنهيار والافلاس و”النَّبِذْ” عربياً ودولياً، لذا طالما لم يتغيّر هذا النهج فأي مرشح من هذا الخط، مهما كان اسمه، سيؤدي الى نتيجة مشابهة لتلك التي شهدناها في العهد السابق. زمن الترقيع والرمادية والتسويف قد ولّى، وأيُ مرشح لا هوية واضحة له ويفتقر الى المعالم السيادية والاصلاحية مرفوض، بالتالي كل مرشح ترقيع “بوقْتْ ما بقى في شي بهالدولة يترقَّع”، غير مقبول”.

من هنا، اشار جعجع الى ان “محور الممانعة تسلّم الرئاسة مرّة، ودمَّر البلد الف مرة ومرة، لذا حان الوقت كي يبتعد ويفسح المجال امام اللبنانيين الشُرَفاء الإِصلاحيين السياديين ليُخرجوا الشعب من هذا الآتون الذي تسبب به هذا المحور، بدل ان يسعى الى حوارات لطرح مرشحين والاتيان برؤساء او الى التفاوض حول شكل الحكومة العتيدة، فهذه المرة “لن نترك الفاجر ياكل مال التاجر””، مستشهدا بقول أهالي زحلة الى جيش الأسد “ع زحلة ما بتفوتوا” ليردد: “هيك منقول لمحور الممانعة، عالقصر ما بتفوتوا”.

وتوقف عند الجلسات النيابية، مذكّرا “اننا شاركنا 11 مرة في الجلسات وانتخَبْنا مرشحا واضح الهوية، بينما وضعوا أوراقا بيضاء واشباحا في الدورة الأولى ليعطّلوا النصاب في الدورة الثانية وكأنهم “لا بِيحِسُّوا ع دمُّنْ ولا بيذوقوا” كما لا يراجعون نتائج خطواتهم التعطيلية منذ العام 2006 الى الآن، ويتجاهلون ثمن سياساتهم على البلد وجشعهم وفشلهم وحُبّهم للسلطة وتمسُّكهم بسلاح غير شرعي”.

واذ استغرب انهم “يتحدثون عن المقاومة والصمود والكرامة وافشال المخططات الامبريالية، فيما الشعب اللبناني من جنوبه الى شماله ومن غربه الى شرقه يبحث عن لقمة عيشه”، شدد جعجع على ان “”الشي بالشي يذكر”، حين قاومت زحلة المحتل وبدّلت المعادلات والحسابات عن حق وحقيقة، كان أهلها كسواهم من أهالي المناطق المحرَّرَة يتنعّمون بالبحبوحة ويستفيدون من الخدمات المؤمنة في خضمّ القصف والضرب والحصار الفعلي”. بالتالي، أكد ان “هكذا تكون المقاومة الفعلية الحقيقية، التي ترفع رأس شعبها وتحمي شرفه وكرامته بالفعل، وتؤمن له مُقوِّمات الصمود اقتصادياً وخدماتياً وصحياً ومعيشياً، اما غير ذلك فيكون مجرد شعارات و”حكي وبحكي” عن العزة والكرامة في الوقت الذي تعرّضه بالفعل الى الذل والفقر والحرمان وقوارب الموت والتهجير”.

 وقال: “من يريد الدويلة والسلاح غير الشرعي، “يعمِلُنْ عندو”، لأننا نريد  دولة، تؤمن ابسط الحقوق لمواطنيها، اذ من غير المسموح من الآن وصاعدا ان نسمع بحوادث انتحار بسبب القهر او هجرة جرّاء اليأس او “يندفن شعب هوي وعايش” من كثرة الظلم والاهمال والفساد وقلة الحياء”.

وختم بكلمة مقتبسة من المفكّر السياسي شارل مالك: “إِن ننسى لا ننسى الذينَ استُشْهِدوا كي نبقى نحن، أَنْ ننساهُم إِنَّها الخطيئةُ المميتة، أَنْ ننساهُم يَعني نِسيانَنا لأعظمِ بطولةٍ قد تكونُ حصَلَتْ في تاريخِ لبنانْ، والذي يَنسى بُطولةً كهذهِ البُطولة يَستحِقُّ هُوَ ذاتُهُ النِّسيان”.

وكان قد ترأس القداس المطران ابراهيم، بالتعاون مع المطارنة معوّض والصوري وسفر، واعتبر انه “بين زحلة الأمس وزحلة اليوم تبقى الشهادةُ كأسَنا ونبيذَنا وموتَنا الشريف وخيارَنا الأكيد كلما دعانا الواجبُ للصمود في وجه الأكفِّ السود التي تَعبثُ بمصائرنا وتلهو بأمننا وأماننا وتسخرُ من تاريخنا وأحلامنا. نقفُ من جديد بشموخ هاماتنا أمام أيادٍ تستهدفُ وجودنا وتبغي أسر زماننا، لكننا قومٌ تمرّسنا بالشَّدائد والنَّوائب وذاب الخوف على شفاهنا ولم يدركنا المساء”.

وقال: “في الأمس سفكنا الدماء على مدار تاريخنا فرسمنا عَلما يقطُرُ دماً وخلودا. حملنا الموت على راحتينا وقدّمناهُ حياةً لا تذبُل. شهداؤنا بالأمس خلعوا الأجساد معاطف طاهرة ولبِسوا المسيح ثوبا أبديا. وصل الموتُ إلى قلوبهم وبقي نَبضُهُم حيا في الله وفينا. ألهلاكُ لم يُدركهُم ولن يُدركنا وإن وُجدنا في بحورٍ من التجارب والأنواء يبقى نشيدنا: إن الله معنا وعلى أعتابنا تنهزِمُ الأممُ. شُهداءُ زحلة لأنهم رَحَلوا بَقِينا. إشترَونا بدمهم الكريم وبجِهادهم انتصرنا على الأنين. أزالوا عنا ليل المهانة والمذلة وجعلوا الحريةَ شمسا تُشرق على إراداتنا ولا تعُد تغيب. زرعوا حُبَّ لبنان في مآقينا وصارت زحلة من جديد قصيدةً عَشِقَ الصمتُ أن يُلقيَها”.

وأردف: “لَيْسَ لشهيدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَبذُل نَفْسَهُ في سبيل أَحِبَّائِهِ.” (يو 15: 13). فزحلة، مجموعة الأحباء، تحيا من عُمق العطاء الذي بذلَه شهداؤنا عندما قدموا أجسادهم ذبائحَ ومُحرقاتٍ قدّسَ  تُرابَها الذي مِنه جُبلوا. وتقديرا منا لمن افتَدَوَنا علينا ان نعمل معا كي لا تذهب تضحياتُهم بُطلانا، بل لتبقى مجلداتُ الحُب التي خطّوها بدمائهم منهلُنا الأساس على الدوام”.

ورأى أن “زحلة اليوم تعيشُ كباقي الوطن حِصارا جديدا وشهادة جديدة، لا يلتئمُ جُرحٌ حتى ينفتح جرحٌ أعمق. فحُلمُ شبابنا أن يصيروا كالطيور المهاجرة، خوفُهُم أن يلتهم الضياعُ شبابَهم وقد سئموا الأمل والانتظار. نُغمضُ أعيُنَنا على رجاء أن نرى ما لا نراهُ ونحنُ مبصرون. تُحيطُ بنا بحورٌ من اللاجئينَ والنازحين وتُلزِمُنا هيأةُ أمَمٍ مُبعثرة على بعثرةِ ما تبقى لنا من وطن والتنازلِ عن حقِّنا بموطنِ آمنٍ حُرٍ سيّدٍ ومستقلٍ ينعمُ فيه أبناؤه، قبل الغريب، بالاستقرار والازدهار”.

وتابع: “كم أذلَّ الفقرُ منا كراماتٍ خُلقت للرِفعَة والكِبر. حوّلوا دربنا نحو التسوّل والتهموا بالخيانةِ العُظمى مالَ المُودِعين. ختموا على الرئاسة الأولى بالشمع الأحمر وكرسوا الفراغ. ألهَونا عن الهموم الأساسية كالخدمات من ماء وكهرباء وطرقات وإعادة بناء المرفأ وقضية التحقيق بجريمة تفجيره وضمان الشيخوخة وهجرة الأطباء والأدمغة والشباب ومشكلة الإحباط والانتحار وإغلاق المرافق العامة والتهريب وأزمة التعليم والاستشفاء والبطالة والفلتان الأمني وانقسام القضاء واستهتارٍ بالقوانين والأعراف كان آخرُها قضية التوقيت الصيفي التي تخُّص اللبنانيين جميعَهم وليس المسيحيين وحدَهُم. وهنا أود أن أؤكد أن لا أحد من المسيحيين على مساحة الوطن اعترض على مشكلة التوقيت الصيفي من منطلق طائفي، بل من منطلق وطني ومدني بامتياز. لائحة الأزمات تطول، وزحلة المحاصرة بالأمس أمست لبنان المحاصر اليوم. سلسلةُ شُهداء الأمس صارت تشمل كلَّ اللبنانيين وشهداءُ اليوم تذبَحُهُم أيادي الفاسدين والمفسدين في التراب والطبيعة والعباد”.

ابراهيم شدد على ان “كلّ ما سبق ليس مدعاة لليأس أو للإحباط فلبنان من على صليبه منذورٌ للقيامة وهو أغنى وأجمل وأهم وأحب وطن في العالم، هاتفين مع ابن لبنان وفيلسوف عصرنا جبران خليل جبران: “لو لم يكن لبنان وطني لاتخذته وطني”.

في الختام وجّه التحية الى راعي المناسبة رئيس حزب “القوات اللبنانية”، وأهالي الشهداء وعائلاتهم وعموم الزحليين، قائلا: “أليوم هو سبت العازر وكل شهيد من شُهدائكم استحق دمعة من عيون السيد الذي أحبهم فأمرهم بالقيامة. شُهداؤكم أكاليلُ السماء وزينةُ الملكوت، مقيمونَ في السلام حيث نرى: “مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ.” (1 كو 2: 9).

بدوره، ألقى منسق زحلة في “القوات اللبنانية” ميشال فتوش كلمة اعتبر فيها انه “في كل نيسان، نحتفل بذكرى شهداء زحلة و”القوات” وذكراهم عصية على النسيان، اذ نقف أمام عظمة شهادتهم لنجدد العهد بأننا لن نضلّ الطريق.”

وأضاف: “شهداؤنا، ولدتم ونشأتم بإيمان هدفه نشر المحبة والسلام، ولكن، يوم كان الخطر داهما والحصار محكما، لم يكن سوى طريق الجليد والنار فسلكتموه كالأبطال غير آبهين بموت يتربص بكم، باعتبار ان هدفكم الأول والأخير كان حماية أهلكم، وهذا أعظم حب. لم يكن الرحيل عن الوطن خيارا لكم، بل الصمود لأنه أولا وأصلا أرض قديسيكم، فأنتم من جعل لنا وطن لا يمكن التخلي عنه، فاستشهدتم لأجله وقضية لا تموت لأنها قضية شعب تألم وظلم في أرضه وما زال”.

وتابع: “يا شهداءنا، ما زالت “القوات اللبنانية” على صورتكم ومثالكم، متمسّكة لانتمائها العميق لهذه الأرض المقدّسة، باعتبار ان ارتباطها الوثيق هو ارتباط نهائي، عابر للزمن، وغير مشروط بأي أوضاع آنية، جهنمية كانت أم فردوسية. انطلاقا من هنا، حازت من بين كل التنظيمات السياسية على الوكالة الشعبية الكبرى والنقية في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وهي تعمل  بصمت وتخطيط وجدية ومثابرة لتحقيق ما نصبو اليه جميعا”.

وختم فتّوش: “سنجتاز الجليد ونار جهنم مرة أخرى، وسنعبر كما عبرتم صنين، وسينتصر وجه لبنان الجميل كما انتصرتم في زحلة. أي قوة فيك يا قوات ليسأل الناس عنك دائما حين تشتد الصعاب، أسرك حق القضية التي تحملين، أم لله يا قوات سر فيك لم يعلن لنا، أم سرك بشير والأبطال وسمير الذي تعود أن يكون حيث يصعب على الآخرين أن يكونوا، هو الذي لا يحمل صوته إلا كلمة الحق، والصلابة في الحق، والعزم، والأمل حين يفتقد الأمل”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us