بين عامَي 2022 و1975 الأحداث تتشابه… حرب أو لا حرب؟


أخبار بارزة, خاص 11 نيسان, 2023

من الممكن تشبيه ما يحصل حاليًا في لبنان، إلى ما حدث في عامي ١٩٧٤ و١٩٧٥، عشية الحرب الأهلية، من ناحية ضعف الدولة، الانقسام العمودي للأحزاب وانهيار الاقتصاد، لذلك يتنبأ البعض بإمكانية اندلاع حرب.


كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:

لا يمكن التنبؤ بالأحداث السياسية والأمنية في لبنان، إلا أن الوضع الراهن يشهد تحديات عدة تشمل الأزمة الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية، وتزايد الضغوط الخارجية والتدخلات في الشؤون اللبنانية. ونتيجة الوضع غير المستقر، يتخوّف البعض من وقوع حرب أهلية، لأن جميع الاحداث تتشابه بفترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
حرب أو لا حرب؟ سؤالٌ يُطرح… ويجيب عنه الأستاذ المحاضر في الجامعة اللّبنانية الدكتور عماد مراد في حديث خاص لـ “هنا لبنان”، ليؤكد أنه من الممكن تشبيه ما يحصل حاليًا في لبنان، إلى ما حدث في عامي ١٩٧٤ و١٩٧٥، عشية الحرب الأهلية، من ناحية ضعف الدولة، الانقسام العمودي للأحزاب وانهيار الاقتصاد، لذلك يتنبأ البعض بإمكانية اندلاع حرب.
فالمقاربة التي تقدّم بها مراد هي على الشكل الآتي:
عام ١٩٦٩، وقّع لبنان والفلسطينيون على اتفاقية القاهرة التي شرّعت استعمال السلاح الفلسطيني في لبنان ضد إسرائيل، ليحصل الفلسطيني بموجبها على نفوذ عسكري داخل لبنان. عندها تمكّن الفلسطيني من التنقل بسلاحه في لبنان وإقامة حواجز عسكرية، بحسب مراد، فضلاً عن نفوذه السياسي حيث نشأت أحزاب معظمها يسارية تدافع عن القضية الفلسطينية ولو على حساب لبنان.
كذلك شهدت البلاد انقسامات حادة بين أحزاب يسارية ذات أغلبية مسلمة وأحزاب يمينية بمعظمها مسيحية، تدعو لأن يمسك الجيش زمام الأمور في لبنان ويحمل السلاح ويكون الأمن والحدود (برًّا، بحرًا، وجوًّا) تحت سلطة الدولة بشكل كامل، بسبب تفلت السلاح الفلسطيني على الحدود السورية- اللبنانية، كما حظي الفلسطينيون بدعم مادي من العالم العربي. من هنا بدأ الشبان المسيحيون بالتدرّب على حمل السلاح في بعض القرى، لكي لا يحصل الفلسطينيون على وطن بديل في لبنان.
كل هذه الأحداث أدّت إلى اندلاع الحرب الأهلية في ١٣ نيسان ١٩٧٥، حيث اندلعت شرارة الحرب، ويؤكد مراد لـ “هنا لبنان”، أن الطرفين مرّا بفترة احتقان، لتكون بوسطة عين الرمانة “حجة” في حين أنّ الحرب كانت متوقعة.
أما عن نقاط التشابه بين الفترتين، فيشير مراد إلى أن حزب الله يبسط سيطرته سياسيًا على لبنان وعسكريًا على بعض المناطق، بالتنسيق مع الجيش اللبناني ما أدى إلى انقسام عمودي في البلاد حول سلاح حزب الله، ودوره في الحرب والسلم، وزرع الخوف في نفوس جزء كبير من المجتمع اللبناني من مشروعه الرسمي بإقامة دولة إسلامية، تابعة لإيران.
فبالإضافة إلى السيطرة الميدانية، يسيطر حزب الله على عدد كبير من المناطق اللبنانية، والأحزاب السياسية، والاقتصاد، وعلى المطار والمرفأ.. كما لديه تمويل خارجي ويتهمه جزء كبير من الشارع اللبناني علناً بتفجير ٤ آب ٢٠٢٠، ويمسك الحدود والتهريب مع سوريا، في ظل انهيار كامل في القطاعات الصحية والتربوية. لذلك، يتخوّف المسيحيون والمسلمون المعارضون من هذا التوجه العقائدي للحزب.
في ظل هذه المؤشرات يعتقد البعض أنّ هناك حرباً أهلية على الأبواب، بين المعارضين للسلاح والمسلحين، إنما في الواقع، يؤكد مراد أن جميع المؤشرات تنفي أن يكون هناك حرب قريبة بسبب النقاط التالية:
-أولاً إذا اندلعت حرب سيكون حزب الله الخاسر الأول ليس ميدانيًا فحسب، إنما في السياسة، والعلاقات الخارجية ودوليًا. وسيفقد قيمته، وحجة وجوده، ودعمه الأطراف اللبنانية، وستتخلى عنه بعض الأحزاب المنضوية تحت اسم “الممانعة”.
-عبر التاريخ، المسيحي لا يفتعل حربًا، ولم يسجل التاريخ أي حرب شنها المسيحيون، والموارنة على أي من الأطراف الداخلية و المناطق الحدودية، ولكن هو على استعداد دائم للدفاع عن أرضه ومعتقداته وتاريخه. وعلى الرغم من الوضع المتردي، فالمسيحي، يقف وراء الجيش اللبناني في الأمن ووراء السلطة العادلة، ولن يبادر إلى التسلح، ولا إلى التدرب، ولا يرجح كفة الحرب مع أي طرف من الأطراف، في لبنان.
-لا نلمس حتى الساعة أي دعوة أو أي دعم إقليمي وخارجي لإشعال الحرب في لبنان، على العكس فجميع الدول الإقليمية والدولية تدعو إلى التهدئة وحل المشاكل الخلافية بالحوار والتروي.
-الأحزاب اللبنانية الكبرى التي ما زالت على الساحة المحلية منذ ما قبل اندلاع الحرب حتى اليوم، اختبرت الحرب ولم تصل إلى أي نتيجة تُذكر باستثناء القتل والتهجير والدمار. لذلك المنطق لدى هذه الأحزاب يحتم عليها الابتعاد عن الحرب أو التفكير حتى بحرب.
لذلك نستنتج مما ذُكر أن لا حرب تلوح في الأفق إلا أن كل الأمور في لبنان وفي الشرق رهن التغيرات الإقليمية والدولية.

وعن بوادر الحرب بين لبنان وإسرائيل والتصعيد في الفترة الأخيرة، يؤكد مراد مجددًا أن لا حرب بين إسرائيل ولبنان، ويسأل: لماذا يريد حزب الله افتعال حرب ما دام مسيطراً على لبنان، وهذه الحرب قد تخسره نفوذه لذا لا مصلحة له في ذلك. وقد تكرست الهدنة والأمان في لبنان مع إسرائيل بالتخلي عن نقاط أساسية في ما يخص ترسيم الحدود، والعكس صحيح: لماذا ستفتعل إسرائيل الحرب ما دامت منطقة مزدهرة؟ ولديها قوة تدمر ما تشاء، من خلال قصف مناطق استراتيجية في سوريا وغيرها ولا أحد يتدخل أو يمنعها من ذلك. فحدودها محمية، وأمنها مستتب واتفاق ترسيم الحدود كرس ذلك.

لذلك، يمكن القول إن الحوار محتّم علينا، لكي نبني دولة تنال مواصفات ومعايير دولية علينا أن نعيش بمساواة، لا حزب أقوى من آخر، لا منطقة أقوى من أخرى، ولا طائفة أقوى من أخرى لنبني مستقبلاً مزدهراً عكس تلك التي عشناها زمن الحرب والخلافات.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us