عام على الإتفاق المبدئي بين لبنان وصندوق النقد: فجوة مالية تزداد.. ومسؤولون يُنكرون ويتفرجون!


أخبار بارزة, خاص 14 نيسان, 2023

في “الذكرى الأولى” للاتّفاق، زار وفدٌ من صندوق النقد لبنان وأنهى مهمته بتقرير حمل الكثير من التشاؤم عن الوضع اللبناني مستقبلاً وعن مصير الإتفاق مع صندوق النقد الدولي حتى أنه ظهر وكأنه فقد الأمل من إمكانية تجاوب الطبقة السياسية مع متطلبات صندوق النقد لناحية الإصلاحات المطلوبة والمهل المتاحة لإقرارها كاشفاً أنه لن يعود إلى لبنان قبل شهر أيلول المقبل، هذا في حال قرر العودة.

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

أطفأ لبنان الشمعة الأولى من عمر الإتفاق المبدئي الذي عُقد بين لبنان وصندوق النقد منذ عام بشروط مسبقة تعتبر المدخل الإلزامي للوصول إلى اتفاق نهائي يُعطى بموجبه لبنان قرضاً قيمته 3 مليارات دولار تدفع على مدى أربع سنوات.

في حينه بدت الحكومة وكأنها تسابق الوقت قبل نهاية ولاية المجلس النيابي السابق واستقالة الحكومة لتظهر التزامها تنفيذ “الإصلاحات -الشروط”، حتى تحوّل الأموال إلى خزينة الدولة اللبنانية. وبعد مرور الوقت، مجلس الوزراء الذي أبدى ظاهرياً حماسة في تنفيذ الإصلاحات أخفق، والمجلس النيابي الذي تجاهر مكوناته بوجوب إقرار القوانين الإصلاحية كبّلته المزايدات. هما مجلسان تحكمت فيهما إرادة سياسية لمنظومة حاكمة أوصلت لبنان إلى هذه الكارثة رافضة إصلاحات تتعارض مع مصالحها.

في “الذكرى الأولى” زار وفدٌ من صندوق النقد لبنان وأنهى مهمته بتقرير حمل الكثير من التشاؤم عن الوضع اللبناني مستقبلاً وعن مصير الإتفاق مع صندوق النقد الدولي حتى أنه ظهر وكأنه فقد الأمل من إمكانية تجاوب الطبقة السياسية مع متطلبات صندوق النقد لناحية الإصلاحات المطلوبة والمهل المتاحة لإقرارها كاشفاً أنه لن يعود إلى لبنان قبل شهر أيلول المقبل، هذا في حال قرر العودة.

والسؤال المطروح اليوم بحسب المتابعين إلى أي مدى سيؤدي السير بأي اتفاق مع الصندوق إلى معالجة أزمة لبنان التي تزداد تعقيداً في ظل وجود قرار غير معلن لدى الطبقة السياسية بالمراوحة في الأزمة والاستمرار في المراوغة وتضييع الوقت واللعب على الكلمات والمفردات من دون إيجاد الحلول والعلاجات؟

ولماذا الإصرار على إظهار صندوق النقد وكأنه الملاذ الوحيد للخروج من الأزمات فيما تجارب سابقة لهذه المؤسسة مع دول عديدة أثبتت أن شروطها كانت سبباً في تفاقم الأزمات؟ أين الطاقات اللبنانية التي ساهمت في نهضة دول عديدة؟ أين البيئة الآمنة المشجعة للاستثمار والمنعشة للإقتصاد؟

في هذا الإطار ترى المصادر أن لبنان ليس بحاجة إلى المزيد من القروض لأن لديه من المقومات البشرية ما يشكل ثروة وطنية، ما يحتاجه لبنان هو إعادة الثقة بالإدارة السياسية والمصرفية في البلاد.

إيحاءات غير جدية بالإصلاح

وفي هذا السياق أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور بلال علامة لموقع “هنا لبنان” أن الحكومة لم تنفذ بعد عام من الاتفاق أيًّا من الإصلاحات أو بالأحرى أظهرت الطبقة السياسية نوايا تجاه الإصلاحات وإقرار القوانين الإصلاحية والالتزام بشروط الحد الأدنى المطلوبة ولكن في خلال التطبيق تبين أن هذه النوايا كانت مجرد إيحاءات غير جدية وتخلّفت الطبقة السياسية عن إقرار الإصلاحات المطلوبة ليس عن عدم قدرة نتيجة ظروف إنما عن إرادة. وهذا ما عبّر عنه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي قبل شهر بقوله إن هناك أفرقاء داخليين في لبنان لا يريدون الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

لقد قامت الطبقة السياسية بخطوات معاكسة لما يطلبه صندوق النقد بحسب علامة، كالقطاع العام مثلاً إذ أنه من الشروط المطلوبة ترشيد القطاع العام لرفع الإنتاجية فيه والاستغناء عن الذين لا يداومون ولا يعملون منذ ثلاثين عاماً. إلا أن الحكومة دخلت في كثير من الإنفاق غير المجدي وفي الوقت نفسه تضاءلت إنتاجية القطاع العام حتى وصلت حالياً إلى 5 في المئة. وبالتالي في ظل هذا الواقع لا يمكن الحديث عن تحسين القطاع العام، ما انعكس على إيرادات الخزينة وجبايتها. وفي الوقت نفسه، فإن الإنفاق الفضفاض الذي قامت به الحكومة على القطاع العام جعل المؤسسات حتى في القطاع الخاص تحت خطر الإقفال.

يُضاف إلى ذلك أنه من المستحيل أن تأتي موازنة عام 2023 خالية من العجز وهو أحد شروط الصندوق.

ومن الإجراءات المطلوبة تفعيل الإجراءات الحدودية وجباية الرسوم الجمركية وفي الوقت نفسه تنفيذ خطة نقل، إلا أنه أيضاً لم يتم تنفيذ أي من هذه الإجراءات.

أما ما طلب في موضوع السرية المصرفية فهو تعديلات على القانون الأساسي بحيث تسهل عملية متابعة الأموال غير الشرعية أو المهربة والتي هي أصلاً تخضع لقوانين في لبنان إلّا أنّ التعديلات أتت مشوهة بدرجة أنه لم يقبل بها الصندوق.

وقد تم تحميل الكابيتال كونترول عند درسه أكثر مما يمكن تحميله فأدخلوا عليه ما يسمى بالخسائر وشطب الودائع وتحميل المودعين من أجل عدم إقراره.

وقد طرحت أسئلة عديدة حول جدوى الكابيتال كونترول في هذه المرحلة فيما كان إقراره ضرورياً عند بداية الأزمة في العام 2019، أما التخوف فهو من أن يخسر لبنان ميزة من ميزات اقتصاده ألا وهي حرية التحويلات التي أكسبته على مدى سنوات رؤوس أموال ضخمة. كل ذلك ولم يشرح حتى اليوم للمواطن أين هي الأموال وما هو حجم الخسائر؟

لم لا يتم إقرار الإصلاحات طوعاً؟

وإذ أشار علامة إلى أن تطبيق الشروط المطلوبة هو مؤشر لعودة الثقة لآلية العمل الحكومية ما يفتح باباً لعودة الاستثمارات ولمساعدات الدول المانحة. لفت إلى مسلك آخر من الممكن أن يسلكه لبنان ألا وهو إقرار الإصلاحات طوعاً وذاتياً من دون أن يطلب أحد منهم ذلك من خلال إطلاق ورشة الإصلاح والخطة الإنقاذية وتعميم هذا الاتجاه لدول العالم ليستعيد الثقة الدولية به بعد قيامه بالإصلاحات المطلوبة دولياً وليس فقط من صندوق النقد الدولي. إلا أن هذه الخطوة تحتاج إلى إرادة يبدو أنها غير موجودة لدى الطبقة السياسية حالياً وهذا ما يظهر بتصريحات تتهم جهات سياسية داخلية بأنها تدفع بلبنان إلى الانهيار الكامل.

ازدياد الفجوة المالية في عام

منذ عام كانت تقدر الفجوة المالية بين 30 و40 مليار دولار، اليوم تُقدر بين 70 و80 مليار. كنا ننفق على الأمور الأساسية خلال العام ما بين 5 إلى 6 مليار، اليوم ازداد الإنفاق وفي الوقت نفسه انخفضت الإيرادات لأنه منذ عام كانت إنتاجية القطاع العام أفضل ومؤسسات القطاع الخاص كانت تحاول أن تسيّر أمورها.

وهل من الممكن بعدما ذكر أن يقبل صندوق النقد بالعودة إلى المفاوضات التي بات يجدها عبثية بغية التوصل إلى توقيع إتفاق المساعدة؟

علامة لفت إلى أنه في حال كان هناك قبول فإن الشروط باتت أقسى بكثير والمطلوب اليوم بات أكثر دقة والوقت أقل. وصحيح أن أهمية ما ينتجه الاتفاق مع صندوق النقد هو عودة الثقة بلبنان بسرعة في حال تم التعميم أمام دول العالم أن لبنان سلك المسلك السليم وقام بما هو مطلوب من إصلاحات، إلا أن الأهم هو أن تأتي هذه الإصلاحات وفق قناعة لدى الطبقة السياسية بجدواها وهي غير متوفرة أصلاً.

خسائرنا تتراكم، المؤسسات الخاصة تقفل، فرص العمل تتضاءل والبطالة تزداد، ومسؤولونا يُنكرون ويتفرجون…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us