لبنان تحت مطرقة النزوح… والمجتمع الدولي “يتفهم ويقدّر عالياً”!


أخبار بارزة, خاص 27 نيسان, 2023
السوريين

رمادية هي مواقف المجتمع الدولي حيال البتّ بأزمة النازحين، وهذا ما كان واضحاً في معظم اللقاءات التي كانت تعقد بين المسؤولين الأجانب من أوروبيين وأميركيين والمسؤولين اللبنانيين.

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

“نتفهم معاناتكم ونقدّر الجهد الكبير الذي يبذله لبنان عبر استضافته لهذا العدد الهائل للنازحين السوريين…” عبارة يرددها الزوار الأجانب على مسامع المسؤولين اللبنانيين في كل اللقاءات حيث يحضر بشكل دائم هذا الملف. وعند هذا “التفهم” و”التقدير” تتوقف الأمور!

أكثر من مليوني نازح وصلوا تباعاً منذ عام 2011 تاريخ بدء الأحداث في سوريا، وسكنوا في تجمعات ومخيمات انتشرت عشوائياً في المناطق اللبنانية كلها خصوصاً في الشمال والبقاع. وقد عجز لبنان طوال 12 عاماً عن حلّ هذه المعضلة في ظل استمرار المجتمع الدولي عموماً والاتحاد الأوروبي خصوصاً في تجاهل طلب لبنان، ما يزرع الشكوك في مواقف الدول الكبرى حيال هذا الملف الحساس، لا سيما وأنّ ثمّة ضغطاً تمارسه بعض الدول لدمج النازحين السوريين في المجتمعات التي تستضيفهم وفي مقدمها لبنان.

فهل فعلاً هذه الدول لا تريد حلًّا لعودة النازحين وما هي نواياها؟ كما يبرز السؤال عن دور المنظمات الدولية التي تنصّب نفسها في الواجهة دفاعاً عن حقوق النازحين.

رمادية هي مواقف المجتمع الدولي حيال البتّ بأزمة النازحين، وهذا ما كان واضحاً في معظم اللقاءات التي كانت تعقد بين المسؤولين الأجانب من أوروبيين وأميركيين والمسؤولين اللبنانيين. وفي هذا الإطار أكدت مصادر متابعة لموقع “هنا لبنان” أنّ بعض هذه الوفود إمّا كان مستمعاً لوجهة النظر اللبنانية أو أبدى استعداده لنقل وجهة النظر اللبنانية إلى المجتمع الدولي مقتنعاً بما يشكله هذا النزوح من عبء قد أنهك لبنان ديموغرافياً واقتصادياً واجتماعياً، هو عبءٌ تستهيب وطأته الدول القادرة أكثر من لبنان بأشواط، هذا البلد التي تثقله الأزمات. هو كلام لا يتعدّى اللغة الدبلوماسية البحتة، إذ أنّ اهتمام هذه الوفود خصوصاً الأوروبية منها كان منصبًّا على كيفية مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط التي تؤرّق هذه الدول، واستيضاح ما يقوم به لبنان في هذا المجال مشدّدين على أهمية التعاون في هذه النقطة بالذات. إذ أنّ هاجسهم الأول هو فقط منع تدفّق النازحين إلى أوروبا.

هذه الوفود سمعت كلاماً واضحاً من المسؤولين اللبنانيين أنّ كلفة هؤلاء النازحين التي يتكبّدها لبنان منذ سنوات تقارب 40 مليار دولار ولا مبرّر لبقائهم في ظلّ توفّر مناطق واسعة تشهد أمناً واستقراراً في سوريا. وأنّ من العناصر التي تحقّق عودة النازحين هو دفع المساعدات المادية التي تعطى للنازحين بعد عودتهم إلى بلادهم، علماً أنّ هذه المساعدات تدفع مباشرة من دون المرور بالمؤسسات الرسمية اللبنانية وترتسم حولها علامات استفهام كثيرة. في وقت يتنقل عدد كبير من النازحين بين لبنان وسوريا ويعتمدون لبنان مصدراً لأموالهم وتأمين مداخيلهم الشهرية، من خلال المساعدات المالية بالفريش دولار، فيستفيد من ناحية تأمين الدولار والعمل اليومي من دون المشاركة في دفع الرسوم أو أي تكاليف. من دون إغفال ارتفاع مستوى الجريمة وفق التقارير الأسبوعية للقوى الأمنية.

كل هذا والمواطن اللبناني يشعر وكأنه يعيش غريباً في بلده تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، دون أن يجد من يسأل عن حقوقه ولا من يعبّر عن انزعاجه ممّا آلت إليه أوضاع اللبنانيين. فيما ترفض مفوضية شؤون اللاجئين عودة النازحين بحجج وأسباب غير مفهومة.

وزير المهجرين عصام شرف الدين الذي واكب ملف النازحين السوريين أكّد في حديث لموقع “هنا لبنان” أنّ النافذين في المجتمع الدولي والذين يعتبرون الدول المانحة الممولة للمفوضية وهم الذين ساهموا أيضاً بإشعال الحرب في سوريا واستغلوا المعارضة السورية وأوهموهم بأمور كثيرة، هم أنفسهم اليوم يستغلون ملف النازحين السوريين ويخيفونهم من العودة عبر إيهامهم بأنّهم سيتعرضون للاعتقال.

وشدد شرف الدين على أنّ هذه الدول تتصرف وفق أجندة سياسية، وتستغل النازحين لابتزاز الدولة السورية لاحقاً على طاولة المفاوضات، وأغلب الظن أنّها تريد المساومة على حصة بالنفط في شمال سوريا وعلى حصة من إعادة الإعمار. لقد حاولت هذه الدول إخضاع الدولة السورية ولم تنجح بذلك في الحرب، وتحاول اليوم تنفيذ أهدافها عبر أدوات أخرى من ضمنها الحصار أي قانون قيصر والتجويع وملف النازحين.

إذاً هذا الاتجاه الدولي في التعاطي مع أزمة النازحين السوريين يكشف إصرار الأمم المتحدة، من خلال المفوضية العليا لشؤون النازحين وسائر منظماتها وهيئاتها المعنية، على إصدار توصياتها للنازحين بعدم العودة وتحذيرهم من مخاطرها الأمنية.

وتسألون ما الذي يُبقي النازحين السوريين في لبنان؟ هناك من يريد للبنان أن يبقى تحت مطرقة النزوح كورقة ضغط مستقبلية لترجيح تسوية معينة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us