دولرة الاستشارات الطبية تدفع اللبنانيين للاعتماد على الصيادلة للعلاج


أخبار بارزة, خاص 21 أيار, 2023
الأطباء

تعدي الصيادلة على دور الأطباء خطير للغاية، خصوصاً في حال ارتكابهم أخطاء فادحة فوصف دواء معين لحالة معينة قد يتسبب للمريض بمضاعفات جانبية ويؤثر سلباً على صحته.. وهم يقومون بذلك بحجة مساعدة المرضى في العلاج وتخفيف عبء دفع قيمة استشارة الطبيب، ولكن هدفهم الأول في الحقيقة جني الأرباح من بيع الأدوية دون مراعاة سلامة المريض

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

نتيجة ارتفاع تكلفة زيارات الأطباء، بات اللبنانيون يلجأون إلى الصيادلة للتشخيص والعلاج، في محاولة للبحث عن بدائل توازي إمكانياتهم الاقتصادية المحدودة، فزيارة الطبيب في لبنان باتت تعادل ربع راتب الموظف العادي ما جعل زيارة العيادات الخاصة كابوسًا مرعبًا بالنسبة للكثير من المرضى.

وقد رفعت نقابة الأطباء اللبنانية مؤخرًا رسوم الاستشارات الطبية العامة إلى 20 دولارًا، والاستشارات التخصصية إلى 25 دولارًا. ومع ذلك، فإن هذه الرسوم غالبًا ما ترتبط بنفقات إضافية للفحوصات وصور الأشعة ذات التكلفة العالية، والتي تُدفع بالدولار الأميركي.

وفيما يلتزم بعض الأطباء بهذه الرسوم، يفرض آخرون ما بين 50 و100 دولار في عياداتهم الخاصة، متجاهلين الأزمة وتدهور ظروف الناس.

هذه الأسعار المرعبة، إلى جانب الدخل المنخفض لمعظم المواطنين، دفعت الكثيرين إلى البحث عن استشارات طبية مجانية والتي وجدوها في الصيدليات، فأصبح الصيادلة مرجعهم الأساسي.

أكد الصيدلي جواد لـ “هنا لبنان” أنه “يشهد تزايداً لطلب المرضى للمعاينة الطبية والتشخيص من قبل الصيادلة، ومن ثم طلبهم لوصف الدواء المناسب لحالتهم بسبب ارتفاع أسعار “كشفية” الطبيب في ظل تآكل مداخيلهم وغياب الجهات الضامنة”.

ويتابع: “في بعض الأحيان تكون الحالات بسيطة ويستطيع الصيدلي مساعدة المريض بالأدوية المناسبة، ولكن الكارثة تقع عندما تكون الحالات أكثر تعقيداً ويحاول الصيدلاني معالجتها رغم عدم معرفته الدقيقة بها”.

اللبناني الذي خسر قدرته الشرائية وأبسط مقومات الحياة لم يعد بإمكانه حتى زيارة الطبيب.

محمد موظف في إحدى المؤسسات يتقاضى 6 ملايين ليرة شهرياً، ويعاني من أوجاع في الظهر يشعر بها من فترة لأخرى، ولأن راتبه لا يخوله زيارة عيادة الطبيب الخاصة والذي طلب منه 70 دولار مقابل تشخيص حالته سريرياً، لجأ إلى خيار بديل مجاني لتلقلي العلاج فاستشار أحد الصيادلة الذي شخّص حالته “نظرياً”، وصرف له الدواء وأعطاه حقنة دون أن يخبره عن محتوياتها واكتفى بالقول: “شو بدك بالتفاصيل، هيدي أسرار المهنة والأهم الوجع يروح”.

حتى اليوم لا يعلم محمد السبب الأساسي لوجع ظهره، وأصبح يكتفي بزيارة الصيدلي الذي يقدم له الحلول المؤقتة عند الوجع.

أما روان، طالبة جامعة وتعمل في محل ألبسة كي تتمكن من تسديد قسطها الجامعي، فهي أيضاً تعاني من آلام حادة بالمعدة، ولأن الأولوية للتعليم قصدت “الصيدلي الشطور” بحسب ما يصفه أهل المنطقة والذي صرف لها الدواء مباشرة بعد أن سألها بعض الأسئلة.

فهل أصبحت كفاءة الصيدلي توازي خبرة الأطباء لدى اللّبنانيين وما مدى خطورة انتشار هذه الظاهرة؟

يرى رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية- الصحة حق وكرامة الدكتور إسماعيل سكرية في حديثه لـ “هنا لبنان” أنّ “في لبنان وحتى قبل الأزمة، العديد من المرضى كانوا يقصدون الصيدليات إن شعروا بأعراض أي مرض، خصوصاً الأمراض الشائعة كالإنفلونزا وآلام البطن ووجع الرأس وغيرها، وذلك لسهولة الوصول إليهم واستشارتهم، مما لا يحتاج برأيهم لمراجعة الطبيب، لتأتي الأزمة الاقتصادية وتزيد من هذه العادة”.

ويضيف: “بعض الصيادلة يتجاوزون أخلاقيات المهنة، ومنهم من يمارس دور الطبيب حيث يقومون بتشخيص المرضى نظرياً ووصف الأدوية لهم، إلا أنه وبحسب قانون مزاولة مهنة الصيدلة فإن مهمة الصيدلي تنحصر بصرف الدواء بناء على الوصفة الطبية. ولكن للأسف في لبنان ما زال هناك 70% من الأدوية التي تصرف في الصيدليات مباشرة بدون وصفات طبية”.

ويتابع سكرية: “تعدي الصيادلة على دور الأطباء خطير للغاية، خصوصاً في حال ارتكابهم أخطاء فادحة فوصف دواء معين لحالة معينة قد يتسبب للمريض بمضاعفات جانبية ويؤثر سلباً على صحته بحجة.. وهم يقومون بذلك بحجة مساعدة المرضى وتخفيف عبء دفع قيمة استشارة الطبيب عنهم، إلا أن هدفهم الأول في الحقيقة هو جني الأرباح من بيع الأدوية دون مراعاة سلامة المريض”.

ويشدد على “أنّه لا يحق للصيدلي وصف أي دواء إلا لعلاجات الحالات المرضية البسيطة والتي لا تتطلب وصفة طبية”.

وعن المستوصفات ومراكز الرعاية الصحية التي من المفترض أن تؤمن للمواطن حق الاستفادة من الخدمات الطبية المجانية، يقول سكرية: “صحيح أن هذه المراكز غير مؤهلة ولا تلبي حاجات المواطنين ولكن على المرضى زيارتها وطلب الاستشارة الطبية منها وليس من الصيدليات”.

ويختم بأسف شديد: “في لبنان وعلى مدار عقود أثبتت الدولة ووزارة الصحة فشلهما الذريع في الإدارة والتخطيط والتنظيم ونسيت أن للمريض الحق بالطبابة، وليس بمقدور جميع المواطنين تأمينها على نفقتهم الخاصة وهناك شريحة واسعة تعيش تحت خط الفقر”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us