مَن منكم بلا فساد… فليرجمه بتهمة


أخبار بارزة, خاص 27 أيار, 2023
سلامة

منذ أحد عشر عامًا، دعي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى المشاركة في جلسةٍ لمجلس الوزراء لسماع رأيه في الوضع النقدي للبلاد وانعكاسات الزيادات في سلسلة الرتب والرواتب.. ولو أخذت السلطة التنفيذية بما اقترحه الحاكم في مداخلته في جلسة مجلس الوزراء تلك، هل كان الوضع الاقتصادي ليصل إلى ما وصل إليه؟

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

على مَن تقرأ مزاميرك؟

في لبنان، هناك ثقافة اسمها ثقافة “كبش المحرقة”، مَن يراجِع المحطات السياسية والعسكرية والأمنية والمالية في لبنان، في تاريخه المعاصِر، يجد الكثير ممن يمكن تصنيفهم على أنهم كانوا “كبش محرقة”، وفي طليعتهم، على سبيل المثال لا الحصر، المصرفي يوسف بيدس، وانهيار بنك إنترا.

لكن إذا دقّقنا قليلًا، لوجدنا أنّ مضاعفات “كبش المحرقة” تكادُ في كلّ مرّةٍ أن تتسبّب بإحراق البلد.

في السابع من تشرين الثاني 2012، أي منذ أحد عشر عامًا، دعي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى المشاركة في جلسةٍ لمجلس الوزراء، وسبب دعوته يعود إلى سماع رأيه في الوضع النقدي للبلاد وانعكاسات الزيادات في سلسلة الرتب والرواتب.

المداخلة التي قدمها الحاكم عرضت للوضع النقدي، وتطرّق إلى بعض المؤشرات الاقتصادية، محذراً من مواصلة زيادة العجز بنحوٍ يتخطى قدرة الاقتصاد اللبناني ويتجاهل تكلفة الحرب في سوريا (وكانت في سنتها الثانية) والصراع الإقليمي والتوترات وانعكاسها على لبنان.

ومما قاله الحاكم: “لا يمكن لمصرف لبنان الاستمرار في تغطية النقص في الاكتتابات بغياب أو بتراجع الثقة، لما يشكّله من مخاطر تضخمية. إن إقرار تمويل السلسلة قبل القيام بالشرح للأسواق والمؤسسات لرؤية الحكومة، وعلى الرغم من الأرقام المدروسة بمهنية من وزارة المال، سوف يلقى ردة فعل سلبية تؤثر على القدرة التمويلية للقطاع العام والقطاع الخاص وترفع كلفته وتنعكس سلباً على نسب النمو وحتى التسبب بركود الاقتصاد خلال العام 2013، ويكون لذلك مردود سلبي على توقّع الواردات.

إن السلسلة ستزيد الكلفة الثابتة على تشغيل القطاع العام وتضاعف كلفة الزيادات في المستقبل كما ستؤثر على كلفة القطاع الخاص. فمن المتوقع أن ترفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي بعد أن انخفضت وثبتت. وللتذكير نحن من الدول الأعلى في العالم بما يخصّ هذه النسبة.

إن زيادة الكلفة وزيادة الضرائب تؤديان إلى تراجع القدرة التنافسية للاقتصاد اللبناني، وهذا ربما يضاعف الآثار السلبية مع الوقت”.

(هنا دق سلامة ناقوس الخطر، ليضيف:) “وبالرغم من أن السلسلة قد أقرّت، أقترح التريث بتطبيقها وذلك لمزيد من الدراسة، مع التأكيد على تقسيطها 5 سنوات وتأمين الموارد التي لا تضر بالحركة الاقتصادية وبالحقوق المكتسبة للموظفين في القطاع العام، وبعد التواصل مع المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف والمؤسسات المالية المحلية لشرح المبادرة من كل جوانبها وذلك حفاظاً على الثقة”.

مَن يكون المجرِم؟ مَن قال هذا الكلام قبل أحد عشر عامًا؟ أو مَن ضرب بعرض الحائط بهذا الكلام، فأعطى الزيادات دفعةً واحدة، ولم يقسطها لخمس سنوات، كما اقترح سلامة؟ لو أخذت السلطة التنفيذية بما اقترحه الحاكم في مداخلته في جلسة مجلس الوزراء تلك، هل كان الوضع الاقتصادي ليصل إلى ما وصل إليه؟

بعد سنوات أعيد ارتكاب الخطأ ذاته، تمَّ درس زيادة الرتب والرواتب، قيل للحكومة إنّ كلفتها لن تزيد على ثماني مئة مليون دولار، وأنّ بالإمكان تأمين وارداتها، أقرَّت السلسلة، فكانت النتيجة أن الكلفة فاقت ملياراً ومئتي مليون دولار، أي بزيادة خمسين في المئة عن الكلفة المقدَّرة، وأكثر من ذلك لم تتوافر الإيرادات لتغطيتها، حتى للثماني مئة مليون دولار، الكلفة المقدَّرة أصلاً.

واقعتان لمسببات الانهيار النقدي، والواقعتان تتحمل مسؤوليتهما السلطة التنفيذية التي لم تحاسبها السلطة التشريعية، لا في مساءلة الحكومات ولا في استجوابها.

هل المطلوب أن يكون رياض سلامة ” كبش محرقة”؟ وإذا نجحوا في تحويله هكذا، فهل يكون المودعون قد استردوا أموالهم؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us