الوجه “الإيجابي” للأزمة: ألواح الطاقة الشمسية تغزو سطوح الأبنية


أخبار بارزة, خاص 21 حزيران, 2023

اعتباراً من العام 2021 سجل لبنان خطوات جبارة في مجال الطاقة الشمسية، والسبب ليس الخطط والميزانيات الحكومية بل حاجة الناس للكهرباء في ظل انقطاع شبه تام لكهرباء الدولة وغلاء أسعار المحروقات

كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:

سجل قطاع استخدام الطاقة الشمسية في لبنان أعلى نسبة تحول في العالم من الطاقة التقليدية إلى الطاقة الشمسية، بما يقارب الـ 1000 ميغاوات بعد أن كانت صفر ميغاوات في العام 2010 مروراً بـ 1 ميغاوات في العام 2013 وصولاً إلى 1000 ميغاوات في شهر حزيران العام 2023. هذه الأرقام القياسية تعكس مدى الإقبال الشعبي على شراء الأنظمة الشمسية من جهة وتشكل نحو ثلث حاجة لبنان من الكهرباء، المقدرة بين 3000 و3500 ميغاوات وفق تقديرات مصادر وزارة الطاقة من جهة ثانية.

وفي قراءة لهذا التحول يعلق المهندس والأستاذ الجامعي والباحث في شؤون الطاقة المتجددة عصام شباني في حديث لـ “هنا لبنان” أنّه على الرغم من أنّ لبنان بلد متوسطي ذو مناخ معتدل، ولديه أكثر من 300 يوم مشمس سنوياً، وبالرغم من تمتعه بإمكانيات عالية للإستثمار في الطاقة الشمسية والهوائية في بعض المناطق، إلا أنه لم يقم باستثمارها قبل سنة 2019 حيث ظهرت تداعيات الانهيار المالي بشكل جلي وواضح”، لافتاً إلى أنه اعتباراً من العام 2021 سجل لبنان خطوات جبارة في مجال الطاقة الشمسية، والسبب ليس الخطط والميزانيات الحكومية بل حاجة الناس للكهرباء في ظل انقطاع شبه تام لكهرباء الدولة وغلاء أسعار المحروقات التي أثرت بشكل كارثي على ذوي الدخل المحدود.

واستناداً إلى أنّ لكل أزمة إيجابياتها، يصف شباني هذا الإنتعاش بأنه إحدى الإيجابيات النادرة التي تسبب بها الإنهيار الاقتصادي والمالي الذي حل بالبلد في العام 2019 “فبعد أن كان لبنان يستورد لوحات شمسية بقيمة بضعة ملايين من الدولارات، ارتفع هذا الرقم إلى أكثر من 50 مليون دولار سنة 2021 وأكثر من 900 مليون دولار سنة 2022”.

كلام شباني ينسجم مع تصريحات رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة (LCEC) بيار خوري في الآونة الأخيرة الذي يرى أنه مقارنة مع بقية الدول يعد لبنان واحداً من أفضل الأسواق في العالم من دون منازع من حيث النمو السنوي للطاقة الشمسية بعدما تطور بشكل متسارع في السنوات الأخيرة أي بعد الأزمة التي أصابته مسجلاً 1000 ميغاوات في أوائل حزيران الحالي، ويوافقه الرأي الرئيس التنفيذي للشركة التي نظمت معرض الطاقة الشمسية أوائل حزيران الحالي PromoTeam إلياس الخوري بأن إنتاج لبنان من الطاقة الشمسية وصل إلى 1000 ميغاوات كهرباء، وهذا إنجاز يُعتدّ به.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة “IRENA” قد أجرت دراسة بالتعاون مع وزارة الطاقة سنة 2020، وتوصلت إلى أن لبنان واعتماداً على خططه الموجودة يمكنه بواقعية تأمين 30% من الطاقة من مصادر الطاقة المتجدّدة بحلول عام 2030. وقد تبنت الحكومة اللبنانية هذا الهدف الاستراتيجي من خلال ورقة سياسة قطاع الطاقة سنة 2021. علماً أن لبنان كان قد التزم في مؤتمر كوبنهاغن للتغير المناخي المنعقد عام 2009 بإنتاج 12% من الطاقة التي يحتاجها من مصادر متجددة وذلك بحلول العام 2020.

وانتقالاً إلى التحديات يشرح شباني بأن الاستعانة بالطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء (شمسية أو هوائية) دونه عوائق، إذ أنها مصادر غير مستمرة وهي عرضة لتقلبات الطقس، وبالتالي لا يمكن الاعتماد الكلي عليها، وإلغاء الكهرباء المنتجة بالطرق التقليدية أي المنتجة من خلال حرق الوقود الأحفوري. عوائق يضاف إليها تحديات تتمثل بعوامل عدة لعل أبرزها التكاليف الاستثمارية العالية والتحديات التقنية والإدارية. لذا، يرى شباني أنه قد يكون من الضروري، توفير الدعم والتشريعات المناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز تطور قطاع الكهرباء في لبنان.

ورداً على سؤال حول احتمال أن يطيح المعدل “المستجد” لهذا النوع من الطاقة بالشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار في قطاع الكهرباء في لبنان ؟ يجيب شباني: “قد يؤدي استخدام الطاقة الشمسية في لبنان إلى تحويل الاهتمام بالاستثمار في القطاع الكهربائي إلى الطاقة المتجددة بشكل أكبر، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيتم إخراج الشركات الأجنبية من السوق بأكملها”، مؤكداً أن شبكة الكهرباء اللبنانية ومعامل الإنتاج بحاجة لاستثمارات ضخمة، فعلى سبيل المثال لم يتم إنشاء معامل إنتاج جديدة منذ تسعينيات القرن الماضي (باستثناء بعض المجموعات الصغيرة داخل معملي الجية والزهراني). أما بالنسبة لشبكات التوتر العالي، فإن الاستثمارات غائبة عنها منذ زمن طويل، وقد أصبحت الشبكة متهالكة ومهترئة.

وإزاء معاناة الناس مع فواتير كهرباء الدولة الباهظة مقارنة عما كانت عليه سابقاً، يبدو أن الطاقة المتجددة ستكون جزءاً من الحل المنشود لمشكلة الكهرباء في لبنان، خصوصاً في ظل ازدياد الطلب على تقنياتها في السنوات الثلاثة الأخيرة وبدء الحديث عن إمكانية التقسيط من قبل الشركات المتخصصة بها للمواطنين غير القادرين على دفع أسعارها دفعة واحدة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us