الولادات تتراجع في لبنان.. “الإنجاب أصبح حلماً”!


أخبار بارزة, خاص 10 تموز, 2023
ولادات

تراجع عدد الولادات ليس وليد اللحظة، بل عمره من عمر الأزمة الاقتصادية. فقد سجل العام 2019 86,584 ولادة، و74,049 عام 2020، أما عام 2021 فتم تسجيل 68,130 ولادة.


كتبت هانية رمضان لـ “هنا لبنان”:

“اكتفينا بولد واحد”.. بهذه الجملة تعبر سارة عن عدم استعدادها هي وزوجها للإنجاب مرة أخرى..
رغم أنهما كانا يحلمان بتكوين عائلة كبيرة فيها ثلاثة أطفال، إلّا أن الظروف حالت دون ذلك. وليست الظروف الاقتصادية التي فرضت عليهما اتخاذ هذا القرار فحسب، بل الضغوطات النفسية كانت عائقاً إضافياً أمام هذين الزوجين، بسبب خوفهما من عدم القدرة على أن يوفّروا لأطفال آخرين ما قاموا بتأمينه للولد الأول.
ابن سارة اليوم يبلغ من العمر ثلاث سنوات، ما يعني أنه سيدخل المدرسة قريباً، “ما كنا متوقعين ندفع هلقد!” قالت سارة.. ثم تابعت: “لقد ازدادت مصاريفنا دون أن ندرك، أصبحنا أنا وزوجي نعمل دون توقف لتأمين معيشتنا”..

حال سارة كحال العديد من الأزواج الذين كانوا يحلمون بإنجاب أكثر من طفل، إلا أن تراكم المصاعب الحياتية عليهم ألغى ذلك من حساباتهم. فكلفة الاستشارات الطبية المرتفعة لدى أطباء الفحص النسائي لم تعد العائق الوحيد أمامهم، بل بات التفكير بأمور ما بعد الإنجاب هو الأكبر من حيث قدرتهم على تأمين مستلزمات الطفل من حليب ودواء وحفاضات، هذا فضلاً عن غياب بعض التطعيمات الأساسية، وعدم توفر بيئة صحية للمواليد الجدد وغيرها من الأمور التي يجب أن تتوفر من دون مجهود!
وفي هذا الإطار، يقول صاحب إحدى الصيدليات في بيروت لـ “هنا لبنان”، أن الطلب على الأدوية المتعلقة بمنع الحمل ازداد بشكل كبير مؤخراً، ما يؤكد أن معظم الأزواج يستبعدون فكرة الإنجاب..

إحصائيات عن تراجع الولادات

مع بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان منذ العام 2019، تراجع عدد الولادات بشكل كبير، وبحسب أرقام المديرية العامة للأحوال الشخصية فقد سجل العام 2019 86,584 ولادة، و74,049 عام 2020، أما عام 2021 فتم تسجيل 68,130 ولادة.
ومؤخراً، نشرت الصفحة الرسمية لـ world of statistics في تغريدة على تويتر إحصائيات متعلقة بانخفاض نسبة الولادات في أكثر من دولة حول العام، ومن بينها لبنان الذي سجل 30268 من حيث تراجع لعدد الولادات للسنة الثالثة على التوالي.
كما أن “الدولية للمعلومات” كانت قد أعدت دراسة سابقة في شباط من العام 2021 ذكرت من خلالها التداعيات الاجتماعية للأزمة اللبنانية التي أدت إلى تراجع معدلات الزواج والولادات في عام 2020 مقارنة بعام 2019 ومقارنة بمتوسط الأعوام الخمسة الأخيرة (2015-2019)، في حين ارتفعت معدلات الوفيات بشكل ملموس.
ووفق بيانات مجموعة البنك الدولي، فمعدل الخصوبة الإجمالي (عدد الولادات لكل امرأة) في لبنان ما يزال 2.1 حتى عام 2021 .
من هنا، يتضح أن تراجع عدد الولادات ليس وليد اللحظة، بل عمره من عمر الأزمة الاقتصادية.

علم الاجتماع الأسري يوضح
من جهتها، اعتبرت المتخصصة في علم الاجتماع الأستاذة مهى زيتوني انّ انخفاض نسبة الولادات في لبنان للسنة الثالثة على التوالي يعود لعدة أسباب تشمل تأثير الظروف الاقتصادية على قرار الأسر بعدم الإنجاب، فقد يجد الأزواج صعوبة في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال ورعايتهم، وبالتالي يختارون تأجيل الإنجاب أو الاستغناء عنه تمامًا. بالإضافة إلى الاستقرار الاجتماعي الذي يلعب دورًا في قرار الأسر بعدم الإنجاب. فإذا كان هناك عدم استقرار في البلاد، مثل الصراعات المسلحة أو الاضطرابات السياسية، قد يتردد الأزواج في تكوين أسر والإنجاب في ظل أوضاع غير مستقرة.
كما تؤثر التغيرات الاجتماعية والثقافية على قرارات الأسرة بشأن الإنجاب، فقد ينتشر اعتقاد بأن الحصول على التعليم والمشاركة في سوق العمل هما أكثر أهمية من الإنجاب. وقد يتغير بذلك الدور التقليدي للأسرة وتتحول الأولويات نحو الحياة المهنية وتحقيق الذات بدلاً من الأولوية القصوى للإنجاب.
وختمت زيتوني بالحديث عن الوعي بتحديات رعاية الأطفال الذي قد يؤثر على قرار الأسرة بعدم الإنجاب لأن تربية الأطفال تتطلب مجهودًا كبيراً ومسؤولية عالية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us