موازنة 2023: مصير “معلّق في الهواء” لموظّفي القطاع العام


أخبار بارزة, خاص 10 آب, 2023
موازنة

نحن في حالة يرثى لها إذ أنّ عجز الموازنة بحسب الأرقام التي نشرت هي بحدود 20 في المئة والنفقات 183 تريليون بينما الايرادات هي بحوالى الـ140!


كتبت ميرنا الشدياق لـ”هنا لبنان”:

“تعطي بيد وتأخذ من الموظف باليد الأخرى” هي سياسة يتبعها المسؤولون في الدولة اللبنانية منذ بدء الأزمة الإقتصادية.

في حين أنّ الرؤية الإقتصادية غائبة تماماً وسياسة الترقيع مستمرة. وهذا ما تعكسه موازنة عام 2023 والتي تشكّل مثالاً صارخاً على هذه السياسة التي يدفع ثمنها بطبيعة الحال الشعب اللبناني والموظف في القطاع العام، الذي ساومته السلطة على زيادات هزيلة، فيما فقد راتبه قيمته الفعلية.

“لا عدالة” تتحكّم بكل السياسات المتبعة، إذ تمّ دسّ مادتين في الموازنة تحولان دون إدراج الزيادات الممنوحة للعاملين في القطاع العام تحت بند “غلاء معيشة”، وذلك كي لا تُحتسب في تعويضات نهاية الخدمة وفي معاشاتهم التقاعدية.

وتضاعف المادة 43 من الموازنة الرسوم وتستهدف الموظف الذي لم يتضاعف راتبه سوى 7 مرات.

وهنا السؤال: من يحفظ كرامة موظفي ومتقاعدي القطاع العام؟ هل تسعى هذه السياسات لتصفية الإدارة العامة؟ خصوصاً أنّ كل الزيادات التي حصل عليها العاملون في القطاع العام منذ بداية الأزمة لا تزال بعيدة كل البعد عن الواقع؟

ومن الواضح بحسب ما يوضح الخبير في الشؤون الإقتصادية الدكتور بلال علامة لـ”هنا لبنان” أنّه “تمّ تضخيم النفقات في موازنة العام 2023 بطريقة خيالية ودراماتيكية، وذلك لإظهار أنّ ميزانية الدولة عاجزة كلياً عن تلبية هذه النفقات”.

ومن المتعارف عليه أنّه يتم إدراج في بنود الموازنة، النقاط المرتبطة بكيفية الإنفاق وبتأمين الإيرادات وتغطية العجز أو الإستدانة لتغطية العجز.

وهناك دائماً في الموازنة بنداً يطلب فيه من مصرف لبنان تغطية العجز إن من خلال الاقتراض أو من خلال تأمين المتطلبات داخلياً. علماً أنّ الاقتراض متوقف في لبنان منذ لحظة تاريخ التوقف عن دفع سندات اليوربوند في آذار 2020 وبالتالي البديل هو اللجوء الى المصادر الداخلية.

وفق علامة، فإنّ الحل المتاح للدولة أو بشراء سندات خزينة أو باللجوء للاحتياطي، وفي الحالتين فإنّ الوضع كارثي جداً.

ويوضح علامة أنّ “عجز الموازنة بحسب الأرقام التي نشرت هي بحدود الـ20 في المئة والنفقات 183 تريليون بينما الإيرادات هي بحوالى الـ140، وهذا الرقم مضخّم أي مضاعف مرات ومرات.

ولفت علامة إلى أنّ “كل الرسوم والضرائب غير المباشرة تمّ تعديلها، ووزير المالية برّر ذلك بعدم فرض ضرائب جديدة وإنّما بإعادة رسم الرسوم والضرائب غير المباشرة وفق آلية تغطي الفجوات والتشوهات التي طرأت على المالية العامة، ليتم بعد ذلك إبراز الموازنة بين النفقات والايرادات. وبكلتا الحالتين الأمور خطيرة ودراماتيكية لأنّه عندما سيتم اللجوء الى تغطية العجز من المصادر الداخلية سنكون أمام تضخم جديد وتدهور في سعر الصرف”.

وشدّد علامة على أنّ “النفقات التي قررتها الدولة إن لناحية تعديل الأجور أو ما يسمى بدل أتعاب القطاع العام هي ظالمة، لكونها لا تفي بالغرض الأساسي منها ولا تحسّن أوضاع الموظف، فهي لن تدخل في صلب الراتب، أي أنّ التعويضات لن تتأثر ولن تتغير وستبقى نهاية خدمة الموظف معلّقة في الهواء وبالتالي بدل النظر إلى طرق واقعية لمعالجة الأمور فإنّ الموازنة تذهب نحو دهورة الأمور”.

ورأى علامة أنّ هذه الموازنة هي الخطوة الثانية بعد موازنة 2022 للذهاب نحو تثبيت عجز لبنان كلياً عن الوفاء حتّى بإلتزاماته الداخلية ألاّ وهي نفقات المالية العامة والموازنة، ومن ثمّ الذهاب إلى طرح أصول الدولة للبيع أو الوصول إلى مد اليد على الذهب المحفوظ في مصرف لبنان.
وكلّ هذه الاحتمالات يدفع إليها مسار الأمور التي سلكتها السياسات التي طبقتها السلطة بدءاً من موازنة 2022 وصولاً إلى طرح موازنة 2023، دون قطع حساب للـ2022 التي حكي فيها عن ازدياد في الإيرادات دون أن نعرف تفاصيل أكثر عن نسبتها ووجهتها في المقلب الآخر.

وكان وزير المالية قد لمّح إلى أنّ موازنة عام 2024 بدأت تُعد وأنّ الأمور ذاهبة باتجاه إقفال التشوهات ونتائج الازمة المالية وبالتالي سنشهد في العام 2024 – وفق ما يرى علامة – تثبيتاً لمبدأ عدم مضي السلطة بمسار الإنفاق وإدارة القطاع العام، وصولاً إلى طرح سياسات اقتصادية جيدة للبنان وبالتالي البحث عن بدائل من بينها: التصرف بالاحتياطات المتبقية أو طرح اصول الدولة للبيع أو اللجوء الى ما يسمى الشراكة مع القطاع العام او مد اليد على الذهب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us