لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر!


أخبار بارزة, خاص 3 تشرين الأول, 2023

شكل التحولات المستقبليّة ليس معروفاً وكذلك عمقها واتجاهاتها. لبنان، يذهب نحو الهامش أكثر فأكثر رغم أنه كان في الماضي في قلب المنطقة العربيّة.

كتب رامي الريّس لـ”هنا لبنان”:

تغيّر وجه المنطقة العربيّة بشكل كبير وجوهري، لا بل تغيّر الواقع الدولي برمته. عصر القوميات وصراع الإيديولوجيات الذي طبع القرن العشرين انطوى إلى حدٍّ بعيد مفسحاً المجال أمام صراعات من نوع آخر لعل من أبرزها النزاعات ذات الطابع الاقتصادي والتجاري والمصالح الكبرى.
صحيحٌ أن الولايات المتحدة والصين غالباً ما تروجان بأن خلافهما له أسبابه السياسيّة وحتى العقائديّة بحيث تعتنق كل منهما نظاماً اقتصادياً معيّناً يبدو مختلفاً عن الآخر، بينما هو في حقيقة الأمر يتقاطع في الكثير من المنعطفات والمرتكزات التي، حتى لو اختلفت في الشكل، فإنها تصب في مصب واحد: المعركة لقيادة العالم إقتصادياً.
بطبيعة الحال، تتلاشى سائر الاعتبارات الأخرى كتلك التي كانت تجعل الصراع الثنائي محتدماً في الحقبات المنصرمة، ذلك أنّ مصالح الدول والشركات العابرة للقارات والمؤسسات التجاريّة تعلو فوق كل اعتبار.
عربيّاً، لم تتغيّر الدول العربيّة قاطبة نحو الأفضل، بل على العكس البعض منها غرق في حروب ومشاكل ونزاعات، كما أن قسماً منها يئن تحت المشاكل المعيشيّة والاجتماعيّة مثل لبنان واليمن وسوريا والعراق. كما أن الفساد ينخر معظم مجتمعاتها لناحية تغلغله في الإدارة العامة ومؤسسات الدولة بشكل عام، الأمر الذي يعيق النمو والتقدم ويهدر الإمكانات المالية ويذهب بها إلى جيوب المسؤولين والنافذين الذين تتعطّل آليّات محاسبتهم ومساءلتهم ومقاضاتهم.
والسبب الرئيسي في ذلك يعود بدوره إلى تعطل العمليّة السياسيّة والديمقراطيّة في تلك البلدان نتيجة الممارسة السياسية السيئة لعدد من القوى النافذة التي تقبض على السلطة ولا تسمح بتنفيذ الإصلاحات الاقتصاديّة المطلوبة بما يغيّر أحوال المجتمعات بشكل جذري ويمنح الشعوب العربيّة فرصاً جديّة نحو المستقبل.
ولكن، في الوقت ذاته ثمّة دول عربيّة أخرى حسمت أمرها وسلكت طريق الحداثة والتغيير من خلال بناء رؤية مستقبليّة ترتكز إلى تطوير أوضاع المجتمع بدءاً من خلال إسقاط بعض الموروثات الإجتماعيّة القديمة التي باتت تعترض التطوير والتغيير نتيجة التحولات الكبرى التي شهدها العالم خلال العقود القليلة الماضية.
قد يكون التحوّل الأعمق هو ذاك الذي طرأ على الفكرة العربيّة بذاتها، وهي التي تعرضت لضربات وانتكاسات كبيرة ولم يُتح المجال بشكل جدي للذهاب نحو تطبيقها بشكل شامل نتيجة تقاعس البعض عن الالتزام بها، وتدجينها من قبل البعض الآخر، كما رفضها من قبل الآخرين للعشرات من الاعتبارات.
شكل التحولات المستقبليّة ليس معروفاً وكذلك عمقها واتجاهاتها. لبنان، يذهب نحو الهامش أكثر فأكثر رغم أنه كان في الماضي في قلب المنطقة العربيّة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us