جنبلاط يسير على دروب الممانعة… تقارب نحو حارة حريك وابتعاد ظاهر عن المعارضة


خاص 2 كانون الأول, 2023

انقلاب جنبلاط أربك المعارضة، وخلق “نقزة” سياسية لديهم في طريقها للبقاء مطوّلاً، في ظلّ مخاوفها من مضيّ زعيم المختارة بسليمان فرنجية رئيساً، تحت حجة “التحولات الإقليمية المرتقبة”

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

لم يعد أحد يتفاجأ بالتقلبات السياسية، التي يتميّز بها الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ولا أحد يدري ماذا يدور في فلكه حتى “يشطح” سياسياً كل فترة، إذ لا تستطيع أي مرحلة أن تمحو خطاباته الفجائية، والتي تأتي من دون سابق تصوّر وتصميم، فإذا به يستدير بسرعة غير متوقعة، وتساعده في ذلك أنامل رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الصديق والحليف الدائم الذي لا يستطيع جنبلاط الابتعاد عنه، خصوصاً أنه يعمل عند الضرورة على خط إصلاح علاقة المختارة بحارة حريك، ويكون المفتاح الذهبي لفتح درب العلاقة ومسافاتها الشاسعة في بعض الأحيان.
وفي أحيان أخرى “يشطح” الزعيم الاشتراكي نحو أي خصم سياسي من دون وساطة، فكما تنقّل من ضفة الممانعة إلى ضفة 14 آذار في العام 2005، ومن ثمّ عاد إليها سالماً بالطريقة عينها في شهر آب من العام 2009، حين ألقى قنبلة سياسية خلطت أوراق التحالفات السياسية، مع تغيير خطابه وإعلانه: “أنّ تحالف الحزب الاشتراكي مع قوى 14 آذار كان بحكم الضرورة ولا يمكن أن يستمر”.

من المعارضة إلى ضفة حارة حريك
إلى ذلك ومع تفاقم الشغور الرئاسي، قام جنبلاط وعبر بعض نواب اللقاء الديموقراطي، بجولة على الأفرقاء السياسيين لطرح مبادرة تهدف إلى التوافق على رئيس، تاركاً الخط المعارض بطريقة غير مباشرة، حتى خرج التباين بينهما إلى العلن، كما أصبحت مواقفه تتباعد عنها شيئاً فشيئاً، حتى برزت زيارات موفدين من حزب الله إلى كليمنصو، فيما استمرّ الثنائي الشيعي على موقفه المتمسّك بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، ورفض القبول بأيٍّ من المرشحين الوسطيين الذين يطرحهم جنبلاط وغيره، لكنّ الأخير حافظ على التمسّك بحزب الله لأنّ المرحلة تقتضي ذلك.
في السياق استمرت اللقاءات الاشتراكية، مع مسؤولين من حزب الله بين الحين والآخر، فطرحت علامات استفهام بالجملة، من قبل مراقبي تطور الأحداث السائدة، سائلة: “كيف سيكون وقع الاستدارة الجنبلاطية على الحلفاء غير الكثر عددياً؟ وعلى المملكة العربية السعودية خصوصاً مع حضور النائب وائل أبو فاعور تلك اللقاءات؟ وهو المعني الدائم بملف الرياض- المختارة، والمهتم بعلاقة الطرفين.

هل يجلس جنبلاط على مائدة 8 آذار؟
من هنا تشير مصادر سياسية مطلعة على ما يجري بين الطرفين لـ” هنا لبنان” إلى أنّ التغيرات في المنطقة فرضت واقعاً سياسياً جديداً، استدعى إزالة التباين السياسي بينهما، لكن ذلك لم يرق للقاعدة الجنبلاطية والكوادر والأعضاء، الأمر الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي لفترة معينة، ومن ثم التزم المناصرون الصمت بطلب من القيادة الاشتراكية، فخلصوا إلى خاتمة لافتة وهي “ضرورة الحفاظ على العلاقة السياسية مع أي فريق”، لأنّ ذلك يعني الخير للبنان في هذه الظروف، وبالتالي فالتقارب السياسي أفضل بكثير من التباعد الكفيل بهدم كل ما تمّ إصلاحه، مع إمكان أن يكون لجنبلاط قراءة سياسية معيّنة، تحمل المخاوف والمعطيات الإقليمية الجديدة، مشيرة في الوقت عينه إلى وجود مخاوف، من أن تكون الطبخة السياسية تتحضّر على نار قوية، بين حارة حريك والمختارة، وقد تكون رئاسية وتودي بجنبلاط لاحقاً إلى الجلوس على مائدة 8 آذار، والمضيّ بدعم فرنجية، معتبرة أنّ الوقت كفيل بتوضيح ما يجري، لذا سيكون هذا الملف موضوع متابعة ليبنى على الشيء مقتضاه، لكن المصادر المذكورة عادت وذكّرت جنبلاط بما أعلنه سابقاً: “بأننا خضنا تجربة رئيس من فريق 8 آذار هو ميشال عون، وكانت تجربة فاشلة”، ومعنى ذلك أنه لا يجب الوقوع في الخطأ مرة أخرى، على حدّ تعبيرها.

مصادر”الاشتراكي”: انفتاح لتنظيم الخلاف
في غضون ذلك، اعتبرت مصادر مسؤولة في الحزب الاشتراكي، في حديث لـ “هنا لبنان” بأنّ الوزير جنبلاط لا يسير اليوم على خط مغاير، وترفض مقولة “انعطافة المختارة”، وتصف ذلك بالإنفتاح على حزب الله لتنظيم الخلاف ليس أكثر، خصوصاً في هذه الظروف التي تستدعي الوحدة، وتقول: “لذا أطلق جنبلاط مجموعة مواقف متضامنة مع حرب غزة مع بعض التوصيات لحزب الله، فالمرحلة تتطلب التضامن، ونحن نقوم بالتنسيق مع “الحزب” منذ بدء الحرب على جنوب لبنان، لتأمين النازحين الجنوبيين من كل النواحي في مناطق الجبل، ونعمل على تجاوز الاختلاف السياسي.
وعلى خط مغاير، يبدو أنّ انقلاب جنبلاط قد أربك حلفاءه السابقين أي المعارضة، وخلق “نقزة” سياسية لديهم لا تزال سائدة حتى اليوم، وفي طريقها للبقاء مطوّلاً، في ظلّ مخاوفها من مضيّ زعيم المختارة بسليمان فرنجية رئيساً، تحت حجة “التحولات الإقليمية المرتقبة”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us