غزة والكباش بين نتنياهو وبايدن


خاص 10 كانون الثاني, 2024

تحاول الإدارة الأميركية إيقاف اندفاعة نتنياهو الّذي يلجأ إلى أسلوب الاغتيالات والقتل قبل أن يضطرّ إلى الالتزام بقرار واشنطن التي تصرّ على وقف قتل المدنيين ووقف النزوح الفلسطيني إلى خارج غزة


كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

نتنياهو يستمرّ في معركة إبادة الفلسطينيين ويأبه فقط بالبقاء في السلطة لأنه يعرف تماماً أنّ الحرب والمزايدة في القتل والإبادة هي وحدها التي تبقيه في رئاسة الحكومة متحدياً أخصامه ومحرجاً حلفاءه في الوقت نفسه. فقد سجلت المواجهة مع “حماس” التي تبدو غير آبهة بإبادة الفلسطينيين أكثر من ٢٣ ألف ضحية في غزة ونحو ٥٨ ألف جريحاً ومصاباً ناهيك عن عدم قدرة الأحياء على تامين أدنى مقومات الحياة من مأكل ومشرب وحتى الإقامة في العراء.
ولكن التحدي الأهم هو الكباش القائم مع الولايات المتحدة التي تصر على وقف المذبحة ضدّ المدنيين ووقف النزوح الفلسطيني إلى خارج غزة، وتأكيداً لذلك أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال جولته في المنطقة التي وصل بها إلى تل أبيب أنّ التهجير الفلسطيني يجب أن يتوقف في أول شهر شباط، ويركز على حل الدولتين إسرائيلية وفلسطينية الذي تدعمه الدول العربية المؤثرة كالسعودية ومصر والأردن التي تطالب وتصر على وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى لبنان. ويحاول نتانياهو المزايدة والهروب إلى الأمام عبر لعب ورقة لبنان في هذه المواجهة مسلّطاً نار جيشه وهمجيته على “حزب الله” الذي يحاول الإيحاء بأنه مستعد وشريك في المواجهة رغم أنّ جل ما يقوم به هو الردّ على القصف بقصف مشابه وخطابات رنانة يلقيها أمينه العام حسن نصر الله، علماً أنّ العاروري اغتالته إسرائيل في قلب الضاحية الجنوبية عقر دار “حزب الله”. كما أنّ الاغتيالات والتصفية لم تقتصر على قيادات من “حماس” ولكنها تصيب بشكل شبه يومي “حزب الله”. فقد تم اغتيال أكثر من مسؤول عسكري ميداني ومسؤول قطاع بدءاً بمجموعة قتلت في الناقورة وعلى رأسها مسؤول يدعى حسن يزبك ثم آخر تم اغتياله أمس في قرية خربة سلم أقصى الجنوب يدعى وسام الطويل وهو قيادي عسكري وأمني ولوجستي، مقرب من نصرالله، ويبدو أنه “تلميذ” قاسم سليماني وسبق وان التقى الخامنئي في طهران.
مسلسل الاغتيالات الإسرائيلية طويل وبدأ منذ زمن فقد طال الأمين العام السابق عباس الموسوي الذي اغتيل عام ١٩٩٢ هو وأفراد عائلته خلال موكب له في الجنوب، ثم هادي ابن نصرالله عام ١٩٩٧ ناهيك عن القائد العسكري الأهم في “حزب الله” عماد مغنية عام ٢٠٠٨ في دمشق في محيط عقر دار المخابرات السورية. ثم حصلت اغتيالات مثيرة وملتبسة كأخوة مغنية وأولاده وآخرها على سبيل المثال مصطفى بدر الدين. وكلها اغتيالات لم يكشف رسمياً من وراءها ولم يتمّ، وهذا الأهم، الثأر أو الانتقام من مرتكبيها وتحديداً إسرائيل. لم تصدر سوى مواقف وتصريحات وردود فعل توعد خلالها “حزب الله” بالرد من دون أن يتعدى ذلك لغة الكلام والردّ في “المكان والزمان المناسبين”!
أتقنت إسرائيل مسلسل الاغتيالات منذ أكثر من خمسين سنة، عندما بدأته مع الفلسطينيين إذ أنّ أول فلسطيني تم اغتياله هو الكاتب والصحافي والمفكر والأديب وعضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان يتزعمها الدكتور جورج حبش هو غسان كنفاني صيف ١٩٧٢، بعدها اغتالت إسرائيل عبر كوماندوس نفذ إنزالاً بحرياً على شواطئ بيروت في نيسان ١٩٧٣ ثلاثة من قادة فتح هم يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر الذي كان رئيساً لتحرير مجلة فلسطين الثورة. وشكل هذا الاعتداء إنذاراً لمواجهة بين السلطة اللبنانية بجيشها ومنظمة التحرير وأدى إلى خلق شرخ داخل السلطة اللبنانية نفسها، وتحديداً بين رئيس الحكومة الذي كان يومها صائب سلام الذي طالب بإقالة قايد الجيش ورئيس الجمهورية سليمان فرنجية الذي شنّ حرباً على المخيمات الفسطينية.
ولم تقف التصفيات عند هذا الحدّ بل تعدتها لتطال مسؤول الأمن في فتح عام ١٩٧٩ قائد فرقة الـ ١٧ أبو حسن سلامة الذي كان الساعد الأيمن لياسر عرفات.
وقد حصلت اغتيالات خارج لبنان بعد خروج منظمة التحرير منها اغتيال اثنين كبار من فتح هما أبو إياد وأبو جهاد اللذين تمت تصفيتهما في تونس.
الاغتيالات هي الوسيلة التي اتّبعتها إسرائيل قبل نتنياهو ومعه لتصفية القضية الفلسطينية ومناضليها. واليوم يجد نتانياهو حجته ويمارس بطشه، بالقوى الإسلامية التي تمارس إلى حد كبير نفس الأسلوب الذي يمارسه نتنياهو وكأنّ القوة والعنف هما الأسلوب الأنجع للتحرير!
وهكذا تحاول الإدارة الأميركية إيقاف اندفاعة نتنياهو الذي يلجأ إلى أسلوب الاغتيالات والقتل قبل أن يضطر إلى الالتزام بقرار واشنطن، ويدعم الاتحاد الأوروبي القرار عبر إيفاد المسؤول الأعلى للسياسة الخارجية إلى بيروت لمنع نتنياهو من التورط في لبنان.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us