صندوق النقد الدولي يسحب يده من لبنان ويتركه لمصيره!


خاص 29 كانون الثاني, 2024
صندوق النقد

أي اتفاقية مع صندوق النقد لن تحقق أهدافها إلا إذا اقترنت بإصلاحات سياسية فعلية تعزز المساءلة والمحاسبة وتعيد ثقة المواطنين والمستثمرين والشركاء الإقليميين والدوليين وتسترجع دولة القانون


كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:

على ما تتقاطع حوله تقديرات الخبراء الاقتصاديين وبحسب المعلومات المتداولة، فإنّ صندوق النقد الدولي الذي طالب لبنان بإصلاحات صارمة من أجل مكافحة الفساد، سيجمد أعماله ومفاوضاته واستشاراته التقنية، بسبب موقفه الحالي إزاء الوضع في لبنان.

كما وسيعمد إلى إيقاف اتفاق الإطار بين الفريق الذي يمثل الحكومة اللبنانية والفريق التقني لصندوق النقد الدولي المكلف التفاوض مع لبنان حول برنامج الدعم الخاص للتعافي من الأزمة التي يتخبط فيها منذ 4 سنوات.

فهل يترك صندوق النقد الدولي لبنان لمصيره؟

المختص بالشأنين الاقتصادي والسياسي طوني بولس يقول لـ “هنا لبنان”: لن يتنازل صندوق النقد الدولي عن الشروط القاسية التي وضعها لإطلاق المفاوضات حول خطة التعافي ومساعدة لبنان على وقف الانهيار، إذ تكمن أهمية صندوق النقد بوضعه معايير محددة للإصلاحات المطلوبة من لبنان كما بكشفه عن احتياجات البلاد، وهو أمر معروف بالنسبة للجميع، ولا يخفى على أحد أنّ معظم القطاعات في لبنان باتت تحتاج لإصلاحات أساسية خصوصاً في ما يتعلق بمسألة التهريب عبر الحدود اللبنانية-السورية، وإعادة هيكلة قطاع الكهرباء، وإعادة تنظيم وضع المصارف وإقرار بعض القوانين المتعلقة بها، إضافة إلى موضوع الميزانيات، وكلها معايير أساسية على الدولة اللبنانية العمل عليها وإصلاحها في حال وجود توصيات من صندوق النقد أم لا”.

ويلفت بولس إلى أنّ “الأموال المخصصة من صندوق النقد للبنان والمقدرة بـ 3 مليار دولار تقريباً في حال تمنع عن دفعها لن يؤثر على لبنان كما وأن تأثيرها على الاقتصاد لن يتجاوز الـ 5 %، ولكن ما يؤثر على لبنان وشعبه واقتصاده هو سحب صندوق النقد الدولي يده من لبنان وتركه لمصيرهم”.

وبحسب المعلومات فإنّ صندوق النقد الدولي سيجمّد كل أعماله والمفاوضات التي كانت سائدة سابقاً لما لديه من ملاحظات على الموازنة الحالية ما دفعه إلى بالإنسحاب من لبنان وتوقيف استشاراته التقنية بما فيها اتفاق الإطار الذي تم توقيعه في عهد رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بداية العام 2022.

وهنا يرى بولس أن التلويح بمغادرة صندوق النقد الدولي له تأثير معنوي على الداخل اللبناني كما وأنه رسالة بأن الحكومة اللبنانية لن تلتزم بالإصلاحات وبالمعايير الإصلاحية وهو ما أكدته تقارير عدة أشارت إلى مكامن الفساد في لبنان والتي باتت معروفة والمتمثلة بوزارة المالية ووزارة الطاقة والمنافذ الحدودية مع لبنان وكلها بحاجة لإعادة إصلاح”.

ويضيف: عملياً، إنّ خروج صندوق النقد الدولي من لبنان سيؤدي إلى استفحال متلازمة “راوح مكانك” وسط غياب جدّي ورسمي لدور الدولة وحضورها”.

أما إذا أردنا الدخول بالأرقام وبحسب بولس فسنلاحظ أن وزارة الطاقة تسببت بالهدر الأكبر في لبنان وسجلت خسائر وصلت خلال السنوات العشر الماضية إلى 50 مليار دولار، أما بالنسبة لمسألة التهرب الجمركي والضريبي فخسائرها تجاوزت الـ 20 مليار دولار، وفي ما يتعلق بالضرائب العشوائية فإنها تشرع عمليات التهريب بشكل كبير وتضرب فعالية الاقتصاد وتساعد في إبعاد المؤسسات عن الاستثمار في لبنان. إضافة إلى خلق المضاربة غير الشرعية ما أدى إلى إقفال أبواب الشركات الشرعية وازدهار اقتصاد الظل ونموه بوقت قياسي”.

وفي المحصلة فإنّ أيّ اتفاقية مع صندوق النقد لن تحقق أهدافها إلا إذا اقترنت بإصلاحات سياسية فعلية تعزز المساءلة والمحاسبة وتعيد ثقة المواطنين والمستثمرين والشركاء الإقليميين والدوليين، وتسترجع دولة القانون بدءًا بإصلاح وتعزيز استقلالية القضاء وإقرار قوانين مكافحة الفساد وإصلاح النظام النقدي والمالي كمدخل للتعافي الاقتصادي والاجتماعي والوصول إلى نظام ضريبي عادل ونظام حماية اجتماعية شامل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us