هوكشتاين راجع لأنّ الحرب اندلعت


خاص 30 كانون الثاني, 2024

لبنان يقول لهوكشتاين العائد أهلاً وسهلاً في بلد العجائب. فهل ستكون الأعجوبة الجديدة نهاية الحرب في بلد الآلام؟ أم أنّ الحرب التي قال هوكشتاين أنّها اندلعت فعلاً، ستتوسع فتجعلنا نترحم على ما سبق من حروب في لبنان؟

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

لم يأت من فراغ إعلان المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين أنه سيعود إلى المنطقة قريباً. فهو أتى في سياق الكلام عن نفاذ المهلة التي حددتها إسرائيل للتوصل إلى حلِّ سياسي. وهذه المهلة تحديداً، كما سبق وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تنتهي في نهاية كانون الثاني الحالي. فهل سيكون حظ المسؤول الأميركي أفضل هذه المرة كي ينزع فتيل التوتر من جبهة جنوب لبنان المشتعلة؟

عندما سألت مارغريت برينان مقدمة برنامج “Face the Nation”الذي تبثه شبكة CBS هوكشتاين عن أنّ الحكومة الإسرائيلية قالت إنّ الوقت ينفد، أجاب: “حسناً، لا أعرف عن المواعيد النهائية الصعبة”. لكنّه في المقابل، كان أكثر وضوحاً في الجواب على السؤال التالي: ما مدى قلقك الآن من أنّنا على وشك رؤية جبهة أخرى تنفتح في حرب غزة؟ فهو قال: “إنّنا جميعاً يجب أن نكون قلقين للغاية بشأن جبهة أخرى. وفي الواقع، لدينا إلى حدٍّ ما جبهة بالفعل”.

ما يمكن للمراقبين أن يستنتجوه من جواب مبعوث بايدن، يبدأ من زيارة الأخير للمنطقة في أوائل الشهر الجاري التي اقتصرت فقط على إسرائيل. وحرص هوكشتاين في تلك الزيارة، وفق المعلومات التي وردت، على أن تستمرّ إسرائيل في سياسة عدم توسيع النزاع مع لبنان. وبالفعل، فإنّ هذا النزاع لم يتّسع إلى درجة الحرب الشاملة. لكنّ التطورات الميدانية في الأسابيع الأخيرة، دلّت على أنّ عنف المواجهات بلغ ذروة لم تشهدها هذه المواجهات منذ أن قرّر “حزب الله” إشعالها في 8 تشرين الأول الماضي. وكان من نتائج هذا التصعيد، تنفيذ إسرائيل سلسلة اغتيالات مشهودة وفي مقدّمتها، قتل الرجل الثاني في حركة “حماس” في الضاحية الجنوبية لبيروت صالح العاروري، ثم قيام إسرائيل بتصفية قائد فرقة النخبة في “حزب الله” المعروفة باسم فرقة “الرضوان”، وهذا القائد هو وسام الطويل الذي سقط في غارة إسرائيل على بلدة خربة سلم في منطقة بنت جبيل الحدودية.

من أين سيبدأ هوكشتاين عندما يعود إلى المنطقة مجدّداً في أيّ وقت من الآن فصاعداً؟ الجواب أتى على لسان مبعوث الرئيس الأميركي نفسه في إطلالته الإعلامية الأخيرة. فعلى الرغم من الغموض الذي اعتمده في عباراته التي انتقاها بعناية، ألمح إلى أنّ مهمّته تنقسم إلى شقيّن: الأول، إنجاز ترتيبات أمنية تؤدّي إلى وقف النار على الجبهة الجنوبية. ووفق ما صرّح به هوكشتاين فإنّ “المفاوضات” ستنطلق “لضمان وجود الجيش اللبناني في تلك المنطقة، وأنّ هناك المزيد من معايير الأمن للمدنيين”.

أمّا الشقّ الثاني، فيتضمن “وضع علامات على الحدود الفعلية بين البلدين”، وفق تعبير هوكشتاين.

لم يوضح المبعوث الأميركي ما إذا كان هذان الشقّان من مهمّته متلازمّيْن ،أم أنّهما منفصلان؟ وهناك من يرجّح أن يكونا منفصلين. فما يهم من الشق الأول، الذي هو من نوع ميداني، أن يتيح عودة النازحين من مناطق المواجهات على جانبي الحدود إلى ديارهم. وهذه العودة تمثل أولوية إسرائيلية على ما عداها. لكنها مشروطة من وجهة النظر الإسرائيلية بابتعاد “حزب الله” عن الحدود، على أن تتولّى قوّات الأمم المتحدة “اليونيفيل” بمؤازرة الجيش اللبناني زمام الأمن على الجانب اللبناني من الحدود تنفيذاً للقرار1701 .

أمّا الشق الثاني من مهمة هوكشتاين، فهي ذات طابع إجرائي، لن تتجاوز أعمال المساحة التي عرف لبنان مثلها في الترسيم البحري التي تولّاها هوكشتاين نفسه وبنجاح قبل أكثر من عام. ومثل هذه المهمة يمكن لها أن تستمرّ قدر ما تحتاج إليه من وقت كي تنجح من دون توتر.

في ضوء ما جرى ولا يزال في الجنوب، تبدو الطموحات التي تحرّك مهمة هوكشتاين أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع. فهو أشار في مقابلة الـ CBS الأخيرة إلى أنّه يجب التأكّد من أنّ “الإسرائيليين واللبنانيين يمكنهم العيش في منازلهم بأمان” على جانبي الحدود بين البلدين”. كما دعا إلى “تحقيق الأمن على المدى الطويل والسلام على المدى الطويل في منطقة شهدت العديد من جولات الصراع على مدى السنوات العديدة الماضية”.

في أي حال ، الفارق بين حرب غزة وجبهة الجنوب، هو أنّ إسرائيل تريد أن تنتهي الحرب هناك بإزالة “حماس”. بينما تريد إسرائيل ان تنتهي مواجهات الجنوب باختفاء “الحزب” من منطقة الـ 1701 .

لبنان يقول لهوكشتاين العائد أهلاً وسهلاً في بلد العجائب. فهل ستكون الأعجوبة الجديدة نهاية الحرب في بلد الآلام؟ أم أنّ الحرب التي قال هوكشتاين أنّها اندلعت فعلاً، ستتوسع فتجعلنا نترحم على ما سبق من حروب في لبنان؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us