“التعويض على.. الله”


خاص 23 آذار, 2024

المشكلة الأساسية ليست فقط في أنّ الدولة لا أموال لديها لدفع تعويضات، بل في أنّ الدول التي كانت تقدِّم مساعدات، غير مستعدة هذه المرة للقيام بهذه الخطوة تحت أي ظرف من الظروف.. فزمن مؤتمرات دعم لبنان قد ولى من “مؤتمر باريس 1″ إلى مؤتمر باريس 2 ” إلى غيرهما من المؤتمرات

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

منتصف هذا الأسبوع أوردت إحدى الصحف المحلية خبرًا جاء فيه: “نُقل عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التزام الحكومة صرف تعويضات للمتضررين من الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، وأن العمل جارٍ على تأمين الأموال اللازمة وتحديد آليّة صرفها بعد توقف الحرب”، ويتابع الخبر : ” … وفي المعلومات أنّ الحكومة ستصرف ما قيمته 20 ألف دولار لعائلة كل شهيد، و40 ألف دولار أميركي لكل وحدة سكنية دمرت بالكامل … “.

عند مراجعة مقربين من الرئيس ميقاتي، في خصوص ما ” نُقِل عنه”، جاء الجواب أن “لا علمَ لنا بما نُقِل عنا”، أُتبِع الإستفسار بسؤال: “ولكن يُنسَب لكم ما لم يصدر عنكم؟”، جاء الجواب صاعقًا: ” لأن حجمَ الدمار هائل، وحزب الله، المعني المباشر باستدراج هذا الدمار، لا جواب لديه على مستفسِرين كثر عمَن سيعوِّض، فكان “الإخراج” بتسريب خبر مفبرك مفاده أنّ الحكومة ستعوِّض.

صمتُ الرئيس ميقاتي لم يطل، فكان له موقف أعقب ما “نُقِل عنه”، وجاء في موقفه: ” لا يمكن القيام بأي خطوة لإحصاء الأضرار وتحديدها أو كلفتها. وكل ما يتم إشاعته في هذا الإطار غير صحيح، خصوصًا وأنّ الجميع يعلم الإمكانات المحدودة للدولة، التي بالكاد قادرة على تأمين الحاجات الأساسية”.

لم تنجح خطة حزب الله، عبر فيركة خبر، في استدراج الرئيس ميقاتي إلى قول ما لا طاقة له على الوفاء به ، خصوصًا أنّ الأضرار هائلة وكلفة إعادة البناء باهظة جدًا ، ولا طاقة لخزينة الدولة على تحملها. فوفق إحصاءات شبه دقيقة أن عدد البيوت المهدّمة بات يبلغ 700 منزل إضافة إلى 10 آلاف منزل متضرّر بنسب أضرار متفاوتة من الزجاج إلى الدمار الجزئي والكلّي.

المشكلة الأساسية ليست فقط في أن الدولة لا أموال لديها لدفع تعويضات، بل في أنّ الدول التي كانت في العادة تقدِّم مساعدات، غير مستعدة هذه المرة للقيام بهذه الخطوة، تحت أي ظرف من الظروف، فجبهة جنوب لبنان في منتصف شهرها السادس، وليس في الأفق ما يشير إلى استعداد الدول المقتدرة لتقديم أي مساعدة. ولى زمن مؤتمرات دعم لبنان من “مؤتمر باريس 1” إلى “مؤتمر باريس 2” إلى غيرهما من المؤتمرات. الدول المقتدرة تعتبر أنّ لبنان بلدٌ مخطوف وأنّ “خاطفيه” قد يضعون أيديهم على أي مساعدة ستُقدَّم، ولهذا لن يُقدِموا على تقديم أي مساعدة.

في هذه الحالة، لبنان أمام معضلة حقيقية: لا طاقة له على إعطاء أي مساعدة، ولا هو قادر على فرض ضرائب جديدة لأن لا قدرة للمواطن على تحمل ضرائب جديدة.

ومما كان لافتًا جدًا بدء الحديث عن عصيان مدني في حال فرضت الحكومة ضرائب جديدة لتمويل التعويضات، وقد استهل هذه الخطوة النائب نديم الجميل، فهل تكرّ السبحة ويدخل لبنان في حقبة جديدة عنوانها: لن يسير اللبنانيون بعد اليوم بقرارات تحملهم تبعات ما ليسوا مسؤولين عنه؟

من تفرد بزج لبنان في أتون الحرب، لماذا يريد إشراكهم في دفع الأثمان؟ فهل أشركهم في قرار الحرب؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us