قرار مجلس الأمن إنعكاس للسياسة الأميركية الداخلية وإحتمالات الحرب على لبنان باتت ضئيلة


خاص 26 آذار, 2024

يعتبر قرار مجلس الأمن خطوة في رحلة الألف ميل بعد تدمير غزة وقتل شعبها، والعين على ما ستحمله الأيام القليلة المقبلة من تطورات مهمة في حال تطبيق القرار وقبوله من قبل الجانب الإسرائيلي


كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:

بعد طول انتظار ومرور أكثر من ستة أشهر على حرب غزة وإبادتها الجماعية وبعد سلسلة إخفاقات، وافق مجلس الأمن الدولي على تمرير مشروع قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع عدم الموافقة على التعديل الروسي بشأن وقف إطلاق النار الدائم وامتناع الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت من دون استخدام حق النقض “الفيتو” بعد أن استخدمته لثلاث مرات للحؤول دون صدور القرار، كما طالب مجلس الأمن بإفراج فوري وغير مشروط عن جميع الرهائن، مع الإشارة إلى أنّ هناك حاجة ملحة لزيادة المساعدات لقطاع غزة والمطالبة بإزالة جميع العوائق أمام تسليم المساعدات.

في الشكل كان لافتاً التجهّم الذي بدى على وجه السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة عند الامتناع عن التصويت والقلق الظاهر على وجوه أعضاء مجلس الأمن إضافة إلى التصفيق الذي علا في قاعة مجلس الأمن لحظة التصويت وبعيد تمرير القرار، إذ يعتبر ذلك استثنائياً ونادراً لأن هذا التصفيق لم يحصل سوى في العام 2003 عندما وضعت فرنسا الفيتو على مشروع قرار أميركي يتعلق بغزو العراق.

أما في المضمون فيعتبر هذا القرار خطوة في رحلة الألف ميل بعد تدمير غزة وقتل شعبها حيث واجهت معظم الدول الكبرى في مجلس الأمن حرجاً كبيراً أمام شعوبها وأمام الرأي العام لا سيما الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها جو بايدن الذي يتعرض لانتقادات جمة ومطالبات حثيثة لوقف الحرب في غزة خلال حملته الإنتخابية.

كما أنّ ما حصل منذ أسبوع في الكونغرس الأميركي خلال محاضرة حضرها رؤساء الأجهزة الأمنية والإستخباراتية الأميركية كان له وقع كبير، إذ جرى التنبيه بشكل واضح وصريح من قبل هذه الأجهزة من مخاطر إنعكاس ما يحصل في عزة على الأمن القومي الأميركي لناحية إحتمال حدوث أعمال إرهابية على غرار ما حصل في موسكو لجهة الغضب في العالم الإسلامي.

البيت الأبيض سارع إلى تبرير امتناع أميركا عن التصويت بالقول أنه لا يمثل تحولاً في السياسة الأميركية مما يعني أنّ عدم استخدام حق النقض لا يغير في الموقف الأمريكي.

فهل كان القرار بعدم التصويت لأسباب داخلية بحتة بعد التوجس من أنّ الحرب في غزة سيكون لها تداعيات أمنية خطيرة وقوة مؤثرة في توجه أصوات الناخبين لا سيما العرب والمسلمين منهم بعد أن طالب المرشح الرئاسي دونالد ترامب إسرائيل بوقف الحرب؟

ورداً على هذه التساؤلات أكد كبير الباحثين في معهد جورج واشنطن للعلاقات الدولية الدكتور فراس مقصد لموقع “هنا لبنان” أنّ ما حصل في مجلس الأمن هو انعكاس للحسابات الداخلية في الولايات المتحدة لا سيما إبان الإنتخابات لا سيما أنّ جمهور الحزب الديمقراطي والأميركيين من أصول إسلامية وعربية في ولايات متأرجحة مثل ولاية ميشيغن وأوهايو له تأثير كبير ولا يمكن التغاضي عنه من قبل إدارة حملة الرئيس الأميركي جو بايدن، لذلك وبحسب مقصد فإنّ الحسابات الداخلية لا بدّ أن تنعكس على السياسة الخارجية لا سيما المصالح الأميركية.

ورأى “مقصد” أنّ هناك مزيجاً من المصلحة الداخلية لإدارة بايدن الإنتخابية الضيقة التي تنعكس بهذا الإختلاف بين رؤية إدارة بايدن وإدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سارع إلى إلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن والذي كان سيبحث في العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح وأشار نتنياهو إلى أنّ فشل الولايات المتحدة الأميركية باستخدام الفيتو على مشروع القرار يعتبر تراجعاً صريحاً عن موقفها السابق.

“حماس” سارعت بدورها إلى الإعلان عن ترحيبها بدعوة مجلس الأمن الدولي لوقف فوري لإطلاق النار وضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار إضافة إلى إستعدادها للإنخراط في عملية تبادل الأسرى فوراً وإطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين، ودعت حماس مجلس الأمن للضغط على الاحتلال الإسرائيلي للإلتزام بوقف إطلاق النار ووقف حرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة وتقرير المصير وفق القرارات الدولية والقانون الدولي.

ويبقى إنعكاس وقف إطلاق النار في حال تم تنفيذه على الجبهة اللبنانية والتي تشهد تصعيداً مستمراً فيما تطال الغارات الإسرائيلية العمق اللبناني لا سيما في بعلبك والبقاع الغربي مما يشكل خطراً كبيرا قد يؤدي إلى حرب موسعة. ويرى الدكتور فراس مقصد أنّ احتمالات الحرب الإسرائيلية على لبنان بدأت تتضاءل لا سيما أنّ الإسرائيليين وخلال خمسة أشهر لم يحسموا الوضع الميداني في غزة كاشفاً عن نقص في العتاد والأسلحة لدى الجيش الإسرائيلي فيما الأميركيين لديهم القدرة على منع تدفق السلاح إلى إسرائيل وتأخيره والتي قد تضطر إسرائيل لها في حال قامت بحرب شاملة وطويلة الأمد ضد حزب الله ولبنان. وأعتبر أنّ العملية العسكرية البرية على لبنان غير واردة حالياً او في المدى المنظور وإحتمالاتها باتت بعيدة بعد قرار مجلس الأمن، إلا أنه حذر من إعادة خلط الأوراق أو وجود خطأ في الحسابات التي قد تعيد الأمور إلى الوراء.

وأشارت مصادر ديبلوماسية مطلعة لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ صدور القرار يعتبر تقدماً بعد أشهر من المراوغة وإرضاء للرأي العام الأميركي على أبواب الإنتخابات الرئاسية الأميركية، إلا أنّ الحذر واجب نظراً لتاريخ إسرائيل في التعامل مع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن أو الأمم المتحدة لا سيما أنّ قرار وقف إطلاق النار فوراً جاء خالياً من أي إجراءات عقابية لإسرائيل في حال عدم تنفيذه والمثال على ذلك القرار 1701 والذي لم تنفذه من جانبها بل يطالب لبنان بتنفيذ مندرجاته كاملة.

العين إذاً على ما ستحمله الايام القليلة المقبلة من تطورات مهمة في حال تطبيق قرار مجلس الأمن وقبوله من قبل الجانب الإسرائيلي بعد المساعي الأميركية المستمرة للتهدئة، فهل ستشهد الأيام الـ 15 الأخيرة من شهر رمضان هدنة ووقفاً لإطلاق النار وتبادلاً للأسرى ليلملم أهالي غزة جراحهم ويحتفلوا بعيد الفطر رغم مآسيهم وتنسحب الهدنة على جنوب لبنان؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us