هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟

كانت إيران صاحبة القرار لدى الحزب، وحقيقة المعادلة ليست “شعب وجيش ومقاومة” بل “شعب وجيش وإيران” ، لكن هذه المعادلة لن تستقيم لأن “الشعب والجيش” لم يعودا فيها، والمقاومة أي الحزب لم تعد كما كانت، لتبقى إيران وجهًا لوجه مع إسرائيل
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
من نتائج هذه الحرب المندلعة منذ السابع من تشرين الأول من العام 2023 ، في غزة ، ومنذ الثامن من تشرين الأول من العام نفسه في لبنان، أنها أماطت اللثام عن جملة من الحقائق التي كانت “شبه معروفة تلميحًا” لكنها لم تكن موثقة، فجاءت هذه الحرب لتوثّقها.
في حرب “المساندة والإشغال”، كانت السردية أنّ حزب الله هو الذي اتّخذ قرار الحرب، ولا علاقة للجمهورية الإسلامية في إيران بهذا القرار، وبلغ الأمر بالأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصرالله أن قال لقائد فيلق القدس اسماعيل قاآني، في آذار الفائت، أنّ حزب الله لا يريد أن تنجرّ إيران لحرب مع إسرائيل وأنه سيقاتل بمفرده، فـ “هذه المعركة معركتنا”!
كان السيّد نصرالله يحاول أن يثبت جملة من المقولات، ومنها “وحدة الساحات” و”الشعب والجيش والمقاومة”، لكن لاحقاً وتباعًا بدأت تتهاوى تلك المقولات: سقطت سريعًا “وحدة الساحات”، لأنّ الدول التي راهن عليها حزب الله، ووعد نفسه بأنّها ستلتزم هذه المقولة، لم تلتزم هذا الوعد، حتى أنّ حزب الله نفسه تعرَّض لانتقاد من أحد قادة حركة حماس، بأنّه لم يدخل المعركة بالشكل المطلوب، فكاد هذا الانتقاد النادر أن يتسبّب بإشكالية، في غير أوانها بين الفصيلين الأساسيين في محور الممانعة، لكن أعيد وصل ما انقطع من خلال الاجتماع بين السيد نصرالله والقيادي في حماس صالح العاروري الذي كان منسِّق العمليات بين الحزب وحماس، واغتالته إسرائيل في الضاحية الجنوبية بصاروخ أصاب الشقة التي كان يعقد فيها أحد اجتماعاته.
بسقوط مقولة “وحدة الساحات”، تغيَّرت قواعد اللعبة، صار حزب الله وحيدًا، إن لم نقل معزولًا، لكن بدأ يتبيَّن أنّ مقولة أنه يخوض الحرب بمعزلٍ عن إيران ليست في محلها على الإطلاق. ثبت هذا الأمر عندما بدأت الحرب الشاملة ضد حزب الله، واستهلت بتفجير أجهزة “البيجر” وكانت الفضيحة بأنّ السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني يحمل جهاز “بيج” وانفجر فيه ونقل إلى إيران، وكان السؤال الأبرز: لماذا يحمل سفير إيران جهازًا مخصصًا لمسؤولين وقياديين في حزب الله؟
كرَّت السبحة، بدأت الاغتيالات، وعند كل اغتيال لقيادي أو مسؤول في حزب الله، كان يتبيَّن أن هناك ضابطًا في الحرس الثوري الإيراني معه. حصل ذلك عند اغتيال السيد حسن نصرالله والقيادي ابراهيم عقيل وآخرين، وكان طرح للسؤال الأساسي: لماذا يتواجد ضابط في الحرس الثوري الإيراني في غرفة عمليات الحزب؟ ولماذا هناك ضابط من الحرس الثوري الإيراني مع كل قيادي أو مسؤول؟
وبلغت الأمور أقصى التساؤلات حين روِّجت معلومات أنّ ” شيفرة” الصواريخ الاستراتيجية في لبنان هي مع الإيرانيين وليست مع حزب الله، كما أنّ ضبط إيقاع الميدان، من جانب حزب الله يتم بواسطة “ضباط الإيقاع” الإيرانيين، أي الديبلوماسيين الذين زاروا لبنان تباعًا، من وزير الخارجية الإيراني وغيره.
كل هذه “الغيرة” من جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيال لبنان، كانت تثبت في كل يوم أنّ إيران هي صاحبة القرار لدى حزب الله، وأنّ حقيقة المعادلة ليست “شعب وجيش ومقاومة” بل “شعب وجيش وإيران”، لكن هذه المعادلة لن تستقيم لأنّ “الشعب والجيش” لم يعودا فيها، والمقاومة، أي حزب الله، لم تعد كما كانت، لتبقى إيران وجهًا لوجه مع إسرائيل.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() بعد حرب “الأذرع”… إسرائيل تضرب “الرأس” | ![]() تلازم المسارين: الأموال مقابل السلاح.. لا واحد من دون الآخر | ![]() السلاح الفلسطيني أولاً… هل صدر القرار الدولي بتسليمه؟ |