بعد جوزاف عون… نواف سلام وإنطلاقة قوية للعهد السيادي المنتظر منذ عقود

رجلان مميزان لحقبة جديدة من تاريخ لبنان سيتجهان به إلى تغيير شامل ونقلة نوعية لوجوه الحكم الجديد، الذي ينتظره اللبنانيون التواقون إلى وطن حقيقي، بعيد عن الاصطفافات والولاءات الخارجية وسطوة الدويلة على الدولة بقوة السلاح والهيمنة وغياب أسس الشرعية
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
لا شك في أنّ تاريخيّ 9 و 13 كانون الثاني 2025، سطّرا إنطلاقة قوية للبنان السيادي المنتظر منذ عقود، مع وصول العماد جوزف عون إلى سدّة الرئاسة، والقاضي نواف سلام إلى الرئاسة الثالثة، رجلان مميزان لحقبة جديدة من تاريخ لبنان سيتجهان به إلى تغيير شامل ونقلة نوعية لوجوه الحكم الجديد، المنتظر من اللبنانيين التواقين إلى وطن حقيقي، بعيد عن الاصطفافات والولاءات الخارجية وحكم السفراء، وسطوة الدويلة على الدولة بقوة السلاح والهيمنة، وغياب أسس الشرعية وإلى ما هنالك من “شواذات” لم يعد لبنان واللبنانيون قادرين على التأقلم معها.
هذه المشاهد ترافقت مع انقلاب المقاييس والتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة، بعد عقود من تعطيل الدولة بسبب اقتسام الغنائم بين مسؤوليها، وبعد مسلسل من الحروب العبثية قامت بها الدويلة من دون استئذان الدولة، ففرضت السلاح غير الشرعي والترهيب والتهديد والاغتيالات وإلى ما هنالك.
اليوم ولد لبنان الجديد، فطلّت ملامحه مع وصول الشخص المناسب إلى القصر الرئاسي، والشخص المناسب إلى السراي الحكومي، حاملين في جعبتهما تركة ثقيلة جداً، لكن لا خوف عليهما فهما من قماشة نادرة لطالما إنتظرها اللبنانيون.
مشهدان سياديان خلال أيام
إلى ذلك برز مشهدان سياديان خلال أيام قليلة، شكّلا نقلة نوعية بدءاً بخطاب القسم الرئاسي، الذي بدا حازماً بلهجته ووعوده ببناء لبنان جديد، يضمن السيادة والحرية والاستقلال واحتكار الدولة وحدها للسلاح، في إشارة مباشرة لسلاح “حزب الله”، ووضع حد لسطوة الدويلة، وتقليص أي نفوذ خارجي وإلتزام لبنان بسياسة الحياد الإيجابي، مع تطبيق الإصلاحات وإنهاء حقبة الفاسدين، وتأكيد استقلالية القضاء والحرص على تحقيق النزاهة والاستقامة، وعدم الخضوع لأي جهة سياسية في لبنان، مع وعود لطالما حلم بها كل مواطن لبناني.
أما المشهد الثاني فشكّل انقلاباً ومفاجأة ظهرت بوادرها ليل الأحد – الاثنين، مع دعم نيابي كبير للقاضي نواف سلام لترؤس الحكومة الجديدة، ما شكّل فوزاً ساحقاً للمعارضة على مرشح الثنائي الشيعي الرئيس نجيب ميقاتي، فنال سلام 85 صوتاً فكان ” قدها وزيادة” للتلاقي مع العهد الجديد.
إنطلاقاً من هنا ثمة أسئلة تطرح حول ضرورة تناغم وتقارب رئيس مختلف عمّا سبقه، مع رئيس حكومة أيضاً مختلف عمّا سبقه، أي لم يشاركا في الانقسامات والتناحرات التي لطالما شهدتها العهود الرئاسية والحكومات السابقة.
سلام والسيرة الذاتية المميزة
نواف سلام إبن عائلة سياسية بيروتية عريقة، عمّه الرئيس صائب سلام، يتمتع بشعبية كبيرة في صفوف الشباب والتغييريين، قانوني بإمتياز ومستشار وممثل للعديد من الهيئات الدولية والمحلية، إستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة الأميركية، وعضو في المكتب التنفيذي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان ما بين 1999 و2002، عيّنه مجلس الوزراء اللبناني في العام 2005 عضواً ومقرّراً في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخابات، فأسهم في إعداد مسودة قانون انتخابي جديد.
إنتخب رئيساً لمحكمة العدل الدولية في لاهاي شباط 2024 لثلاث سنوات، ليصبح بذلك ثاني عربي يترأس هذه المحكمة منذ إنشائها في العام 1945، كما شغل منصب سفير وممثّل دائم للبنان لدى الأمم المتحدة ما بين الأعوام 2007 و2017 وممثّله في مجلس الأمن.
تفاؤل كبير في الشارع اللبناني
هذا التغيير خلق تفاؤلاً كبيراً في الشارع اللبناني، الذي ينتظر تشكيلة حكومية بعيدة عن المحاصصة كما اعتدنا في لبنان، أي تشكيلة تعطي الحق لكل كتلة بحسب عددها، كما ينتظر الشارع وفق أحاديث أجراها موقع “هنا لبنان” بياناً وزارياً مغايراً عن البيانات السابقة، أي بعيداً عن الشعارات الواهية والمفروضة على اللبنانيين، على غرار “جيش وشعب ومقاومة”، لأنّ زمنها قد ولّى، واستبدلت بشعار واحد يحمل ثلاثية “جيش وشعب ودولة”، مما يعني أنّ خطاب القسم يجب أن يكون متقارباً مع البيان الوزاري، ليشكّلا قوة واندفاعة مشتركة بين رئيسين إصلاحيين سيشهد لهما التاريخ نظراً للنزاهة التي يتمتعان بها، الأمر الذي ساهم في نيلهما ثقة المجتمعين العربي والدولي، وهذا يعني تقديم المساعدات المالية لإعادة إعمار لبنان، وتقوية دور الجيش اللبناني في حفظ الأمن والقيام بمهمته على كامل الأراضي اللبنانية.
في السياق يتمنى الشارع اللبناني أيضاً تغييراً في الانتخابات النيابية المقبلة، ضمن الرئاسة الثانية وأغلبية الطقم النيابي، بعد طول انتظار وتحديداً منذ العام 1990، كي يشعروا بالانقلاب الإيجابي المترافق مع التبدّل الكبير في المنطقة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() غارة الضاحية رسالة إسرائيلية بالنّار: مهلة نزع السلاح محدودة وإلّا… | ![]() لغة قاسم وصفا لم تعد تنفع… ملف سلاح “الحزب” سيُحلّ خلال عام | ![]() تفاؤل حذر بحلّ ملف السلاح… ماذا في نوايا “الحزب” وحقيقة ليونته؟ |