“مدينة الموانئ” تُقصف بعد استهداف بن غوريون

عرب وعالم 6 أيار, 2025

شنت إسرائيل، مساء أمس الإثنين، سلسلة من الغارات الجوية على أهداف داخل الأراضي اليمنية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، وذلك ردًا على هجوم صاروخي استهدف مطار بن غوريون في تل أبيب يوم الأحد. ووصفت إسرائيل العملية بأنها جزء من ردع جماعة الحوثي المدعومة من إيران، في ما وصفه مراقبون بأنه تحول استراتيجي كبير في إطار المواجهة المفتوحة مع “محور المقاومة”.

أهداف الضربات: موانئ ومصانع ومواقع استراتيجية

بحسب بيان للجيش الإسرائيلي نقلته قناة الجزيرة، استهدفت الغارات الإسرائيلية عدة مواقع في محافظة الحديدة غرب اليمن، من بينها ميناء الحديدة ومصنع لإنتاج الخرسانة في مديرية باجل. وأشار البيان إلى أن هذه المواقع تُستخدم في تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، وبأن جماعة أنصار الله “تُستخدم كأداة إيرانية لزعزعة الاستقرار الإقليمي وتهديد الملاحة الدولية”.

وقد أكدت قناة المسيرة التابعة للحوثيين وقوع ست غارات على ميناء الحديدة، إضافة إلى ضرب مصنع إسمنت في باجل، مما أدى إلى إصابة 21 شخصًا، وفقًا لما نقلته القناة.

فيما كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن مشاركة 30 طائرة مقاتلة إسرائيلية في الضربات، التي أُطلقت خلالها 48 قنبلة على أكثر من 10 أهداف. وأطلقت إسرائيل على العملية اسم “مدينة الموانئ”، بحسب ما أفادت صحيفة يسرائيل هيوم، التي أوضحت أنّ الضربات جرت في 8 موجات متتالية، واستهدفت أيضًا أرصفة تفريغ البضائع ضمن مرافق الميناء.

إشراف سياسي مباشر وتنسيق مع واشنطن

مصادر إسرائيلية، منها “القناة 14” و”جيروزاليم بوست”، أكدت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية يسرائيل كاتس أشرفا على العملية من داخل غرفة قيادة أركان الجيش في وزارة الدفاع في تل أبيب. وفي تسجيل مصور نُشر قبيل الهجوم، قال نتنياهو إنه سيتوجه إلى الوزارة “لغرض هام”، في إشارة إلى مشاركته المباشرة في إدارة العملية.

من جهته، نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤول أميركي رفيع أن إسرائيل أخطرت واشنطن مسبقًا بالهجوم، مشيرًا إلى أن القوات الأميركية لم تشارك بشكل مباشر، لكنها نسّقت العملية مع تل أبيب. وذكر مسؤول إسرائيلي للموقع نفسه أن الهجوم استهدف “أهدافًا حيوية يستخدمها الحوثيون عسكريًا”.

أما صحيفة “BBC” فأوردت أن الضربات تركزت على “بنى تحتية عسكرية واقتصادية” للحوثيين، مؤكدة أن إسرائيل تعتبر ميناء الحديدة مصدرًا ماليًا للجماعة ومركزًا لتهريب الأسلحة الإيرانية.

ردود الفعل اليمنية والحوثية

في المقابل، وصفت جماعة أنصار الله الهجوم بأنه “عدوان أميركي إسرائيلي” يستهدف الشعب اليمني، وهددت بتكرار استهداف المطارات الإسرائيلية، معتبرة أن التصعيد الإسرائيلي لن يمر دون رد.

وكان يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قد أعلن مسؤولية جماعته عن استهداف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي فرط صوتي، مؤكدًا أنه “أصاب هدفه بدقة”، ما أدى إلى اضطراب واسع في حركة الطيران، دفع عدة شركات طيران عالمية مثل لوفتهانزا وطيران أوروبا والخطوط السويسرية لإلغاء رحلاتها إلى تل أبيب، بحسب “القناة 13” الإسرائيلية.

خطوة نحو المواجهة المفتوحة

وقد وصف محللون سياسيون إسرائيليون العملية بأنها بداية تحول في السياسة العسكرية الإسرائيلية تجاه اليمن. وقال يواف شتيرن، الكاتب والباحث السياسي لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن إسرائيل كانت تتجنب ضرب أهداف في اليمن خلال الأشهر الماضية رغم تعرضها لهجمات، لكنها الآن تحركت بعد الحصول على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وسنرى المزيد من العمليات.

وأضاف شتيرن أن “إسرائيل لا تملك معلومات كافية عن الحوثيين، كما أن بُعد المسافة بين إسرائيل واليمن يجعل قدراتها محدودة”، مشيرًا إلى أن الضربات الأخيرة قد لا تكون فعالة في ردع الجماعة.

أما ألون أفيتار، المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، فأكد في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية” أن “إسرائيل وصلت لاستنتاج أن المنشآت المدنية اليمنية، مثل ميناء الحديدة، تُستخدم لأغراض عسكرية، وهو ما يبرر استهدافها”. وأضاف أن البحرية الإيرانية والسفن المرتبطة بالحرس الثوري قد تصبح لاحقًا جزءًا من الأهداف الإسرائيلية.

إيران والموقف الإقليمي: رسائل تجنب التصعيد

في سياق متصل، كشف محمد صالح صدقيان، المحلل السياسي المقرب من دوائر صنع القرار في طهران، لـ”سكاي نيوز عربية” أن إيران لا ترغب في التصعيد، وأرسلت رسالة بهذا المعنى إلى الولايات المتحدة عبر سلطنة عمان.

وأوضح صدقيان أن “طهران ترى أن نتنياهو يسعى لاستخدام هجمات الحوثيين كورقة لإفشال المفاوضات النووية مع واشنطن، والعودة إلى الطروحات العسكرية، وهو ما لا تريده إيران حاليًا”.

النجاحات والانتكاسات العسكرية: تباين في التقدير

الخبير العسكري اليمني جميل المعمري أكد أن معظم الأهداف التي ضربتها إسرائيل مدنية الطابع، وأن الهجمات لم تصب أي قيادي حوثي أو منصة إطلاق صواريخ، وهو ما يُشير إلى فشل استخباراتي.

وقال المعمري لـ”سكاي نيوز عربية” إن “إسرائيل لم تحقق أي إنجاز عسكري حقيقي، وضربت فقط منشآت متضررة أصلًا”، مضيفًا أن هذه الضربات زادت من دعم الشارع اليمني للحوثيين في مواجهة الخارج.

“مدينة الموانئ” وحرب متعددة الجبهات؟

عملية “مدينة الموانئ” تمثل بداية مرحلة جديدة في استراتيجية إسرائيل للتعامل مع “الخطر متعدد الجبهات” الذي بات يضم حزب الله في لبنان، حماس في غزة، والحوثيين في اليمن. ومع امتداد المعركة إلى بعد جغرافي يقترب من 2000 كيلومتر عن إسرائيل، فإن القدرات العسكرية الجوية لتل أبيب يتم اختبارها في بيئة غير معتادة.

فهل ستنجح هذه الاستراتيجية في ردع الحوثيين، أم أنها ستؤدي إلى تصعيد إقليمي أوسع قد يطال إيران نفسها؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us