أقلامٌ انتصرت على الرصاص


خاص 7 أيار, 2025

الأمل لا يُقتل، فثمّة من لا يزال يؤمن بأنّ الصحافة الحرّة هي ركيزة الوطن، وأنّ صون الكلمة هو صون للسيادة والكرامة. فلتكن دماء شهدائنا عهدًا لا يُنسى: بأن تبقى الكلمة حيّةً، جريئةً، عصيّةً على القمع.

كتب جو أندره رحال لـ”هنا لبنان”:

في وطنٍ كلبنان، لم يكن درب الحقيقة مفروشًا بالورود، بل كان معبّدًا بالدم والتضحيات. الصحافي اللبناني لم يكن مجرّد ناقلٍ للخبر، بل كان حاملًا لقضية، ومؤمنًا بأن الكلمة الحرّة أقوى من أي سلاح. لذلك، لم يكن غريبًا أن يدفع عدد من الصحافيين أرواحهم ثمنًا للصدق والجرأة في زمنٍ تآمرت فيه السياسة مع الخوف على إسكات الكلمة.

شهداء الصحافة اللبنانية لم يكونوا ضحايا عابري سبيل، بل مقاتلين في معركة الشفافية والكرامة. سليم اللوزي، الذي اختُطف وعُذِّب حتى الموت، حُرقت أصابعه بالحبر كرسالةٍ سوداء إلى كل من تسوّل له نفسه الكتابة بحرّية. سمير قصير، الذي فجّروا سيارته، كان صوتًا صارخًا في وجه الاحتلال والقمع، آمن بلبنان الحر والديموقراطي، فاستهدفوه لأن قلمه أربكهم أكثر من ألف طلقة. وجبران تويني، صاحب القَسَم الشهير “نقسم بالله العظيم أن نبقى موحّدين”، اغتيل لأنه اختار أن يكتب للبنان فوق الطوائف، لا من داخلها.

إنّها ليست مجرد أسماء، بل روايات محفورة في ذاكرة الوطن، تنبض بالحق والجرأة. هؤلاء لم يموتوا، بل تحوّلوا إلى رموز، إلى ضمائر حيّةٍ تذكّرنا بأن الكلمة إن سقطت، سقط معها الوطن.

والمؤلم أن العدالة غابت. فلا قاتل أُدين، ولا حمايةً شاملةً وُفّرت للصحافيين. ما زال القلم في لبنان يكتب تحت الخوف، ويُهدَّد بالصمت، فيما القانون يقف عاجزًا، والمحاسبة غائبة، وكأن حرّية التعبير ليست حقًا بل امتيازًا هشًّا.

لكنّ الأمل لا يُقتل. فثمّة من لا يزال يؤمن بأنّ الصحافة الحرّة هي ركيزة الوطن، وأنّ صون الكلمة هو صون للسيادة والكرامة. فلتكن دماء شهدائنا عهدًا لا يُنسى: بأن تبقى الكلمة حيّةً، جريئةً، عصيّةً على القمع.

“أقلام انتصرت على الرصاص”… ليس مجرّد عنوان، بل حقيقة تاريخية، ووعدٌ يجب أن نفيَ به، حتى لا يُصبح الصمت هو اللغة الوحيدة في هذا البلد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us