الانتخابات البلدية: معركة العائلات لا الأحزاب…

تحوّلت الانتخابات البلدية هذا العام إلى مشهد مختلف كلّيًا عن العادة. المعركة لم تعد سياسية بالكامل، بل اتّخذت طابعًا عائليًا بامتياز في معظم المناطق، حيث حلّت الاعتبارات الإنمائية والروابط العائلية محل الحسابات الحزبية. فهل تشكّل هذه التحالفات مؤشرًا على تحوّل في المزاج الشعبي؟
يرى الخبير الإعلامي والخبير الانتخابي جان نخّول في حديث خاص لـ”هنا لبنان” أنّ الانتخابات البلدية لهذا العام تختلف جذريًا عن سابقاتها. فهي “معركة ذات طابع عائلي أكثر من كونها سياسية، على عكس ما كان يحصل سابقًا حيث كانت العائلات تتبع الأحزاب، أما اليوم، فالأحزاب هي التي تسعى خلف العائلات”.
ويتابع نخّول: “التحالفات هذه السنة مغايرة تمامًا، وهذا التغيير لن ينعكس بالضرورة على الانتخابات النيابية المقبلة، لأنّ طبيعة الاستحقاقين مختلفة كليًا. إذ لا يمكن إسقاط نتائج البلديات على النيابة. ففي الانتخابات النيابية، الصوت السياسي هو الحاكم، أما في البلدية، فالكلمة لمن يعرف كيف يطوّر قريته، ويملك نفوذًا عائليًا واجتماعيًا”.
ويشدّد نخّول على أنّ “الأحزاب عادة ما تعتبر رئاسة البلديات والمخاتير مفاتيح انتخابية أساسية، لكن ذلك لا يعني أنّ لوائح هذا العام ستحسم سلفًا موازين القوى في الاستحقاق النيابي المقبل”.
الشمال ينتخب الأحد… وطرابلس في قلب المعركة
في القرى والبلدات، يتقدّم المشهد العائلي اليوم، حيث تُبنى التحالفات على أساس من يعرف الأرض أكثر، ومن لديه قدرة على جذب المشاريع الإنمائية للمنطقة، أكثر من منطلق سياسي أو حزبي، وإن كانت الأحزاب لا تزال تدعم بعض اللوائح لتثبيت حضورها.
في الشمال، ترتفع الحماوة في طرابلس، ثاني أكبر مدينة في لبنان. ويوضح نخّول: “طرابلس تشهد منافسة حادّة بين النوّاب الفاعلين، والفاعليات الاقتصادية والاجتماعية، وهي مدينة محرومة وفيها توازنات دقيقة. كما وأنّها نموذج مصغّر عن انتخابات بيروت في الأسبوع المقبل.”
أما في عكّار، فقد حُسمت المعركة عبر التزكية في عددٍ من البلدات الكبرى، كما حصل في بلدة القبيات مثلاً.
أمّا زغرتا والبترون فستشهدان معركة محورية على رئاسة الاتحاد البلدي، بين التيار الوطني الحرّ وحزب المردة من جهة، وبين القوات اللبنانية وحلفائها من جهة أخرى”.
فكّ ارتباط بين البلدي والنيابي
ورغم كل هذا الزخم، يُصرّ نخّول على أنّ “الانتخابات البلدية لا يجب أن تُقرأ كاستفتاء نيابي أو كمقدمة لمعركة 2026”.
إنها معركة الهوية المحلية، حيث تبنى التحالفات على الأرض لا بحسب الخط السياسي ويلعب التاريخ الشخصي دوره، والخدمة العامة، والانتماء إلى الأرض، الدور الأبرز، فيما تغيب الخطابات الكبرى، وتتحوّل صناديق الاقتراع إلى مقياس للثقة الفردية لا الولاء السياسي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط تبدأ من المملكة العربية السعودية | ![]() كرامي عرضت مع سلام مطالب المعلمين | ![]() غارات إسرائيلية وهمية فوق جنوب لبنان وإقليم الخروب |