بلدية طرابلس.. نموذج صارخ لسوء إدارة العملية الانتخابية!


خاص 14 أيار, 2025

ها هي طرابلس تدفع الثمن مجدّدًا، من لوائح غير منسجمة على الرغم من كفاءة المرشحين، إلى عملية إدارية فاشلة تسبّبت في تحوّل “عملية الفرز إلى نكتة” عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل.

كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:

أقفلت صناديق الاقتراع يوم الأحد عند السابعة مساء، وانتهت المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية في محافظتي لبنان الشمالي وعكار، وكان من المفترض أن تبدأ النتائج الأولية بالصدور بعد ساعات قليلة في معظم الأقضية معلنة فوز بلديات ومخاتير.

غير أنّ المشهد في بلدية طرابلس كان غريباً، أو لنقل “هجيناً”، فالنتائج لم تصدر ليل الأحد كما جرت العادة، ولا حتى صباح الإثنين ما دفع المواطنين إلى الاعتصام.

المشهد المتوتر الذي طغى على المدينة التي تتنافس فيها ثلاث لوائح: نسيج طرابلس، رؤية طرابلس وحراس المدينة، دفع بوزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار إلى زيارتها ليلاً مطلعاً على ما يحصل وواعداً بالنزاهة، غير أنّه ورغم مضيّ أكثر من 36 ساعة على زيارة الحجار، فإنّ النتائج ما زالت مجهولة المصير، وعملية الفرز عود على بدء، ولا أحد يدري ماذا يجري في أروقة قصر العدل!

والساخر في هذه “المعمعة” أنّ النتائج الرسمية لمعظم الأقضية كانت قد صدرت يوم أمس والإثنين، أما طرابلس ففي موقع آخر، نتائج تتبدل، رابح يتحوّل لخاسر، ومحافظ ذو ميول سياسية صارخة، دفعته لتخطّي القانون وتشويه الديمقراطية!

ولكن ومن باب الموضوعية، فالخطأ لا يقع فقط على عاتق محافظ “كيدي”، بل في الأصل هو سوء في إدارة العملية، وهذا ما أكّد عليه أبناء المدينة ممن واكبوا العملية الانتخابية وحالة الهرج والمرج التي شهدتها المنطقة إثر تأخر النتائج.

في هذا السياق، وفي متابعة لآخر تطورات عملية الفرز، علم “هنا لبنان”، أنّ النتائج النهائية من المتوقع أن تصدر بين الساعة الرابعة والخامسة من عصر اليوم.

أما في ما يتعلق بالمشهد “المعيب”، وهذا أقلّ ما يوصف به، فيقول الكاتب والصحافي الطرابلسي بديع قرحاني لـ”هنا لبنان”، إنّ ما شهدناه هو نتيجة خطأ إداري فاضح، موضحاً أنّ “رؤساء الأقلام لا يملكون الخبرة اللازمة وقد وقعوا بأكثر من خطأ في عملية الجمع بعد الفرز، ما أدّى إلى تكرار العملية في أكثر من قلم”.

أما عن موضوع القضاة، فأشار قرحاني إلى أنّ “القضاة عددهم قليل ولم يتم توفير أسباب الراحة لهم، وتمّت الاستعانة بقضاة آخرين في عملية المراقبة”.

ومع أنّ قرحاني لم يحمل المحافظ رمزي نهرا المسؤولية المباشرة، غير أنّه لم ينفِ دوره في هذا التخبط، مشيراً إلى أنّ اللوائح المتنافسة اتهمت المحافظ بعدم منحها التصاريح اللازمة في موضوع المندوبين، وهذا الاتهام لم يتم إنكاره من قبله!

في المقابل، شدّد قرحاني على أنّ الأساس في عملية التأخير، هو التقصير الإداري، وتكليف أشخاص عديمي الخبرة في الإشراف على العملية وفي الفرز والجمع ما أدّى إلى إعادة الفرز من جديد، الأمر الذي سبب هذا التأخير.

وعن سبب التأخير بعد زيارة وزير الداخلية وتعهده بصدور النتائج خلال ساعات، وهذا ما لم يحصل، يوضح قرحاني بأنّ “ما يحصل هو إعادة الفرز في الأقلام التي تمّ الشكيك بها من قبل “حراس المدينة” أو “نسيج طرابلس”، وهذه الأجواء دفعت إلى اتخاذ قرار بإعادة فرز النتائج بأكملها، لذا حصل هذا التأخير”، مضيفاً: “لو كان الفرز صحيحاً منذ البداية لكانت صدرت النتائج ليل الأحد أو صباح الإثنين، وهذا التقصير وقلة الإهمال يجب التنبه لعدم تكراره في انتخابات بيروت والبقاع والجنوب”.

انتخابات طرابلس التي لم تنتهِ بعد من حيث الفرز، تطرح سؤالاً حول سبب التقصير في المدينة حصراً، ولماذا كانت العملية الانتخابية في جبل لبنان أكثر تنظيماً؟

في هذا الصدد يعلّق قرحاني قائلاً: “اللوائح في جبل لبنان كما الماكينات الانتخابية كانت منظمة أكثر والسبب وجود أحزاب، أما في طرابلس فهناك أفراد بعدد أكبر بالإضافة إلى التقصير في موضوع المندوبين”، مردفاً: “أما في موضوع الدولة، فمن الواضح أنّ هناك مشكلة إدارية ظهرت في طرابلس، حيث لم تتم عملية المواكبة كما يجب لا مع رؤساء الأقلام ولا القضاة بالإضافة إلى عامل قلة الخبرة وهذا ما أجمع عليه الجميع”.

غير أنّه ورغم كل هذا التخبط، يجزم قرحاني أنّ المسألة إدارية فقط ولا تزوير، مشيراً إلى أنّ “اللوائح الثلاث ورغم التناقض بينها، غير أنّها لم تتحدث عن أي تزوير”، مشيراً عند سؤاله عن المعلومات الأولية عن النتائج المرتقبة إلى أنّ “المنافسة البلدية هي بين لائحتي “نسيج طرابلس” و “رؤية طرابلس”، أما لائحة “حراس المدينة” فقد حصلت حتى الآن على عضو واحد فقط”.

إذاً، ها هي طرابلس تدفع الثمن مجدداً، من لوائح غير منسجمة رغم كفاءة المرشحين، إلى عملية إدارية فاشلة تسببت في تحوّل عملية الفرز إلى نكتة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us