لبنان في العام 2021 وما بعده: 5 معضلات ستعمّق الانهيارات
المصدر: مرصد الأزمة في الجامعة الأميركيّة
يعيش لبنان منذ أكثر من سنة تداعيات انهيار النظام السياسي-الاقتصادي الذي رُسِّي منذ نهاية الحرب، وتكشّف بداية بإفلاس القطاع المالي وانهيار سعر الصرف، وما تبعهما من انهيارات مُتتالية تُهدد المجتمع ببقائه
لم تأتِ هذه الأزمة وليدة صدفة، بل نتاج سياسات اتُبعت على مدار عقود، وراكمت حجماً هائلاً من الخسائر المالية، والأهمّ خسائر بشرية يُعبّر عنها بهجرة بنحو 850 ألف شابٍ وشابّة منذ نهاية الحرب. وترافق ذلك مع اهتراء الدولة وتفكّكها بما حال دون قيامها بوظائفها المُفترضة .
وتتسارع حالياً تداعيات الأزمة مع استنزاف ما تبقى من موارد مالية مُتاحة يمكن استخدامها في عملية النهوض، فضلاً عن ترجيح تفاقمها بعد رفع الدعم عن السلع الأساسية، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، فضلاً عن تدحرج المجتمع، ولا سيّما ذوي الدخل بالليرة اللبنانية، إلى مستويات أعمق من الفقر.
ومن ضمن التداعيات الكبيرة المتوقّعة، تبرز خمس قضايا يجب ترقّبها ومقاربتها.
أولا، يتوقع أن يؤدّي التدهور الاقتصادي مصحوباً بالتضخّم إلى إغلاق المزيد من المؤسّسات، وهو ما يعني فقدان العديد من فرص العمل، القليلة بالأساس، وارتفاع معدّل البطالة و الفقر.
ثانيا ، تُعدُّ الهجرة سمة بارزة في الاقتصاد اللبناني إذ ساهمت باستنزاف القوى العاملة على مرّ عقود، وهو ما يتوقّع استمراره نتيجة الأزمة الراهنة، إلّا أن بعض القطاعات مُهدّدة أكثر من غيرها بتفريغها من قواها العاملة، ولا سيّما القطاع الطبّي.
ثالثا ، بعد عقود من حصر تقديم التعليم الجيّد بالمدارس والجامعات الخاصّة، وبالتالي إمكانية الحصول عليه بمن يملك ثمنه أو لديه القدرة على الاستدانة، في مقابل إهمال التعليم الرسمي وإفراغه من أي أهداف اقتصادية أو سياسية، تأتي الأزمة الراهنة لتهدم هذا النظام أيضاً.
رابعا، خلال فترة الكساد الكبير في العام 1929 في الولايات المّتحدة كان الناس يرمون أنفسهم من النوافذ انتحاراً نتيجة تنامي معدّلي الفقر والبطالة، فيما نشط عمل المافيات والجريمة المنظّمة والسرقات. هذه السيناريوهات تكاد تكون واحدة في معظم المجتمعات التي تشهد أزمات اقتصادية.
خامسا، خلال الأزمات العميقة، تبرز غالباً النزعات القومية والانعزالية، وأخطرها تلك التي تعبّر عنها التنظيمات السياسية اليمينية والشعبوية نظراً لقدرتها على حرف الخطاب العام عن أسباب المشكلة نحو النتائج التي أوصلت إليها، بما يؤدّي إلى تكرار الوقوع في المشكلة نفسها.