علي الأمين لـ”هنا لبنان”: ما جرى في الجنوب هو تزكية مفروضة… وسلطة “الثنائي” لا تزال تحكم بالسلاح والمال

خاص 26 أيار, 2025

لم تكن انتخابات الجنوب التي جرت في 18 أيار الجاري في الجنوب سوى مشهدٍ مكرّرٍ من مشاهد القمع السياسي المُغطّى بقشرةٍ انتخابيةٍ تحت حجّة “التوافق”. فكيف يمكن الحديث عن انتخابات حرّة ونزيهة في بيئةٍ يُحكم فيها المواطن بالخوف، وتُفرض عليه “تزكيات”” أقرب إلى إملاءات أمنية؟ ما جرى كان استعراضًا للقوة من قبل الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، لاختزال الجنوب في مشروعٍ واحدٍ ورأيٍ واحدٍ ومصيرٍ واحدٍ، عبر تغييب تام لصوت التنوّع والمعارضة.
الجنوب، بكل ما يحمل من رمزيةٍ وطنيةٍ ونضاليةٍ، بات مُخْتَطَفًا لمصلحة حزبٍ يحتكر القرار ويمنع التغيير، وكلّ من يخرج عن الصف يُكافَأ بالتهميش أو التخوين أو التهديد المباشر.

في حديث خاص لـ”هنا لبنان”، اعتبر الصحافي علي الأمين أن “نتائج الانتخابات البلدية في الجنوب لم تكن مفاجئةً”، موضحًا أنّ “هذه النتائج، وإن لم تكن مرضيةً، كانت متوقعةً بفعل مجموعة من العوامل البنيوية والسياسية التي حكمت مسار العملية الانتخابية”.

ويشرح الأمين هذه العوامل كما يلي:

1 – المال السياسي والهيمنة الإدارية:
“أحد الطرفَيْن الأساسيَيْن، أي حزب الله، أنفق خلال الأشهر الأربعة أو الخمسة الماضية ما يقارب المليار دولار تحت عنوان التعويضات، إضافةً إلى أنّه يدفع ما لا يقل عن 70 إلى 80 ألف راتب شهريًا لمناصرين ولعوائل الشهداء”، قال الأمين. أمّا الطرف الآخر، أي حركة أمل، فهو “يمسك بمفاصل الإدارة اللبنانية ويوفّر الخدمات للناس، إلى جانب حزب الله الذي يمسك إداراتٍ عديدةً أيضًا، وبالتالي يصبح الدخول إلى حياة المواطن الجنوبي يتمّ من خلال هذه القنوات”.

2 – فرض التزكية بالتخويف والضغوط:
وأضاف الأمين: “شهدنا فرض التزكية في معظم قرى الجنوب بوسائل ضغط متعدّدة على المرشحين للانسحاب، وصل بعضها إلى حدود التهديد”. وأشار إلى أن هذه “التزكية التي سُوّقت على أنّها تفاهم وتوافق، ليست حقيقيةً، بل هي نتيجة إسكات محازبي حركة أمل وحزب الله عن خوض الانتخابات البلدية، لأنّهم لا يريدون كشف مستوى التغيّر في مزاج الناس، ولا يريدون إجراء انتخابات حقيقية قد تُظهر خيارات الناس بوضوح”.
وتابع: “تمّ التعامل مع الجنوبيين وبلداتهم بعقليةٍ مفادها بأنكم غير مخوّلين بالاختيار أو بالمحاسبة، نحن نفكر بدلًا عنكم. وهذا إهانة حقيقية للناخب”.

3 – غياب الدولة وشعور الناس بالخذلان:
ويؤكد الأمين أنّ “الناخب الجنوبي يشعر بغياب هيبة الدولة وسلطتها، خصوصًا بعد امتناعها عن محاسبة عناصر من حزب الله اعتدوا على قوات اليونيفيل، وعدم توقيف أو ملاحقة أي من المعتدين، بل وصل الأمر إلى حدّ وصف رئيس الحكومة بالصهيوني من قبل مناصري في الحزب، من دون أي ملاحقة”.
وأشار أيضًا إلى الاعتداء الجسدي العنيف الذي تعرّض له أحد المرشحين المعارضين في صور، والذي تمّ في ظلّ غياب كامل للدولة عن المشهد، قائلًا: “الناس ترى أنّ من يحكم فعليًا الجنوب إلى اليوم هما حزب الله وحركة أمل. وهما يحكمان بالقوة والسلاح والفرض”.

4 – تعاطف ظرفي بسبب الحرب:
كما أشار إلى أن “نتائج الحرب الأخيرة وما خلّفته من خسائر بشرية ومادية، خلقت نوعًا من التعاطف مع حزب الله، ولكنّ هذا التعاطف لا يجب أن يُترجم فرضًا سياسيًا دائمًا”.

5 – تقصير المعارضة:
على الرغم من هذه الظروف الصعبة، لا يُعفي الأمين القوى المعارضة من مسؤوليتها، قائلًا: “هناك تقصير واضح من المجموعات المستقلة والمعارضة في الجنوب، إذ لم يتحضّروا بشكلٍ كافٍ، لا من حيث تنظيم التحالفات ولا من حيث الحملات الانتخابية، ولم يكونوا على المستوى المطلوب لمواجهة هذه المنظومة”.
وأضاف: “كان بإمكان هذه الجهات أن تلعب دورًا حاسمًا لو اشتغلت بجدّية، وأن تفضح الممارسات الضاغطة وأن تتوجّه إلى الأجهزة الأمنية والقضاء، لكنّها لم تفعل، وبالتالي تتحمل قسطًا من المسؤولية”.

ما جرى في الجنوب ليس انتخاباتٍ، بل تثبيت لواقع مفروض بقوّة السلاح والمال والتحكّم الإداري. والتزكية لم تكن سوى شكلٍ من أشكال الإجبار المقنّع.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us