هل ستطغى السخونة أو البرودة على رسائل عراقجي حول تسليم السلاح؟!

طهران تترقّب مفاوضاتها مع واشنطن وانتظار ما ستحمله في طيّاتها، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على محادثات عراقجي في لبنان في ما يتعلّق بملف تسليم سلاح “الحزب” ولو عبر مراحل او بطرقٍ خفيةٍ غير معلنةٍ حاليًا، لكن في الخفاء والقرار الايراني قد اتّخذ.
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
حين كان يزور المسؤولون الايرانيون لبنان في السابق، كانت تطغى الرسائل الساخنة والتهديدات المباشرة وغير المباشرة في اتجاهاتٍ عدّة، منها المحور الأميركي – الإسرائيلي، فكانت الغلبة للتهديدات المبطنّة بهدف القول: “نحن هنا ونحن مَن يسيطر على لبنان عبر حزب الله، الذي نلقّنه الأوامر مع تنفيذها، من دون اي اعتراض بل “على العمياني”، وعلى الرَّغم من ذلك فهو يتبجّح بولائه الى ولاية الفقيه وكل تبعاتها بكل فخر واعتزاز.
من هنا يبدو التدخل الايراني في شؤون لبنان فاضحًا، مع محاولة تكريس الوصاية من قبل المسؤولين الايرانيين وتخطّيهم الاحمر، وأبرز تلك الفضائح التي ظهرت في العلن قبل اشهر وتحديدًا في شهر تشرين الاول الماضي، حديث رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، بالتزامن مع الحرب الشرسة بين اسرائيل وحزب الله، إذ صرّح بأنّ طهران مستعدة للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق قرار مجلس الامن الدولي 1701، في موقفٍ تخطّى حدود اللياقة واحترام السيادة، وكأنّ لا وجود للبنان وحينها كان لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي دور مشرّف، طلب ضمنه من وزير الخارجية والمغتربين استدعاء القائم بأعمال السفارة الايرانية في لبنان، واستيضاحه حول موضوع التفاوض لتطبيق القرار 1701 الذي تتولّاه الدولة اللبنانية وحدَها، لا السعي لفرض وصاياتٍ جديدةٍ مرفوضةٍ بكل الاعتبارات الوطنية والسيادية.
عندها سارع البرلمان الإيراني إلى ضبط الوضع ففهم الرسالة اللبنانية، فكانت حجّته أنّ بعض وسائل الإعلام لم تفهم تصريح قاليباف، لأنّ إيران تدعم كل ما يقرّره الشعب اللبناني وحكومته.
هذا التراجع في المواقف الصلبة رافقه تراجع الدور الإيراني في المنطقة وسقوط أذرعها العسكرية، ممّا يعني انّ الدبلوماسية ستكون عنوان المرحلة من الآن فصاعدًا وفق آخر المعطيات، الامر الذي جعل معظم السياسيين اللبنانيين يتطلّعون إلى دورٍ إيرانيّ جديدٍ في المنطقة ولبنان، بعد التهديدات المُتسارعة من الجانبيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص سلاح حزب الله، بالتزامن مع المباحثات الاميركية – الايرانية التي تتّجه الى تسويةٍ واتفاقٍ مع الولايات المتحدة حول الملف النووي، خصوصًا بعد المواقف التي أدلى بها عراقجي من مِصر التي زارها أمس الاثنين، وصرّح بأنّه يمكننا التوصّل الى حلولٍ سياسيةٍ أفضل من خلال الدبلوماسية.
إلى ذلك، يصل عراقجي إلى بيروت، صباح اليوم الثلاثاء، وفي الجعبة لقاءات عدّة مع المسؤولين الرسميين، ستتناول مطالب لبنان وهواجسه بهدف استعادة قراره الحرّ وسيادته، وضرورة ضبط العلاقات اللبنانية – الإيرانية، رفضًا لاستخدام لبنان ضمن أجنداتٍ مفيدةٍ لإيران، أو ورقةٍ سياسيةٍ تستعين بها لمصالح خاصةٍ وحساباتٍ شخصيةٍ، أو لهدف فتح الحرب ساعة تشاء مع إسرائيل عبر لبنان، ممّا يعني أنّ العناوين المرتقبة تتّجه نحو الايجابية، لأنّ طهران تترقّب مفاوضاتها مع واشنطن وانتظار ما ستحمله في طيّاتها، الامر الذي سينعكس إيجابًا على محادثاته في لبنان في ما يتعلق بملف تسليم سلاح حزب الله ولو عبر مراحل او بطرقٍ خفيةٍ غير معلنةٍ حاليًا، لكن في الخفاء والقرار الايراني قد اتّخذ.
لذا سيلجأ وزير الخارجية الايرانية إلى الدبلوماسية ليردّ على الاسئلة اللبنانية الصعبة، وِفق وزير سيادي أشار لـ” هنا لبنان” إلى أنّ مصالح إيران تتطلّب اليوم لعب الدور الدبلوماسي، مع دعمٍ معنويّ للحزب وبيئته ومناصريه لرفع معنوياتهم ليس أكثر، مع تكرار مواقف المسؤولين الايرانيين الذين زاروا لبنان وردّدوا أنّهم لا يتعاطون في شؤونه، فيما هم يتعاطون بقوةٍ في كلّ شؤونه “وعلى عينك يا تاجر”، لكنّ المرتقب سيتغيّر بالتأكيد.
باختصارٍ، لدى ايران النيّة والرغبة لأن تكون جزءًا سياسيًا من المنطقة، مع تحركات دبلوماسية واسعة بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لعقد اتفاقٍ نوويّ جديدٍ مع الطرف الإيراني، أي أنّ المصالح الخاصّة ستلعب دورها بقوةٍ من الآن فصاعدًا.