مخيمات بيروت تعرقل تنفيذ الاتفاق… وسلاح الفلسطينيين باقٍ موقتًا

على الرغم من التفاهمات الرسمية واللقاءات رفيعة المستوى، لا يزال ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات عالقًا في دائرة الانتظار، مع مؤشرات واضحة إلى تأجيل تنفيذ الاتفاق اللبناني – الفلسطيني بشأن سحبه. وبين تعقيدات الواقع الميداني وحسابات الأطراف المعنية، برزت مؤخرًا زيارة رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني السفير رامز دمشقية إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون، في محاولة لدفع عجلة التنفيذ قدمًا. هذه الزيارة حملت في طيّاتها خلاصة الاتصالات الجارية مع الجانب الفلسطيني للبحث في آلية تطبيق ما تمّ الاتفاق عليه خلال القمة التي جمعت الرئيسين عون وعباس، في ما يخص حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، بما يشمل المخيمات الفلسطينية المنتشرة على الأراضي اللبنانية.
وفي موازاة أزماتها الاقتصادية والاجتماعية، تواجه الحكومة اللبنانية تحديًا حساسًا ومعقدًا يتمثل في مسألة نزع سلاح المخيمات الفلسطينية، وهي خطوة تصطدم بجملة من العوامل السياسية والأمنية المتشابكة.
فقد بات من المؤكد، بحسب مصادر مطلعة لـ”الديار”، أنه من المستبعد تسليم سلاح المخيمات لعدم وجود جهة واحدة معينة تسيطر على المخيمات. فهناك فصائل مختلفة تتراوح بين الاسلام المتشدد والارهابي وبين حركة فتح. وهذه الاطراف غير متوافقة فيما بينها، وما اعلنه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حول نزع السلاح هو كلام بكلام ويشبه تصريحات معظم رؤساء العرب الذين يأخذون مواقف عشوائية.
وعليه، لن يسلم الفلسطيني في لبنان سلاحه لاي طرف لبناني او غيره، لانه بطريقة مباشرة او غير مباشرة هذا السلاح مرتبط بسلاح حزب الله. امّا الخطوات التي قد تنفذ على ارض الواقع، فسترتكز إلى ضبط السلاح الفلسطيني لا اكثر.
وبينما تستعد الحكومة لاتخاذ خطوات ميدانية انطلاقًا من 3 مخيمات في بيروت – تُوصف بأنها شبه خالية من السلاح الثقيل – تُشير مصادر فلسطينية من داخل مخيم عين الحلوة إلى أن الوضع هناك أكثر تعقيدًا بكثير، ويرتبط في العمق بالتطورات الفلسطينية العامة في هذه المرحلة المفصلية.
ردود الفعل داخل المخيمات
وقالت مصادر “اللواء” إن ممانعةً ظهرت في بعض مخيمات بيروت حيث قيل إن قرار سحب السلاح ينطلق منها، وهذا الامر قد يدفع الى إعادة النظر بأولوية المكان الذي يصار منه تطبيق هذا القرار، اي المخيمات التي سيبدأ تنفيذه منها.
وتُضيف المصادر أن نزع السلاح في عين الحلوة لن يكون مسارًا سهلًا، بل يتطلب جهدًا كبيرًا، ووقتًا طويلًا، وربّما إجراءات عسكرية في بعض الحالات، ما يجعله ملفًا شديد الخطورة على المستويين اللبناني والفلسطيني.
وعلمت صحيفة “نداء الوطن” أن هناك بعض التباينات بين الفصائل الفلسطينية بشأن تسليم السلاح، لذلك تكثّفت الاتصالات واللقاءات أمس على خط السلطة الفلسطينية و”فتح” لمعالجتها.
جعجع يحذّر
وحذّر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، من تعطيل هذا الاتفاق، إذ أعلن “أن جماعة محور الممانعة يضغطون على المسؤولين اللبنانيين من أجل تمييع وتأجيل جمع السلاح الفلسطيني، والذي كان مقررًا البدء بجمعه اعتبارًا من منتصف حزيران الحالي. وتتولّى جماعة الممانعة تحريض بعض الفصائل الفلسطينية الثانوية لرفع الصوت رفضًا لتسليم السلاح تحت ألف حجة وحجة”.
وقال “إن الحكومة اللبنانية مدعوّة للسير قدمًا بجمع السلاح الفلسطيني من مخيمات بيروت بدءًا من منتصف الشهر الحالي بشكل جدي وعلني وحاسم، واستتباع هذه الخطوة بجمع سلاح المخيمات في الشمال والبقاع، وبعدها في الجنوب، وبالتوازي، وضع خطة زمنية لجمع كل سلاح لبناني غير شرعي، على مدى الأشهر القليلة المقبلة”.
وأشار الى أن “كل تأخير أو تمييع أو تباطؤ في هذا المجال سيُظهر الحكومة بمظهر غير جدي، وسيضرب انطلاقة العهد، وسيعيد لبنان إلى ما كان عليه، لا سمح الله، في السنوات العشرين الأخيرة. إن التأخُّر في قيام دولة فعلية في لبنان يعني إبقاء لبنان معزولًا، خصوصًا عن أصدقائه العرب، ويعني ترك لبنان لمصيره، ويعني عدم الحصول على أي مساعدات إن لإعادة الإعمار أو لإعادة استنهاض الاقتصاد اللبناني”.
أما كتلة اللقاء الديمقراطي، فدعت “إلى اعتماد المقاربة الهادئة والواقعية لمسألة حصر السلاح بيد الدولة والتأكيد أن هذا المبدأ لا مساومة عليه اطلاقًا”.
12 مخيمًا
ويعود تاريخ دخول السلاح إلى المخيمات إلى اتفاق القاهرة عام 1969 بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية، والذي سمح للفلسطينيين بإقامة قواعد عسكرية في الجنوب اللبناني، والعمل السياسي داخل المخيمات، ما أعطى شرعيةً للعمل الفلسطيني داخل البلاد، وامتلاك السلاح في المخيمات، قبل أن يلغي لبنان الاتفاق بشكل رسمي عام 1987.
ويتوزّع أكثر من 235 ألف لاجئ فلسطيني (مسجّلين) في لبنان بين 12 مخيمًا في محافظات عدة، بالإضافة إلى 57 نقطة تجمّع.
فيما يتوزّع السلاح بشكل متفاوت بين المخيمات، باستثناء مخيم نهر البارد شمالًا الخالي كليًا من السلاح، وهو تحت إمرة الجيش اللبناني منذ العام 2007، وذلك بعد معارك عنيفة استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر دارت رحاها في شوارعه بين الجيش اللبناني وتنظيم “فتح الإسلام” الذي كان شنّ هجمات ضد الدولة والجيش قتل فيها العشرات.
مواضيع ذات صلة :
![]() الخط الأحمر يتكرر | ![]() لبنان والسلاح: جمهورية مع وقف التنفيذ! | ![]() نزع السلاح الفلسطيني خطوة أولى على طريق السيادة الكاملة للدولة |