بين التهديد العسكري والتفاوض الدبلوماسي.. جولة حاسمة للمحادثات النووية الأميركية – الإيرانية في مسقط

تحتضن العاصمة العمانية مسقط، الأحد المقبل، الجولة السادسة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، في محاولة جديدة لاستعادة مسار الحوار بين الطرفين وسط توترات متصاعدة ومخاوف إقليمية ودولية من تفاقم الأزمة. تأتي هذه الجولة في وقت تتزايد فيه التحديات، وسط تضارب الأنباء والتصريحات المتضاربة بشأن فرص نجاحها، وسط مخاوف من تصعيد عسكري قد يشعل المنطقة. وتأتي مسقط مرة أخرى في مركز المشهد كمنصة للحوار بين خصمين يحاولان تفادي سيناريوهات تصعيد قد تكون عواقبها وخيمة على الأمن والسلم العالميين.
وأعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، اليوم الخميس، أن سلطنة عُمان ستستضيف الجولة السادسة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك يوم الأحد المقبل، 15 حزيران، في العاصمة مسقط.
وقال البوسعيدي في منشور على منصة “إكس”: “يسعدني أن أؤكد أن الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية الأميركية ستعقد في مسقط يوم الأحد الموافق 15 حزيران الجاري”. ويأتي هذا الإعلان ليضع حدًا لحالة الغموض التي أحاطت بمصير هذه الجولة خلال الأيام الماضية، وسط تضارب التقارير والتقديرات الإقليمية والدولية.
تضارب التقديرات الأميركية والإسرائيلية
وكانت تقارير سابقة قد شككت في إمكانية عقد الجولة، إذ نقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن مسؤول في الإدارة الأميركية قوله إن “فرص عقد الجولة تتضاءل بشكل متزايد”. كما ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن المحادثات “لن تُعقد على الأرجح”، في وقت كانت فيه مؤسسات إعلامية أميركية أخرى مثل “سي إن إن” و”سي بي إس” قد أكدت أن اللقاء سيجري في موعده المقرر في مسقط.
وفي تطور لافت، أشار مراسل “أكسيوس” إلى أنّ المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، سيلتقي فعلاً بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في العاصمة العمانية، لمناقشة الرد الإيراني على المقترح الأميركي الأخير بشأن البرنامج النووي الإيراني.
الملف النووي يعود إلى الواجهة
تأتي هذه الجولة في توقيت دقيق، إذ من المتوقع أن تصوّت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قريبًا على مشروع قرار ينتقد إيران بسبب عدم تقديمها إجابات وافية وعدم التزامها بتعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي انسحبت منه واشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك بوست”، قال ترامب إنه “أصبح أقل ثقة بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران حول الملف النووي”. وأعاد التأكيد على أنّ بلاده “لن تسمح لإيران بتطوير سلاح نووي.”
إسرائيل تلوّح بالخيار العسكري
بالتوازي مع الاستعدادات لعقد الجولة السادسة من المحادثات، تصاعدت حدة التوترات الإقليمية مع ورود تقارير من شبكة “سي بي إس” الأميركية تفيد بأنّ إسرائيل “على أهبة الاستعداد” لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران، في حال فشلت المساعي الدبلوماسية.
وامتنعت كل من السلطات الإسرائيلية والمتحدثين باسم البيت الأبيض عن التعليق على هذه المعلومات، ما يعكس حالة من الترقب الحذر بشأن الخطوات المقبلة في هذا الملف شديد الحساسية.
إجلاء أميركي وتحذيرات أمنية
في مؤشر على حجم القلق الأميركي من تداعيات التصعيد، أكد الرئيس دونالد ترامب أنّ الإدارة قررت تقليص عدد موظفي سفارتها في بغداد، مشيرًا إلى أنّ “الشرق الأوسط مكان خطير”، في ظل التهديدات الإيرانية باستهداف القواعد الأميركية في المنطقة.
ودعا ترامب الأميركيين إلى مغادرة الشرق الأوسط في هذه المرحلة، مشددًا على أنّ بلاده “لن تتهاون في مواجهة أي تهديد إيراني للأمن الإقليمي أو العالمي”.
عُمان تواصل دورها الوسيط
ويُعَدّ انعقاد الجولة السادسة في مسقط تأكيدًا جديدًا على الدور المحوري الذي تلعبه سلطنة عُمان كوسيط موثوق بين طهران وواشنطن، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف.
ومع استمرار التصعيد السياسي والعسكري في المنطقة، ينظر المراقبون إلى محادثات الأحد كفرصة أخيرة لتقليص فجوة الخلافات، وإنقاذ مسار التفاوض النووي من الانهيار الكامل.