“لبنان المتفرّج”… للمرّة الأولى

لن يكون لبنان، بالتأكيد، بمنأى تماماً عمّا يحدث في المنطقة. ولكنّ المختلف هذه المرة هو الحفاظ على الاستقرار الداخلي وعدم الدخول في مغامرات وعدم القيام بحروبٍ بالنيابة عن الآخرين. “الفِرجة” أفضل. ومن المؤكّد أنّ من يراقب حروب الآخرين لن يموت همّاً
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
يعيش لبنان تجربةً فريدة لم يشهد مثيلاً لها في تاريخه المعاصر. في وطنٍ عانى من “حروب الآخرين على أرضه”، وكان مرّةً ضحيّة ما يجري في فلسطين، ومرّة ما يحصل في مصر عبد الناصر، وفي سوريا الأسد، وما “حبلت” في بلدٍ إلا وأنجبت عندنا، ها هو، لمرّةٍ، يختار موقع المتفرّج على الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، ولو استُخدمت سماؤه كممرٍّ للصواريخ.
يعني ما يحصل أنّ الدولة، مستفيدةً من عوامل كثيرة، احتكرت هذه المرة قرار السلم والحرب الذي كان، في السابق، بيد حزب الله وقبله بيد سوريا وقبلهما بيد منظمة التحرير الفلسطينيّة… ما يختلف هذه المرة أنّ لا أسد في سوريا ولا أنياب لحزب الله في لبنان، والدولة بدأت تستعيد المبادرة مع الرئيس جوزاف عون، والرأي العام اللبناني أنهكته الحروب، وآخرها حرب الإسناد، وهو ليس في وارد الترحيب بتحويل لبنان إلى جبهة إسنادٍ لإيران، بعد أن ثبُتَ أنّ إسرائيل لا تتهاون مع كلّ من يهدّد أمنها، كما أنّ إيران لم تساند حزباً صنعته حين كان لبنان يتعرّض للقصف.
هي تجربة جديدة في الحياد، من المهمّ أن نبني عليها لكي تكفّ بيروت عن أن تكون قاعدةً للانقلابيّين في الدول العربيّة، أو لأصحاب المشاريع المتهوّرة، أو لأذرع الدول الأخرى، فتدفع الأثمان وتفقد الاستقرار، في وقتٍ كنّا ننتظر صيفاً استثنائيّاً، حبّذا لو ننقذه على الرغم من التطوّرات الأخيرة وانعكاساتها على حركة الطيران.
والجديد في المشهد اللبناني هو وحدة الموقف الرسمي، من رئيس الجمهوريّة إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجيّة، وجميعهم أصدروا بياناتٍ بروحيّةٍ واحدة، ومعهم حزب الله الذي اكتفى، حتى الآن، ببيانٍ يتيمٍ لا يخرج عن سقف الدولة.
لن يكون لبنان، بالتأكيد، بمنأى تماماً عمّا يحدث في المنطقة. ولكنّ المختلف هذه المرة هو الحفاظ على الاستقرار الداخلي وعدم الدخول في مغامرات وعدم القيام بحروبٍ بالنيابة عن الآخرين.
“الفِرجة” أفضل. ومن المؤكّد أنّ من يراقب حروب الآخرين لن يموت همّاً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() هل سرّب سلام أجواءً ضدّ عون؟ | ![]() حدا عارف عنّن شي؟ | ![]() أوهام الشيخ نعيم! |