عودة نغمة إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف… فليتمّ التراجع عن الحسابات الخاطئة

القفز فوق صلاحيات مصرف لبنان أو تعمُّد السَيْر بما يُرضي الأهواء الدولية ولو على حساب هذا القطاع، أو أيّ توجّه لا يُراعي الأصول القانونية السليمة ولا يأخذ في الاعتبار مصالح المؤسّسات، مصيره الفشل والتسبّب في خسائر ماليّةٍ هائلة.
كتبت كارول سلّوم لـ”هنا لبنان”:
في كلّ مرّةٍ تتحرّك فيها الجهات الدولية، ولا سيّما صندوق النقد، في اتجاه القيادات اللبنانية لعرض مطالبه تحت عنوان: “نفّذوا ما نريد وخذوا دعمًا ماليًّا”، تتكرّر معزوفة هيكلة القطاع المصرفي، وأوّل ما توجّه سهامها إلى هذا القطاع.
وعلى الرَّغم من المُلاحظات المُتحفّظة على بنود هذا المشروع، ولا سيّما أنّها مجحفة بحقّ القطاع المصرفي، فإنّ ثمّة فريقًا داخل الحكومة يريد استعادة أمجاد وزراء سابقين ارتكبوا أخطاءً فادحةً بحقّ المصارف وماليّة الدولة اللبنانية والسير بالمشروع. وهناك وزراء من هذا الفريق انطلقوا في تحريك الملف والدفع في اتجاه تمريره، ضاربين عرض الحائط ملاحظاتٍ أساسيّةً لمصرف لبنان، الذي يُمارس صلاحياته المنصوص عنها في قانون النقد والتسليف.
المعلومات المتوافرة تحدّثت عن رغبةٍ كامنةٍ لدى بعض الوزراء في تحقيق هذه الهيكلية، أيًّا يكن السبب.
وفي اعتقاد مصادر مواكِبة لهذا الملف، فإنّ استنساخ تجارب سابقة من سياسات الدعم والتخلّف عن دفع سندات “اليوروبوندز”، أو حتّى اللجوء إلى إجراءاتٍ لا تصبّ في مصلحة القطاع المصرفي الذي لعب أدوارًا رياديّةً في عزّ الأزمات، سيؤدّي في نهاية المطاف إلى خلق مشاكل جديدةٍ في هذه المرحلة التي تشهدها البلاد.
المصادر تسأل عبر “هنا لبنان” عن الغاية من القفز فوق صلاحيات مصرف لبنان أو تعمُّد السَيْر بما يُرضي الأهواء الدولية ولو على حساب هذا القطاع، مشيرةً إلى أنّ أيّ توجّه لا يُراعي الأصول القانونية السليمة ولا يأخذ في الاعتبار مصالح المؤسّسات، فإنّ مصيره الفشل والتسبّب في خسائر ماليّةٍ هائلة. وهذا الأمر يُعيد إلى الأذهان حساباتٍ خاطئةً انتهجتها الحكومات المتعاقبة.
وتشير إلى أنّ العودة إلى نغمة إعادة هيكلة المصارف من دون دراسةٍ شاملةٍ ومُعمّقةٍ تصون وتحمي القطاع المصرفي، تعني بشكلٍ مباشرٍ ارتكاب الخطيئة الكبرى بحقّ هذا القطاع الذي عُرِف بمتانته وصموده لسنوات.
لقد حان الوقت للإفساح في المجال أمام انتهاج سياساتٍ سليمةٍ ضمن رؤيةٍ واضحةٍ لا غُبار عليها، وتَحْفَظُ القطاع المصرفي ودوره، ويكون فيها دورٌ للمصرف المركزي الذي يتولّاه الحاكم كريم سعيد، المشهود له بنزاهته وكفاءته وخططه الصحيحة.