من القوّة إلى العبء

لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنّ هذا السلاح أصبح من دون مهمة، فهو انسحب من حرب إسناد غزة علمًا أنّ الحربَ في القطاع لا تزال مستمرةً ويدفع الفلسطينيون الثمن من أرواحهم ودمائهم وممتلكاتهم. كما أنّ هذا السلاح لم يعدْ يُستخدم منذ اتفاق وقف النار بين الحزب وإسرائيل في 27 تشرين الثاني 2024 للردّ على الاعتداءات الإسرائيلية التي تطال لبنان.
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
يعود الموفد الرئاسي الأميركي توماس باراك في الأيام القليلة المقبلة إلى لبنان من أجل حسم موضوع نزع سلاح حزب الله لا سيما أنّ هامش المناورة لدى الحزب وأنصاره في هذا الملف أصبح شبه معدوم لأنّ الأميركيين وضعوا جميع المسؤولين أمام حتميّة القرار إمّا تسليم السلاح وإمّا لا ولن يكون متاحًا أي خيار وسطي أو أي صيغة تحتمل التأويل أو التحايُل.
إنّ تخلّي حزب الله عن السلاح والعمل العسكري والأمني هو من أصعب وأخطر القرارات التي قد يُقدم عليها هذا الحزب باعتبار أنّ السلاح يشكّل ركيزةً أساسيةً في عمله ووجوده ودوره، وسيكون التخلّي عنه تخلٍ عن المهمة الأساسيّة التي نذر الحزب نفسه من أجلها وهي “إزالة إسرائيل من الوجود” و”نصرة المظلومين”. وسيقتصر الدور في هذا السّياق على مواقف وتصريحات سياسية وإعلامية لن تقدّم ولن تؤخّر لأن تأثيرها لن يكون مستندًا أبدًا إلى قوّة السلاح والخوف الناجم عنه.
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنّ هذا السلاح أصبح من دون مهمة، فهو انسحب من حرب إسناد غزة علمًا أنّ الحربَ في القطاع لا تزال مستمرةً ويدفع الفلسطينيون الثمن من أرواحهم ودمائهم وممتلكاتهم. كما أنّ هذا السلاح لم يعدْ يُستخدم منذ اتفاق وقف النار بين الحزب وإسرائيل في 27 تشرين الثاني 2024 للردّ على الاعتداءات الإسرائيلية التي تطال لبنان. فمنذ ذلك التاريخ، وصل عدد الذين سقطوا جرّاء هذه الاعتداءات إلى نحو 200 شخص غالبيّتهم الساحقة من عناصر وكوادر حزب الله. ولم يتدخّل الحزب في الحرب الإسرائيلية – الإيرانية لأنّه عمليًا وقف على الحياد واكتفى بإطلاق المواقف والتصريحات ولم يُطلق رصاصةً واحدةً متذرّعًا بأن إيران لا تحتاج إلى المساعدة وهي ذريعة يُراد منها فقط تبرير عدم التدخّل.
كلّ هذه الوقائع تدلّ في السياسة أنّ حزب الله فكّ ارتباطه العسكري مع فلسطين ولبنان وإيران وأصبح قوّة مجرّدة من آلته العسكرية حتّى ولو بقيت في مخازنه وبناه التحتية العسكرية ومع مقاتليه، فالقوّة العسكرية إن لم يكن مُتاحًا استخدامها تصبح من دون جدوى وعبئًا على مشغلها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() جريمة العودة للحرب | ![]() عرقلة “اليونيفيل” لعرقلة القرار 1701 | ![]() “الحزب من دون سلاح يفقد ماهيته” |