جعجع: إما أن نربط الانتشار بلبنان كي يعود أو نُقصيه تمامًا ونقول له “ابقَ في الغربة”

لبنان 2 تموز, 2025

أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “إحدى ركائز قوتنا الأساسية، إلى جانب الأرض والكرامة والإرادة والحرية، هي الانتشار اللبناني. ولولا هذا الانتشار، خلال السنوات الماضية، لكان الكثير من الناس قد اضطروا إلى مغادرة البلد، ولكانت سبل العيش قد انعدمت بالكامل أمامهم. لذا، فإنّ محاولة إبعاد المغتربين عن الشؤون الوطنيّة أمر مرفوض كلّيًّا”، مشدّدًا على أننا “جميعًا معنيّون بهذه المواجهة الكبرى، التي عنوانها بسيط: إما أن نربط الانتشار بلبنان أكثر فأكثر كي يعود تدريجيًّا كلما تحسّنت الأوضاع، أو أن نُقصيه تمامًا ونقول له: “ابقَ في الغربة، لا علاقة لك بلبنان، صوتك يبقى في الخارج ونحن نقرّر عنك شؤونك في الداخل. وهذا مبدأ مرفوض تمامًا”.

ولفت جعجع إلى أننا “في حزب القوات اللبنانية، وفي تكتل الجمهورية القوية، ومع حلفائنا في حزب الكتائب اللبنانيّة، والتغييريين، وحتى في الحزب التقدمي الاشتراكي، وتكتل الاعتدال الوطني، ومجموعة كبيرة من النواب المستقلّين، قرّرنا أن نعمل بكل ما أوتينا من قوّة ووسائل ديمقراطيّة وقانونيّة، كي نعيد الحقّ إلى المغتربين اللبنانيين ليصوّت كلّ واحد منهم في بلدته، في منطقته، في وطنه، ليبقى على صلة بلبنان، وألّا يُفصل عنه”.

كلام جعجع جاء خلال استقباله وفدًا من بلدة العاقورة، ضمّ: رئيس البلديّة بطرس مهنا وأعضاء المجلس البلدي، مختار العاقورة بطرس الهاشم، وحشد من الأهالي بحضور: عضو تكتل “الجمهوريّة القويّة” زياد حواط، رئيس جهاز الشهداء والأسرى والمُصابين في “القوات” المكلّف بمهام منسق منطقة جبيل حاليًّا شربل أبي عقل، رئيس مصلحة الطلاب عبدو عماد، رئيسا مركزي “القوات” في العاقورة فادي الهاشم وطوني عرب.

واعتبر جعجع أنه “تم، بتواطؤ من بعض القوى، العمل على فصل المغتربين، وعزلهم، ومنعهم من التصويت في الداخل اللبناني، في حين أنّ عملنا كلّه، على مدى مئة عام، يقوم على الربط بين المغتربين ولبنان. فلا يوجد مغترب لبناني غادر البلاد من تلقاء نفسه أو حبًّا في السفر، بل أُجبر على مغادرة الوطن بسبب الأوضاع المتردّية أو غير المستقرّة أو لانعدام سبل العيش الكريم. غادر لبنان مكرهًا، ومع ذلك، بقي يحمل الحنين والرغبة بالعودة أو، على الأقل، البقاء على تواصل مع أجواء لبنان. واليوم، حين نمنعه من التصويت في الداخل اللبناني، فإننا نقول له بشكل غير مباشر: “انسَ لبنان نهائيًّا”. فكيف لمغترب أن يهتمّ بشؤون بلدته ومنطقته ووطنه إذا لم يُسمح له بالمشاركة الفعليّة في الانتخابات النيابية؟”.

وشدّد جعجع على أن “وجود بعض الأحزاب التي لديها إجرام في تفكيرها، فلمجرّد أنهم يعلمون بعدم امتلاكهم أكثرية بين أصوات المغتربين، يسعون لإقصائهم عن التصويت في لبنان، لأنهم يعلمون أنّ هذه الأصوات قد لا تصبّ في صالحهم. ولهذا السبب بالتحديد، أدرجوا في القانون الحالي بندًا يفصل المغتربين عن الداخل، ويمنعهم من التصويت فيه، ولا يسمح لهم إلا بالاقتراع في الخارج لمرشّحين مخصّصين للاغتراب، عددهم ستة نوّاب فقط”.

تابع: “هل تعلمون كم لبنانيٍّ سجّل للمشاركة في الانتخابات الماضية وكم عدد المغتربين المدرجين على لوائح الشطب؟ 150 ألفًا سجّلوا، في حين أنّ عدد اللبنانيين المغتربين المسجّلين على لوائح الشطب يقارب المليون. نحن نقول لهؤلاء المليون لبناني: لا تعودوا، لا تفكروا بلبنان، ابقوا في الخارج، اهتموا بشؤونكم هناك، وسنعيّن لكم ستة نواب فقط ليهتموا بقضاياكم”.

وسأل: “هل يُعقل أن يقوم بذلك إنسان يملك ذرّة وطنيّة، أو ذرّة إنسانيّة، أو شعورًا بالمسؤوليّة؟! لقد قاموا بذلك، أو يحاولون القيام به. ونحن تصدّينا لهم، وسنواصل التصدي لهم حتى النهاية. ولكن علينا جميعًا أن نكون متّحدين في هذا المسار”.

ولفت إلى أنّ “ما حدث في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب هو التالي: هناك 67 نائبًا وقّعوا على اقتراح قانون معجّل مكرّر بشأن تعديل المادة 112 من قانون الإنتخابات المتعلّقة باقتراع المغتربين. هذا النوع من اقتراحات القوانين يُقدَّم عندما يكون الأمر ملحًّا، ويُفترض أن يُدرَج مباشرة على جدول أعمال أول جلسة نيابيّة بعد تقديمه. ومنذ أربعين عامًا حتى اليوم، لم يحصل أن قُدّم اقتراح قانون معجّل مكرّر ولم يُطرح في أول جلسة، إلا اقتراح القانون هذا فقط، والذي يهدف إلى إعادة حقّ التصويت للمغتربين في الداخل والذي قُدّم في أيار الماضي، ووقّع عليه 67 نائبًا. فلا تصدقوا كل ما يُقال، باعتبار أن هناك الكثير من الغش والكذب. عندما لم يدرج اقتراح القانون على جدول أعمال الجلسة عمدنا إلى إعداد عريضة لمطالبة الرئيس نبيه بري لإدراجه على جدول الأعمال وقد وصل عدد الموقّعين عليها إلى 62 نائبًا حتى الآن، ونحن مستمرّون بالعمل للوصول إلى 65 نائبًا”.

واعتبر جعجع أنّها “مواجهة كبرى، وليست مسألة ربح أو خسارة، بل مسألة موقف مبدئيّ: إمّا أن نُبقي على صلة المغتربين بوطنهم، أو نقول لهم: “ارحلوا، الله معكم، لا شأن لنا بكم، ولا شأن لكم بنا”. هذه المواجهة بدأت في الجلسة الماضية، وستستمر، ولن نستكين، لأنّها مواجهة محقّة. فهل يُعقل أن يكون أكثر من نصف المجلس مع اقتراح قانون ولا يُدرج على جدول الأعمال؟! ولِمَ كل هذا التأخير؟! قد يقولون إنهم سيطرحونه آخر السنة، أو إنّهم يريدون إرساله إلى اللجان الفرعيّة. كيف يُرسَل إلى لجنة فرعية ووزارتا الداخلية والخارجيّة تحتاجان، من الآن حتى مهلة شهر منه تقريبًا، إلى معرفة القانون الذي ستُجرى بموجبه الانتخابات في الخارج، كي تبدآ التحضير لها؟! فتسجيل المغتربين يبدأ في تشرين الأول أو الثاني، أي بعد ثلاثة أشهر فقط، وإذا لم يُعرف القانون الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات، كيف ستتحضّر وزارة الخارجية لتنظيمها في الخارج؟ كلّ هذا يجري من أجل التخلص من أصوات المغتربين، لأنّ بعضهم يظنّ أنّ المغتربين لن يصوّتوا لهم. وها هم يثبتون للمغتربين لماذا يجب ألّا يصوّتوا لهم أصلًا”.

وأكّد جعجع أننا “كلنا معنيّون، وسنواصل نضالنا بكل الوسائل الديمقراطيّة. وقد تلقيت اتصالات كثيرة من الجاليات اللبنانية في الخارج، ومن مجموعات اغترابية بدأت هي أيضًا تتحرك، لأنّ ما يجري غير مقبول على الإطلاق”.

ومن جهة أخرى، اعتبر أن “الأولويّة تبقى أن يكون لدينا دولة فعليّة في لبنان”، وقال: “حتى اللحظة، لم نصل إلى هذه الدولة. وطالما لم نصل إليها لن نتمكن من تحسين أوضاعنا، وكي تقوم هذه الدولة يجب أن يكون لدينا في البلاد سلاح واحد فقط. فالمعادلة واضحة وبسيطة”.

واستطرد: “بعضهم يقول إنه يجب ألا نرضخ للضغوط الأميركيّة، في حين أن لا علاقة لنا بضغوط أميركيّة أو غيرها. هذه دولتنا، وهذا بلدنا، وهذا ما يجب أن يتمّ، يقولون: إسرائيل موجودة في الجنوب، في حين أنّ هذا الامر سبب أوّليّ لكي نكون بحاجة لدولة فعليّة، وإن لم يصبح لدينا هكذا دولة فنحن لن نتمكن من التحرّك لا شمالًا ولا يمينًا، لا من ناحية سياديّة أو لناحية المساعدات الخارجيّة، وطالما هناك سلاح خارج إطار الدولة فلن تقوم دولة فعليّة، وبالتالي أكثر موضوع ملح ومطلوب معالجته في الوقت الراهن هو وضع جدول زمني واضح لا يتجاوز بضعة أشهر، تقوم الدولة بموجبه بجمع كل الأسلحة لصالحها”.

وشدّد على أن “هذا الموضوع رئيسي وعلينا جميعًا العمل من أجل أن نوصله إلى خواتيمه المرجوّة، وحتى الآن، هناك بطء شديد لا أعلم سببه، لكن هذا البطء سيؤدّي في النهاية إلى كارثة علينا جميعًا كبلد. فهل يُعقل، بعد كلّ ما مررنا به، وحلمنا الكبير بأن يكون لنا دولة قادرة وقويّة، أن نبقى على الوضع نفسه الذي عشناه لأربعين عامًا؟! طالما لم يُجمع السلاح من جميع الفرقاء في الداخل، إن كان اسمه “حزب الله” أو “منظمات فلسطينيّة” أو أي جهة أخرى، لن يكون لدينا دولة فعلية”.

وكان قد استهل جعجع كلمته بالترحيب بالحضور، وقال: “لقد أضفى بطرس، رئيس البلدية، على المناسبة طابعًا رسميًّا بعض الشيء، بينما في الحقيقة هي ذات طابع عائلي أكثر بكثير. أنتم هنا في بيتكم، وأنا في غاية السرور بوجودكم. يسعدني أنّنا، بعد سنوات وسنوات لم تسنح لنا الفرصة خلالها باللقاء، تمكّنا أخيرًا من ذلك. أهلًا وسهلًا بكم من القلب”.

وتابع: “كما تعلمون، كل هيكل لا بدّ أن يقوم على أعمدة، كذلك هو حال لبنان، فهو أيضًا له أعمدة يقوم عليها، سواء شئنا ذلك أم أبينا. والعاقورة هي واحدة من هذه الأعمدة. لقد عدّد بطرس في كلمته بعضًا من هذه الأعمدة في لبنان، ولا شكّ أنّ هناك أعمدة أخرى أيضًا، إلا أنّ العاقورة من دون أدنى شكّ تُعدّ من أعمدة لبنان. شأنها في ذلك شأن تنورين، إهدن، بشري، دير الأحمر، زحلة، بكفيا، دير القمر، وسائر قرانا الكبيرة. ولاحظوا كيف أنّ التاريخ ينتقل من مكان إلى آخر، كأنّه ضوء كشاف يتحرّك من بقعة إلى أخرى، لكنّه يسلّط نوره دائمًا على العاقورة. ولهذا، تقع على عاتقكم مسؤوليات كبيرة. لا تفرحوا فقط لكون العاقورة من أعمدة لبنان، لأنّ هذا يحمّلكم أعباءً ومسؤوليّات جسيمة، كي تنال هذه البلدة حقوقها، وهي حقوق لم تحصل عليها منذ زمن طويل، وذلك لعدّة أسباب ، منها ما هو خارجي، أي من خارج العاقورة، ومنها ما هو داخلي، أي من داخلها. أسمى تمنياتي أن تزول الأسباب الداخلية تمامًا، وقد زالت إلى حدّ كبير، كي تتمكّن العاقورة من تحمل مسؤولياتها كأحد أعمدة هذا الكيان على أفضل وجه”.

وتوجّه بالتهنئة القلبيّة للمجلس البلدي الجديد، وقال: “الانتخابات التي جرت كانت بالفعل ديمقراطيّة للغاية، بغض النظر عن كيفيّة تقلب نتائجها. العملية برمّتها لم تثر أي اعتراضات أو ملاحظات تُذكر. وأنا، الذي تابعت الانتخابات في العديد من المناطق والبلدات اللبنانيّة، لم أسمع أحدًا يشكّك بمدى ديمقراطيتها، ولا سيما في منطقة متنوعة كالعاقورة. مبارك لكم، مبارك للبلدية، ومبارك للعاقورة. وكما قال رئيس البلدية، المهم أنّ الانتخابات أصبحت وراءنا، والمستقبل أمامنا”.

وتوجّه إلى رئيس البلديّة بالقول: “ريّس بطرس”، أودّ أن أقول لك بكل صراحة: بقدر فرحتي بتوليك رئاسة بلدية العاقورة، بقدر ما أشعر بثقل المسؤولية، لأنّ العاقورة تحتاج إلى الكثير من العمل الجاد. لذلك، لا أكتفي بالأمنيات، بل أطلب منك ألا تكلّ ليلًا أو نهارًا، مع جميع أعضاء المجلس البلدي، كي تعملوا على سدّ كل الثغرات الموجودة في العاقورة. أما نحن، فلا حاجة لأن نُوصى، فنحن من دون شكّ خلفكم. لا يمكننا أن نكون أمامكم على المستوى المحلي، على المستوى الوطني نحن بطبيعة الحال أمامكم، ولكن على المستوى المحلي أنتم مَن يجب أن يكون في المقدمة، ونحن خلفكم، إلى جانبكم، إلى شمالكم ويمينكم، قدر ما تشاؤون، لكن لا بدّ أن تكونوا أنتم في الطليعة. هذا يعني أنّ عليكم وضع خطة عمل واضحة، وتحضير ملفاتكم بإتقان، لكي نتمكن من دعمها ملفًا تلو الآخر”.

وتوجّه إلى الحضور بالقول: “أنتم في منطقة جبليّة، ومن منطقة جبيل، ولكم نائب نادر مثيله، نائب يعيش مع شعبه، ليلًا ونهارًا، لا يشغله شيء سوى قضاياهم وهمومهم. وبالتالي، كلّ شيء جاهز ليتحقّق، شرط أن تقوموا بتحضيره أنتم”. وشدّد على أنّ “الملف الذي لا يكون محضّرًا كما يجب، لن يؤدّي إلى نتيجة. فإذا جئتم كبلدية إلى نائبكم، زياد حوّاط، وقلتم له إنّ البلدة تعاني من غياب المياه والصرف الصحي وسواها، فماذا يمكنه أن يفعل؟ لا يمكنكم فقط أن تلقوا عليه مجموعة من الشكاوى من دون تنظيم. أمّا إذا أتيتم إليه بملفّ واضح المعالم، كأن تقولوا إن هناك طريقًا محدّدًا نريد شقّه لأنه يحرر مساحات شاسعة من الأراضي، فسيأخذ الملف، وإن كان فيه ما يحتاج إلى عمل، فسنعمل عليه، وإن لم يتمكن هو من إنجازه، سيتواصل معنا بشأنه، وأنا أعدكم أنني سأتابع كل ملف يصلني حتى النهاية”.

تابع: “لا تنسوا عندكم أيضًا دعم أساسي في اتحاد البلديات من خلال رفيقنا الدكتور بشير إلياس، الذي ناضل طويلًا، ومن خلال نضاله أصبح رئيسًا لبلدية ميفوق، وهو في الوقت عينه نائب رئيس الاتحاد، ويتابع ملفات عدة. وأعتقد أن رفيقنا بشير سيكون على قدر المسؤوليّة. لذلك، يا شباب البلدية، يا عموم أهالي العاقورة – وأحبّ هذا التعبير لأنّ استخدامه نادر – تأكدوا أنّ أمامكم فرصًا كبيرة وكلّ شيء متاح أمامكم. لا تخطئوا الظنّ، فاليوم أصبحت يدنا في الدولة قادرة على الوصول، ليس إلى كلّ شيء، لكن إلى الكثير. عليكم أن تحضّروا ملفاتكم كما يجب، ونحن سندعمكم طالما نحن موجودون”.

ختم: “أهنئكم مجددًا بانتخاب البلدية الجديدة في العاقورة. وأهنئ البلدة على العملية الانتخابية، لأنه رغم حدّتها، كانت من المرّات النادرة التي قبل فيها الجميع النتائج كما هي، من دون اعتراضات أو طعون. هذه بداية ممتازة. وأهم ما في الأمر، أن البلدية الجديدة تعتبر أنّ الانتخابات باتت خلفها، وأنّ الوقت الآن للعمل. علينا جميعًا أن نعمل معًا، لعلّنا نتمكّن، خلال السنوات الخمس المقبلة، من تعويض ما فات العاقورة خلال الخمسين سنة الماضية. في هذا السياق، نائبكم، ومنسّق المنطقة الحاضر معنا الآن، ونحن في حزب “القوات اللبنانية”، وأنا شخصيًّا، بما أكنّه للعاقورة من مشاعر طبيعيّة، نؤكد لكم أننا إلى جانبكم بالكامل. لكن في ما يخصّ شؤون العاقورة، يجب أن تكونوا أنتم في المقدّمة. أتمنى لكم كل النجاح. وإن شاء الله، يكون لنا لقاء قريب عند أول خطوة جدّيّة في العاقورة، لتبقوا دائمًا في قلب الخير”.

من جهته ألقى رئيس البلديّة بطرس مهنا كلمته قال في مستهلها: “حكيم، إنّ هذا لأعظم شرف لي في مسيرتي السياسية المتواضعة، أن أكون على هذا المنبر الذي تقف عليه حضرتك. وهذه أول مرّة، في حياتي، يحدث فيها أمران في آنٍ معًا. أولًا، سأقرأ خطابًا مكتوبًا ومقتضبًا، وثانيًا، هي المرّة الأولى التي تتحدّث فيها “القوات اللبنانية” بلسانٍ عاقوري، وليس العكس. مع العلم، وإذا ما عدنا إلى الوجدان واليقين، فأنا أعتقد أنّ كل عاقوري يجب أن يكون قواتيًا، رغم أنّ كثيرين – وللأسف – وضعوا البطاقة في الجيب، ولكن كان في القلب شيء آخر. ومع ذلك، نحن نبقى أبناء العاقورة، ونبقى “قوات لبنانية”.

تابع: ” لقد أتيناك من أولى جبّات الموارنة، من تاريخ المقدمين، من قمم النسور، من أرض الشهادة، من بلدة الإيمان بالله ولبنان. إنّ العاقورة في حضرتك ليست مجلسًا بلديًا فحسب، بل هي رسالة احتضان متبادل، وعهد نضال مشترك من أجل القضية، في لحظة الانتصار اللبناني على كل التحديات. بهذا المعنى، تحضر بشري، إهدن، تنورين، العاقورة، زحلة، دير الأحمر، وسائر بلدات هذا الجبل العصِيّ، التي لم تكن يومًا بحجم حدودها وعدد سكانها، بل كانت في قلب متاريس الكيان، وروحه، وحرية أبنائه، لدى كل الطوائف والمذاهب، وعند من أدرك ذلك، ومن لم يدرك. أيها القائد المناضل، لقد علمتنا أن لا مراتب بين اللبنانيين سوى مراتب النضال والتضحية. وعلّمتنا أيضًا أنّ الانتصار لا تُترجم معانيه إلّا بالمسؤولية. لقد جئناك مقدّرين وشاكرين، ليس فقط على ماضٍ انتصرت فيه على التحديات الشخصية، وفي المعركة الوطنية العامة، بل على حاضرٍ تجتمع فيه كل انتصارات المرحلة، وعلى مستقبلٍ واعد بقيام الدولة، ودوركم الحاسم في هذا الطريق. اسمح لي، باسم من لبّى نداء زيارتكم اليوم من أهل بلدتي، وباسم المجلس البلدي، أن نُفسح أمامكم لنقول إنّنا نقيم رهانًا على رعايتكم، وعلى رعاية حزب القوات اللبنانية لبلدتنا، كما لسائر البلدات التي نَعِمَت بهذه الرعاية. إننا في هذا المجال نطمح أن يُؤخَذ في الحسبان دور بلدتنا في معادلة العمل الوطني والسياسي، من خلال حزب القوات اللبنانية، بقيادتكم الحكيمة”.

وأكّد أنّ “المجلس البلدي يقف على مسافة واحدة من جميع أبناء العاقورة وعائلاتها، حيث لا انقسام ولا تقسيم. وإنني، من هذا المنبر، أدعو الأعضاء المستقلين إلى العودة عن استقالتهم، والمشاركة الفعلية والنشطة في الإدارة المحلية للبلدة. هذا الإدراك هو إدراك عميق وتأسيسي في تاريخ بلدتنا، ويتصل بوحدتها، ووحدة عائلاتها. ومن يخالف هذا الإيمان، يتنكّر لمعنى وجوده الاجتماعي والتاريخي في بلدتنا الحبيبة، العاقورة”.

ختم: “شكرًا لك. شكرًا للذي لم يحنِ رأسه إلّا لمهابة ربه ولبنان”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us