إصلاح المصارف على نار حامية: سعيد مصرّ على تحديد “صلاحيات الهيئة المصرفية العليا”


خاص 3 تموز, 2025

تُناط بالهيئة المصرفية العليا، إضافةً إلى صلاحياتها الأساسية الممنوحة بموجب القوانين ذات الصلة، مهامّ إعادة الهيكلة المحدّدة بالاقتراح المُقدّم من حاكم مصرف لبنان، على أن يتمّ تعديل قانون الهيئة المصرفية العليا لناحية استبدال العضو المُعيّن بناءً على اقتراح جمعية المصارف في لجنة الرقابة، برئيس لجنة الرقابة على المصارف.


كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:

يتّفق معظم أعضاء اللجنة الفرعية للجنة المال والموازنة المخصّصة لدراسة قانون إصلاح المصارف على حماية المسار الإصلاحي التشريعي من الدوران في حلقةٍ مفرغةٍ من جهةٍ، ومن انعكاس هذا الانقسام على العملية التنفيذية الإصلاحية المالية المطلوبة محليًا ودوليًا من جهةٍ أخرى. مع تأكيد الحاضرين على ضرورة إسراع الحكومة بإحالة قانون الانتظام المالي إلى المجلس النيابي، وهو القانون الذي يلحظ في جوهره استرداد الودائع وتوزيع المسؤوليّات، نظرًا للارتباط القانوني والتنفيذي بين قانون إصلاح المصارف وقانون الانتظام المالي، كما هو وارد في أكثر من مادة، لا سيما المادة 36 من مشروع قانون إصلاح المصارف، ما يساهم في تحديد الفجْوة بالتوازي مع إصلاح المصارف معًا.

أمّا في المضمون، فالتباينات واضحة داخل اللجنة، بين فريق الحكومة وحاكم مصرف لبنان، خاصةً لناحية “الهيئة المصرفية العليا وصلاحياتها”. فقد أظهرت النّقاشات محاولات من بعض الفريق المحيط برئيس الحكومة نوّاف سلام ووزير الاقتصاد عامر البساط، إلى جانب وزير المال ياسين جابر، للدفع بهذا القانون قدمًا للإسراع بإقراره في مجلس النواب قبل إتمام التعديلات اللازمة، بحجّة أنّ المجتمع الدولي وصندوق النقد ينتظران هذا القانون للمضي قدمًا ببرامج المساعدات للبنان.

يأتي هذا التحرّك على الرَّغم من أن الوزير جابر يعلم جيدًا أنّ مشروع القانون المطروح لا يلبّي فعليًا المعايير المطلوبة، سواء من حيث الهيكلية أو الصياغة القانونية، أو حتى توازن السلطات بين المؤسسات. كما أبدى حاكم مصرف لبنان وعدد من النواب مجموعةً من الملاحظات القانونية على جوهر هذا القانون، وخاصةً حاكم المركزي كريم سعيد، الذي يربط كلّ ملاحظاته بقانون النقد والتسليف، معتبرًا أن موضوع هذا القانون خط أحمر يجب احترامه، وإلّا فلا يمكن السير بأي قانون لإصلاح المصارف.

يلحظ قانون إصلاح المصارف تشكيل “الهيئة المصرفية العليا”، التي تُناط بها عمليًا مسألة البتّ بأي موضوع يتعلّق بتصفية المصارف أو دمجها، أو بإصلاح وضعها بحسب ظروفها، بعد التقييم المستقلّ لأوضاع هذه المصارف. الاقتراح الذي قدّمته الحكومة لم يوافق عليه حاكم مصرف لبنان لما يحمل مضمونه من خرقٍ لصلاحيات مصرف لبنان من باب الصلاحيات المُناطة بهذه الهيئة وأعضائها. ومن هنا تقدم حاكم مصرف لبنان كريم سعيد باقتراحٍ لتعديل مشروع الحكومة، خاصةً لناحية تكوين وصلاحيات هذه الهيئة، مع التركيز على استقلالية مصرف لبنان والهيئة العليا عن أي تداخل سياسي من قبل الحكومة أو مصرفي من قبل المصارف.

الاقتراح الذي قدمه حاكم مصرف لبنان لم يلقَ ترحيبًا من فريق رئيس الحكومة، ويهدف إلى إنشاء هيئة مستقلة عن الهيئة المصرفية العليا، لا يتم تعيين خبراء فيها من قبل الحكومة أو ممثلين عن المصارف، لأنها تتعلق باتخاذ قرارات بشأن أوضاع المصارف. على أن يكون في صلب مهامّ هذه الهيئة حماية القطاع المصرفي من أي أزمات نظامية مستقبلية، لتقوم هذه الهيئة بدراسة أوضاع المصارف. فيما يصرّ سعيد أيضًا على تحديد موجبات وصلاحيات أعضاء الهيئة المصرفية العليا.

في الاقتراح المقدّم من سعيد، يتمّ اعتماد الهيئة المصرفية العليا المُنشأة بموجب القانون رقم 28/1967 بتاريخ 9/5/1967 كمرجع معني باتخاذ قرارات حول المصارف التي يتوجّب إخضاعها لعمليات إصلاح الوضع أو عمليات التصفية، وذلك بعد انتهاء مفاعيل الأزمة المصرفية والمالية التي ما يزال يعاني منها لبنان منذ العام 2019، وعند عدم وجود أي أزمة أخرى تتّصف بالنظامية أو أي أزمة قطع مصرفي، وذلك فقط لإصلاح وضع مصرف واحد متعثّر وفقًا لأحكام هذا القانون. وتُناط بالهيئة المصرفية العليا، إضافةً إلى صلاحياتها الأساسية الممنوحة بموجب القوانين ذات الصلة، مهامّ إعادة الهيكلة المحدّدة بالاقتراح المُقدّم من حاكم مصرف لبنان، على أن يتمّ تعديل قانون الهيئة المصرفية العليا لناحية استبدال العضو المُعيّن بناءً على اقتراح جمعية المصارف في لجنة الرقابة برئيس لجنة الرقابة على المصارف.

يؤكّد حاكم مصرف لبنان في كل اجتماع أنّ القانون الجاري دراسته حاليًا من قبل لجنة المال والموازنة النيابية، وأي قوانين أخرى حالية أو مستقبلية تتعلّق بالتوازن المالي أو قانون توزيع المسؤوليات المالية، يتمّ اقتراحها من قبل مجلس الوزراء وتُقرّ من قبل مجلس النواب، في حين يقتصر دور مصرف لبنان، عملًا بالمادتين 71 و72 من قانون النقد والتسليف، على تقديم الرأي والمشورة والتوجيه، بهدفٍ وحيدٍ يتمثل في تعزيز فعّالية تلك القوانين وضمان انسجام أي تشريعات جديدة مع الإطار التشريعي المصرفي القائم.

وفي الجلسات السابقة للجنة الفرعية للجنة المال والموازنة، تمّ الاتفاق على عملية تعريف عمليات التصفية، والقيمة الصافية للموجودات، والمدفوعات المتوجّبة لموظفي المصارف، ومفهوم المودع الواحد. كما تم تعديل وإعادة صياغة المادة 2 من القانون، وتعديل المادة 3 منه، بما يكرّس استقلالية مصرف لبنان ودوره في الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، وحماية الودائع في عملية التصفية والإصلاح، التزامًا بالمادة 70 من قانون النقد والتسليف.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us