جورج عبد الله: مناضلٌ أو قاتل؟

سيكون يوم الجمعة المقبل مناسبةً لأهل الممانعة، وللذمّيين الجدد، وللمتملّقين الدائمين، وللرومانسيين، وعلى رأسهم أسامة سعد، لامتداح السيرة النضالية لمن تأخر الإفراج عنه أكثر من عشرين سنة، لا لكونه بريئًا ممّا نُسب إليه، بل لأنّ الإفراج المشروط هو أحد أوجه القضاء الرحوم، الذي ما عرفه نظام عربي على مدى عقودٍ وعقود.
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:
لم تصدر المحاكم الفرنسية حكم المؤبّد على أبرز مؤسّسي “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية” الماركسية جورج إبراهيم عبد الله في العام 1987 لامتلاكه جواز سفر جزائريًا مزوّرًا.
ولم يُسجن عبد الله في فرنسا ويتأجّل الإفراج عنه غير مرة، لأنّه صاحب رأي معارض للإمبريالية الأميركية، ولا لأنه متأثرٌ بأفكار إرنست همنغواي.
ولم يُسجن لأنه سرق بقرةً من الريف الفرنسي.
فالمناضل الأممي مُدانٌ بالمشاركة في اغتيال ياكوف بارسيمنتوف، السكرتير الثاني للسفارة الإسرائيلية في فرنسا، في 3 نيسان من العام 1982، والملحق العسكري الأميركي في باريس، تشارلز روبرت راي (18 كانون الثاني 1982)، وبمحاولة قتل القنصل العام الأميركي روبرت هوم في ستراسبورغ في 1984. كما أن “الفصائل الثورية” التي لم يتخطَّ عديدها العشرات، تبنَّت 5 هجمات في أوروبا ما بين عامَي 1981 و1982 تحت عنوان دعم القضية الفلسطينية.
وهو في الحقيقة لم يُدافِع عن فلسطين على خطّ تماسٍ مع الأرض المحتلة، بل بثّ الرعب في فرنسا وكأنّها أرض سائبة أو أرض صراع.
قاتلٌ أو مناضل؟
السؤال نفسه يصحّ في الثعلب الفنزويلي كارلوس، أحد أسياد الإرهاب الدولي في القرن العشرين، القابع في سجن فرنسي هادئ بعدما ضجّ العالم بـ”نضالاته”؟ كارلوس يُمضي شيخوخته في سجن “La Santé”، وفي 25 تموز سيخرج عبد الله، المسجون منذ حوالي 41 عامًا، من سجن لانميزان، بأفضل santé.
يُفهَم أن يكون النضال ضد محتلّ، كما فعلت المقاومة الفرنسية ضد الألمان، وكما فعل الجزائريون ضد الفرنسيين، أو أن يكون النضال ضد حكم ظالم، أو أن يكون النضال ضد التمييز العنصري، كما فعل “المناضل” نيلسون مانديلا في بلاده.
أمّا نضال عبد الله، فأشبه بنضال أبو نضال، ومن توسّلوا العنف ضد المدنيين، على أرض صديقة، لتحقيق أهدافهم “الساميّة”.
المهم، سيكون يوم الجمعة المقبل مناسبةً لأهل الممانعة، وللذمّيين الجدد، وللمتملّقين الدائمين، وللرومانسيين، وعلى رأسهم أسامة سعد، لامتداح السيرة النضالية لمن تأخر الإفراج عنه أكثر من عشرين سنة، لا لكونه بريئًا ممّا نُسب إليه، بل لأنّ الإفراج المشروط هو أحد أوجه القضاء الرحوم، الذي ما عرفه نظام عربي على مدى عقودٍ وعقود.
ليشكر عبد الله، البالغ من العمر 74 عامًا، الله أو من يشاء، أنّه سيخرج من السجن الفرنسي بكامل نضارته، بدلًا من أن تُخرجَ عظامه من مقبرةٍ جماعيةٍ على تخوم سجن صيدنايا أو تدمر، كما حصل مع مناضلين آخرين.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() التقرير الحاقد | ![]() شيخ نعيم حلّ عنّا! | ![]() شو بتعرفوا عن رندلى؟ |